لبنان
02 نيسان 2021, 15:55

سويف إلى المسؤولين: بحقّ صليب المسيح، كفّوا عن ممارسة الظلم بحقّ شعب يسير درب جلجلة شاقّة طويلة

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة، المطران يوسف سويف، رتبة سجدة الصّليب في كنيسة "مارت مورا" في القبيّات. وبعد تلاوة أناجيل الصّلب، تلى سويف عظة تأمّل فيها بيوم "الجمعة العظيمة"، وقال بحسب إعلام الأبرشيّة:

"ننحني لصليب يسوع وعيوننا شاخصة نحو المصلوب، فنصلّي. إنّنا نؤمن بأنّ لبنان المعلَّق على الصليب سيغلب الشّرّ بنِعَم صليب المسيح، فلبنان الكلمة والفكر وحضارة المحبّة وثقافة الحوار والانفتاح والحرّيّة، سيظفر على الظّلم الذي قبل أن يأتي من الخارج، ينبع وللأسف من الدّاخل. ظلمٌ بحقّ شعبٍ، بحقّ الإنسان اللّبنانيّ، هذه الشخصيّة التي زيّنها الله بالقوّة والخلق والإبداع وبقوّة الحبّ والرّجاء، فمن أزمة تلو الأخرى ومحنة تلو المحنة وظلم تلو الظلم وكلّ ذلك من جرّاء ممارسة خاطئة سيّئة لإدارة الشأن العام".

وتوجّه الى المسؤولين سائلهم "بحقّ صليب المسيح، كفّوا عن ممارسة الظلم بحقّ شعبٍ يسير درب جلجلة شاقّة طويلة، يأمل أن تنتهي فينعم بالخلاص والأمان والاستقرار. 

بحقّ صليب المسيح الفادي والمخلّص، خذوا المبادرة الجريئة الشجاعة، كشجاعة هذا الشعب العظيم وائتوا بالحلول غير منتظرين الخارج، بل استنبطوها من الداخل وهي واضحة وضوح الشمس، شمس الحقّ والبرّ. إستخدموا ما أوكلتم عليه بوضوح وشفافيّة وبحوكمة نظيفة وسليمة تؤمّن للبنان بكلّ مناطقه الإنماء العادل وتصون كرامة كلّ مواطنة ومواطن. وما نطالب به القيّمين على شؤون الوطن وعلينا، نطالب به ذواتنا، كلٌّ منّا من موقع مسؤوليّته.

بحقّ صليب يسوع، توبوا الى الحبّ والعدل وأميتوا كلّ الأهواء وأنواع الطمع والجشع واستباحة خيرات البشر وأتعابهم، وعودوا الى الله ربّ الكون وسيّد التاريخ، فاحص القلوب والكلى والذي يعرف الباطن، وارحموا شعباً كاملاً يرزح تحت نير الجوع والفقر والعوز والبؤس، وأشفقوا على أطفالٍ مات المسيح من أجلهم ليخرجهم من كلّ أنواع العبوديّة. تطلّعوا الى آمال شباب يرغبون ببناء مستقبلٍ لائق بسيط زاهر في وطنهم وعاملوهم كما ترغبون أنتم أن يعامَل أبناؤكم.

في هذا اليوم، نقرأ بعمق الأحداث التي عاشها يسوع، لحظة اختبر كإنسانٍ الألم الذي لا نستطيع أن نستوعبه، وساعة تحمّل الوجع كابن الله وقد قبله طوعًا لهدف أساسي تجسّد لأجله وهو خلاصُنا. لذلك، هذا اليوم وبالرغم من أنّه يوم حزن وألم، إلّا أنّه يوم عزاء وشكر، لأننا بدونه لَكنّا ما زلنا في الموت. إنّه اليوم الذي أتمّ فيه يسوع من على الصليب كلّ شيء وحنى رأسه وأسلم الروح، فشُقِّقت الصخور، وانفتحت القبور، وانشطر حجاب الهيكل الى اثنين. بفعل حبٍّ كبير وطاعة مُطلقة عاشها أيضًا يوسف البارّ، حقّق يسوع مشيئة الآب، وهو ما خطّط له الله في فكره وقلبه بعد عصيان الإنسان والسقطة، إنّها اللحظة حيث "تم كل شيء". لاهوتيًّا إنّه التدبير، هو مسيرة بدأت في العهد القديم واكتملت مع المسيح آدم العهد الجديد، وهي تتابع بوحي الروح القدس في الكنيسة. "لقد تمّ"، وهو تتميم لإعادة تكوين البشريّة التي دخلت في منطق الأنانيّة والفساد والخطيئة والتكبّر فوُلِدَت من جديد من أحشاء الله في اليوم السادس، يوم الجمعة.

يوم الجمعة، تلامس الأرض الصليب لتتكوّن من جديد في هذا اليوم السادس للعهد الجديد. اليوم، نسير مع الحَمل درب الجلجلة لنساعده في حمل صليبنا كالقيروانيّ. اليوم، نترجّى بإيمانٍ مع لصّ اليمين أن تُغفَر خطيئتنا بفعل حبّ المصلوب، ونرتوي كالجنديّ من دم وماء جنب المسيح فتنفتح عيوننا. اليوم فلْندخل القبر مع المسيح ليقيمنا معه منتصرين على إنساننا العتيق فنُدعى أبناء الصليب الظافر".

وتوجّه سويف الى المؤمنين قائلًا "نعم يا أحبّائي، بالرغم من واقع الوباء الذي يمنعنا من المشاركة في رعايانا في الاحتفالات بيوم الجمعة العظيمة، دعونا نعيش روحيًّا وداخليًّا كلٌّ من مكانه رهبة السجود للصليب وكلّنا ثقة أنّه سيخلّصنا. تعالوا نسجد أمام صليب الجمعة فنتحرّر من قيود الخطيئة التي تُميت، وأفظعها اللّامبالاة، وأشنعها الدوس على كرامة الإنسان، وأبشعها الظلم. دعونا لا نهرب من جرّاء ضعفنا البشري من صلبان الحياة الموجودة في دربنا، بل فلْندرك بإيمانٍ أنّ الصليب رمز العار والموت يتحوّل بالقيامة الى رمز الحياة الجديدة".

وإختتم: "نرفع صلاتنا يا أحبّائي اليوم الى يسوع المخلّص المصلوب لكي بقلبه المطعون وبآلامه يرحمنا".