سلوان في الرّحلة نحو الميلاد: وجه الله إلينا ووجهه نحو أترابنا
وفي رسالته كتب سلوان بحسب إعلام الأبرشيّة: "تبدأ رحلتنا إلى مغارة بيت لحم مع السّيّدة العذراء الصاعدة مع يوسف خطيبها إلى أورشليم امتثالًا منها لعمليّة الاكتتاب الّتي أمر بها قيصر. وهي أيضًا رحلتنا في الكنيسة المجاهدة الصاعدة نحو الكنيسة الظّافرة كلّما حقّقنا الوصيّة: "بهذا يعرف الجميع أنّكم تلاميذي: إن كان لكم حبّ بعضًا لبعض" (يوحنّا 13: 35). وأخيرًا هي رحلتنا نحو مخدع القلب الدّاخليّ، كلّما دخلناه وصلّينا إلى أبينا الّذي في الخفاء (متّى 6: 6).
لكنّها أيضًا رحلتنا في عالمنا الجريح الّذي يحتاج إلى بلسم الرّوح القدس. وهي أيضًا رحلتنا إلى أخوة يسوع الّذين قلوبهم صارت مذودًا للطّفل المولود في مغارة. وهي أيضًا رحلتنا في حرص نوليه إلى صاحب الدّعوة إلى العشاء، عشاء يجمع القلوب الّتي تنقّت وصارت لله.
هذا كلّه ممكن طالما أنّ كان مَن صاروا تلاميذه يشكّلون وجهه إلى العالم، وكلمته إليه، ومنارته الّتي تضيء لسكّان أهل البيت. وكيف يمكن أن يصير هذا الالتحام بينك وبين ربّك، بعد أن آمنتَ به، واخترتَ أن تكون له تلميذًا وصرتَ ساهدًا له بين أترابك؟ إليك ما عثرتُ عليه مرّة منذ أكثر من عقدَين، لفريق صلاة في كامبيناس في البرازيل، والّتي يمكن أن يشكّل سبيلًا لبلوغ مغارة بيت لحم في نهاية هذا الصّوم.
"الله وحده قادرٌ أن يخلِقَ، إنّما بإمكانك أنت أن ترفع قيمة ما خلقه.
الله وحده قادرٌ أن يهب الحياة، إنّما بإمكانك أنت أن تنقلها وتحترمها.
الله وحده قادرٌ أن يُعطي الصّحّة، إنّما بإمكانك أنت أن توجّه وتُرشد… أو تُعالج.
الله وحده قادرٌ أن يُعطي الإيمان، إنّما بإمكانك أنت أن تُعطي شهادتك.
الله وحده قادرٌ أن يبثّ الرّجاء، إنّما بإمكانك أنت أن تعيد الثّقة إلى أخيك.
الله وحده قادر أن يَهَب المحبّة، إنّما بإمكانك أنت أن تعلّم الآخر أن يُحبّ.
الله وحده قادرٌ أن يُعطي السّلام، إنّما بإمكانك أنت أن تزرع الاتّحاد.
الله وحده قادرٌ أن يمنح الفرح، إنّما بإمكانك أنت أن تبتسم للجميع.
الله وحده قادرٌ أن يُعطي القوّة، إنّما بإمكانك أنت أن تسند يائسًا.
الله هو وحده الطّريق، إنّما بإمكانك أنت أن تدلّ الآخرين عليه.
الله هو وحده النّور، إنّما بإمكانك أنت أن تجعله يضيء في عيون الكلّ.
الله هو وحده الحياة، إنّما بإمكانك أنت أن تعيد إلى الآخرين الرّغبة في العيش.
الله قادرٌ وحده على صنع المعجزات، إنّما بإمكانك أنت أن تكون ذاك الّذي يأتي بالخبزات الخمس والسّمكتَين.
الله قادرٌ وحده أن يفعل ما يبدو مستحيلاً، إنّما بإمكانك أنتَ أن تفعل الممكن.
الله وحده يكتفي بذاته، ولكنّه فضّل أن يعتمد عليك…".
أنقل هذه الخبرة، أو بالأحرى الصّلاة، وعيني على سلفي صاحب السّيادة المتروبوليت جاورجيوس، الّذي يلهم هذه المعاني بشهادته وكلمته ويجسّدها بيننا، في واقع كنيستنا ومجتمعنا وعالمنا. هو الوجه، بامتياز، الّذي يطلّ الرّبّ به علينا لنصير تلاميذه، بعد أن اتّخذ يسوعَ على أنّه وجه الآب إليه.
في مغارة قلبه، يجتمع معًا وجه الله ووجوهنا، عسى الثّانية تنطبع بالأولى، فتصير الوجوه أيقونات لكلمة الله وإنجيل حيّ معاش، على غرار المثال الّذي يجسّده راعينا أمامنا.
لا يخفانا في كلّ هذا السّعي واقع الغربة لكلّ مَن يسلك هذه الطّريق. لقد سبقنا يسوع في هذه الخبرة حتّى لا نخور في الطّريق. أَلَم ينقل إلينا الكتاب عنه: "فلم يقبلوه لأنّ وجهه كان متّجهًا نحو أورشليم" (لوقا 9: 53)؟ هذا نسوقه كيما نشجّع بعضنا البعض في هذه المسيرة فتكون وجوه تلاميذ المسيح خميرة صالحة وملحًا جيّدًا في خدمة الكنيسة ومن أجل خلاص العالم.
ألا باركْ يا ربّ مسيرة الصّوم الميلاديّ وأضئْ بوجهك علينا!".