ساندري مصلّيًا في دمشق: لنوال عطيّة السّلام وإعادة الإعمار المنشودة في القلوب أوّلاً وفي المباني
وللمناسبة ألقى ساندري عظة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "أنا حاضر هنا معكم بعاطفة وتأثّر في مساء اليوم الّذي يشهدنا مجتمعين مع أساقفة سوريا، رعاتكم، المدعوّين كما قال الكتاب المقدّس إلى رعاية قَطيعَ اللهِ الَّذي وُكِلَ إِلَيهم ويحرِسوه طَوْعًا لا كَرَهًا.
على الرّغم من التّأخير لأيّام قليلة مقارنة مع الكنيسة الجامعة ولكن بطريقة لا تقلُّ أهمّيّة يفتتح هذا الاحتفال رسميًّا السّينودس الّذي أراده البابا فرنسيس على مستوى أبرشيّتكم، نشعر بأنّنا على شركة معه وقد طلب منّي أن أحمل لكم تحيّته ومحبّته مبادلينه صلواتنا من أجل خدمته، هذه اللّفتة الإضافيّة الّتي أظهر بها مدى اهتمامه بمصير هذا البلد وشعبه، مثلما أوضح في مناسبات مختلفة منذ بداية حبريّته.
منذ حوالي ألفي عام، كان هناك رجل متحمِّسًا إلى الرّغبة في جلب العنف والاضطهاد إلى هذه المدينة: جاء على صهوة حصانه وعيناه مملوءتان بالكراهيّة، الكراهيّة الّتي تغذّيها حماسة دينيّة والّتي وصلت إلى رؤية الأعداء في الّذين كانوا قبل كلّ شيء إخوة في الإنسانيّة. لذلك عيناه كانتا مريضتين من قبل أن يعميهما نور اللّقاء، والّذي بدا عوضًا عن ذلك شفاء وارتدادًا. كان هذا الرّجل يدعى شاول ولكنّه وصل إلى داخل هذه الأسوار وديعًا مستعدًّا لأن يولد من العلى. لقد استمعنا منذ قليل إلى كلماته الّتي وجّهها إلى التّلميذ تيموتاوس والّذي أصبح هو أيضًا معلِّمًا لإحدى الجماعات الّتي تأسّست مع رسول الأمم. ذلك الرّجل نفسه الّذي أراد أن يحمل إلى دمشق السّلاسل والقيود ضدّ تلاميذ المسيح، يجد نفسه الآن مقيَّدًا بالسّلاسل بسبب إعلان الكلمة. إنبعث في قلبه يقينًا أصبح ترنيمة تسبيح وهي أنّ كلمة الله ليست مقيَّدة! لذلك يمكن أن يكون هناك تعب الجنديّ والرّياضيّ والمزارع، والخبرة مثل خبرة الرّسول كفاعل شرٍّ مسجون، وهناك خطيئتنا وعدم وفائنا ولكنّه– أيّ الرّبّ يسوع– بقي أمينًا لأنّه لا يستطيع أن يُنكر نفسه.
إذا كنّا هنا هذا المساء للاحتفال بإفخارستيّا الرّبّ يسوع، فذلك لأنّ كلَّ واحد منكم على الرّغم من كلِّ شيء، حافظ على كنز الإيمان الثّمين: بين القنابل والأنقاض والتّسمُّم الكيميائيّ، بينما تجلس قوى الأمم على الطّاولة لإجراء الحسابات، والنّاس يعانون ويصبحون أكثر جوعًا والإرهاب الأصوليّ الّذي زرع العنف والدّمار، خاصّة في هذا البلد وفي العراق، مع تجّار الموت الّذين يزدادون ثراءً من بيع الأسلحة. أنت يا شعب الله في سوريا، حافظت على الإيمان وشاركت بقولك الـ"نعم" اليوميّة في أمانة الله للبشريّة، مُتتبِّعًا عن قرب خُطى من سار في طريق الصّليب ليخلِّصنا. إنّ مرحلة السّينودس الّتي أرادها البابا فرنسيس والّتي نبدأها اليوم معًا تشمل حقًّا كلّ ابن وابنة في هذه الأبرشيّة، لأنّه معًا يمكننا أن نقوم بخبرة استدعاء الرّوح القدس لكي نتمكّن في عنصرة جديدة من أن نجد الطّرق لكي نستمرَّ في إعلان أنّ يسوع هو المسيح القائم من بين الأموات والحيّ إلى الأبد. إنّ لحظات الإصغاء والمواجهة الّتي ستعيشونها ينبغي ألّا تُفضي إلى تلك "المجادلات" الّتي انتقدها القدّيس بولس في القراءة الأولى.
إنّ كلمة سينودس ليست جديدة عليكم، أنتم المؤمنين من الكنائس الشّرقيّة الكاثوليكيّة: غالبًا ما تسمعونها على سبيل المثال عندما يتمُّ الإعلان أنّ السّينودس انتخب أسقفًا على اللّاذقيّة، حضرة الأب الأسقف جورج خوام. لذلك فإنّ طلب البابا الموجّه لكم هو خاصّ: أوّلاً أن تُصبح الصّيغة المجمعيّة، أيّ تلك الأشياء الّتي يعيشها عادة البطريرك مع إخوته الأساقفة أسلوبًا على جميع مستويات حياة كنيستكم، لكي يتمَّ إنشاء جميع الهيئات المشاركة أوّلاً وتعرف أن تعمل كأماكن يظهر فيها الرّوح القدس الّذي يعضد ويوجّه كنيسة المسيح ويعمل في الّذين يشكّلونها. ومن ناحية أخرى التّنبّه لكي لا تُعاش الاجتماعات والاقتراحات المقدّمة إلى الكهنة والأساقفة والبطريرك انطلاقًا من تيّارات أو مصالح بشريّة، وتيّارات وأحزاب موجودة أيضًا على مستويات الكنيسة المختلفة وإنّما كلحظات يجتهد فيها كلُّ فرد في البحث عن وجه الله وإرادته في زمننا.
قدّم لنا المقطع الّذي سمعناه من إنجيل يوحنّا هذا اليقين: إنَّ المؤيِّد الّذي سيرسله إلينا يسوع من الآب، روح الحقّ، هو سيشهد، وهي شهادة أقوى من الكراهيّة والاضطهاد اللّذين تعرّض لهما يسوع وكذلك من الكراهيّة الّتي نتعرّض لها نحن لأنّنا تلاميذه. لذلك نحن مدعوّون لكي نكتشف مجدّدًا دعوتنا كأبناء وتلاميذ للمعلِّم الحقيقيّ الوحيد، ونجدّد امتناننا للرّبّ يسوع على الأمثلة العديدة اللّامعة من الأساقفة والكهنة والرّهبان والرّاهبات والعائلات وأعضاء شعب الله الّذين على الرّغم من المعاناة الهائلة لهذه السّنوات العشر من الحرب، أمضوا كلَّ يوم من أيّام حياتهم في محاولة مداواة الجراح وتعزيز الرّجاء في قلوب الّذين كانوا وما زالوا يرونها مُمزَّقة.
لنطلب إذًا شفاعة والدة الإله الكلّيّة القداسة، القدّيسة مريم والرّسول بولس والقدّيس يوحنّا الدّمشقيّ وجميع قدّيسي وقدّيسات الله في سوريا الحبيبة في الأمس واليوم لكي يسهروا على هذا البلد وينالوا عطيّة السّلام وإعادة الإعمار المنشودة في القلوب أوّلاً وفي المباني."