سويف: علينا أن نتعلّم من القدّيس يوسف كيف نصغي لصوت الله وعبره لأخينا الإنسان المتألّم
في عظته، شدّد سويف على دور مار يوسف في حياة كلّ إنسان وفي تاريخ البشريّة، فقال:
"نحن نشكر الرّبّ على محبّته اللّامتناهية وعلى رحمته الّتي رافقت الإنسان ولا تزال، وهذه المحبّة الّتي ظهرت بملء الزّمن بشكل بارز جدًّا لحظة إرسال الله ابنه الوحيد يسوع كلمَته، الّذي أرسله متجسّدًا من العذراء مريم ومن الرّوح القدس، وبه خلق الله كلّ شيء وقبله لم يكن شيئًا، كما يقول يوحنّا بالنّشيد. وبهذا التّدبير الخلاصيّ، أراد الله الّذي هو الحنان والرّحمة والمحبّة والانحناء أن ينتشل الإنسان من الحزن والتّعاسة والشّقاء أيّ الموت الرّوحيّ إلى الحياة. وأراد الله أن يعيد هذه العائلة البشريّة إلى عائلة الثّالوث الأقدس لذلك دعا مريم العذراء ورَجُلها القدّيس البارّ يوسف حتّى يكون المهيّىء والحاضن والمرافق لهذا الحدث العظيم، وهو ولادة الربّ يسوع. ومن خلال عائلة النّاصرة ستعود العائلة البشريّة إلى الحياة حيث يصبح الإنسان قويًّا ببناء العائلة على مثال العائلة المقدّسة .
لا يمكن إلّا أن نشكر الرّبّ لأنّ هذه العودة تمّت يوم الجمعة العظيمة حين رُفِع الرّبّ على الصّليب. فالإنسان من دون ابن الله هو هشّ وضعيف، وكم يصبح قويًّا وثابتًا عندما يؤمن بالرّبّ ويتّحد به ويعلن إيمانه ويثبّت رجاءه بقوّة الله القدّوس. فالإنسان يصبح قويًّا ببناء العائلة الّتي كان مريم ويوسف نواة عودتها إلى الله وإلى الحقّ الّذي يحرّر الإنسان.
لمار يوسف دور أساسيّ جدًّا في حياتنا وفي تاريخ الخلاص، وأهمّيّة دوره وعمق رسالته لا تكمن في معايير منطقنا البشريّ. فهذا القدّيس البارّ جاء لِيَضَع معايير سامية تختلف عن معايير البشريّة فاستسلم كلّيًّا لإرادة الرّبّ وعنايته والإصغاء لكلامه وصوته. فالإنسان القويّ كمار يوسف هو قويّ بصمته وإصغائه ومواجهة الأزمة وباتّكاله وثقته بالرّبّ والإستسلام لعناية الرّبّ. ونحن بدورنا علينا أن نتعلّم من القدّيس يوسف كيف نصغي لصوت الله وعبره لأخينا الإنسان المتألّم.
العيد هو إعادة النّظر بالأولويّات ومفهوم الإصغاء للرّبّ ولإنجيله وكلامه الحيّ فينا، فعلى الإصغاء أن يكون عميقًا وصادقًا. فكما المخلّع شُفي من خلال الجماعة الّتي أوصلته بقوّة الإيمان والرّجاء والإصغاء إلى صوت المسيح، علينا أن نصغي ونسعى لوضع أولويّة في حياتنا لمعرفة قيمة الإصغاء لكي نعرف كيف ننطق بالكلمة الّتي تبني وتحترم الإنسان دون تمييز بل تشمل العائلة البشريّة الّتي تتجدّد من نعمة الإصغاء وتحيا بالأخوّة الإنسانيّة".
وفي الختام، شكر فيّاض المطران سويف على ترؤّسه القدّاس مقدّمًا له صورة مار يوسف كهديّة رمزيّة. بعدها التقى الجميع حول مائدة المحبّة.