علوم
29 تشرين الثاني 2021, 08:15

سرّ استخدام الإنسان للرموز في قلادة عمرها 41 ألف عام

تيلي لوميار/ نورسات
إكتشاف القلادة يضعها بمنزلة حفنة من القطع "المنقطة" التي اكتشفت في فرنسا وسلسة جبال الألب السوابية في ألمانيا وروسيا وخارج الدائرة القطبية الشمالية.

في كهف ستانيا بجنوب بولندا، اكتشف باحثون قبل 11 عامًا قلادة عمرها اكثر من 41 ألف عام. وهي القلادة التي تكشف السلوك الرمزي للإنسان باستخدام الرموز، حيث إن القلادة برفقة اكتشافات أخرى في فرنسا وسلسلة جبال الألب تمثل نظام للعد "يشبه منحنى تموضع القمر" وهو شكل يجسّد المواقع المتغيرة للكوكب كما نراه كل يوم من مكان واحد خلال الدورة القمرية ويسمى "خط الميل".

تعتبر القلادة – التي اكتشفت في عام 2010 وعمرها 41500 عام- أقدم قلادة في التاريخ منقوشة باليد على شكل "نقاط"، وهي الوحيدة المؤرخة بدقة بفضل تقنية متطورة. ويبلغ ارتفاع هذه القلادة المصنوعة من عاج قرن حيوان الماموث والتي دكن لونها بمرور الوقت، 4,5 سنتيمتر. وما زال يظهر الثقب الصغير الذي تمر من خلاله سلسلة لوضع القلادة حول الرقبة. كذلك تحيّر سلسلة من 50 "نقطة" منقوشة وهي شقوق صغيرة نفذت على شكل منحنيات متناغمة.

إكتشفت هذه القطعة المكونة من جزئين في كهف ستانيا، وهو غطاء طبيعي يطل على واد في جنوب بولندا. واحتل المكان عناوين مجلات علم الأحافير عندما اكتشفت فيه أضراس تعود إلى إنسان نياندرتال يرجع تاريخها إلى أكثر من 40 ألف عام. وكان ذلك العصر غنيًا بإنتاج قطع مزخرفة اعتبرت مظاهر لسلوك رمزي، خاصة في ظل وجود الإنسان العاقل الذي كان قد وصل حديثًا إلى القارة الأوراسية من إفريقيا.

واكتشاف القلادة يضعها بمنزلة حفنة من القطع "المنقطة" التي اكتشفت في فرنسا وسلسة جبال الألب السوابية في ألمانيا وروسيا وخارج الدائرة القطبية الشمالية. وتعود تواريخ هذه القطع إلى ما بين 30 ألفا و40 ألف عام، خلال الحضارة "الأورينياسية" التي تعود إلى العصر الحجري، ما أشعل مناقشات لمعرفة ما إذا كان هذا الفن قد نشأ في مكان محدد، وإذا كان الأمر كذلك، أين هو ذلك المكان، وفق الدراسة التي نشرت في مجلة "ساينتيفك ريبورتس".

يقول البعض إن منطقة الألب السوابية، خاصة مع احتوائها على تمثال صغير مجسم منقط، هي "المركز الذي ولدت فيه هذه التقنية ثم انتشرت في أوروبا"، تقول "ساره تالامو"، مديرة مختبر التأريخ بالكربون في جامعة بولونيا الإيطالية والمؤلفة الرئيسة للدراسة:"لا نعرف شيئا عنها لأننا لا نعرف التواريخ الدقيقة لهذه القطع التي استحصل على تأريخها بشكل غير مباشر عبر دراسة البيئة التي اكتشفت فيها، وبمعنى آخر "بدون استخدام تقنيات متقدمة".

من ناحية أخرى، وبالتعاون مع فريق من معهد ماكس بلانك للتطور الأنثروبولوجي، تمكنت العالمة من تحديد عمر القلادة التي اكتشفت في ستانيا بدقة، وذلك بفضل مطياف الكتلة المسرع. وتتطلب هذه التقنية المتقدمة مادة أقل بما يتراوح بين 200 إلى ألف مرة من مواد التأريخ بالكربون التقليدية. في هذه الحالة، كان يكفي أخذ عينة من نصف غرام فقط من القلادة الثمينة لتحديد عمرها.

بحسب "تالامو": فإنه من الضروري فهم كيف تمكنت هذه التقنية من الانتشار في القارة خلال الحضارة الأورينياسية. لا سيما مع اعتبار الميزة التي تتشارك فيها قلادة ستانيا مع عظمة منقوشة أخرى يعود تاريخها إلى نحو 38 ألف عام، وهي لوحة بلانشار التي سميت تيمنا بموقع في دوردونيه الفرنسية على مسافة ألفي كيلومتر من موقع ستانيا.

 

المصدر: National Geographic