أوروبا
17 أيلول 2019, 07:52

ساكو من مدريد: على رجال السّياسة ورجال الدّين تبنّي الحوار الحضاريّ والسّير معًا

في إطار مشاركته بمؤتمر السّلام الدّوليّ، "السّلام بدون حواجز: الأديان والثّقافات في حوار"، المنعقد في مدريد- إسبانيا، كان لبطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو مداخلة في جلسة الإثنين الصّباحيّة والّتي تمحورت حول "نزع السّلاح و عدم العنف"، أكّد فيها بحسب موقع البطريركيّة الرّسمي أنّ "نزع السّلاح وعدم العنف هو مشروع ضروريّ لعالمنا المعاصر حتّى نعيش من دون نزاع وحروب. فموضوع صناعة السّلاح يجلب الحروب والموت والخراب وهذا ما نعيشه في منطقتنا... وتروّج أكاذيب لتبرير الحرب".

 

وتابع قائلاً: "اليوم ينبغي على رجال السّياسة ورجال الدّين تبنّي الحوار الحضاريّ والسّير معًا من أجل وضع خطّة للسّلام الدّائم وإشاعة ثقافة التّسامح والاحترام بدل خطاب الكراهيّة والفرقة وبناء الحواجز... علينا تعزيز مبادئ العيش المشترك وبناء مستقبل أفضل لبلداننا وذلك من خلال ترسيخ الأمن وضمان المواطنة الكاملة وتطبيق القانون بدون استثناء، بدستور مدنيّ يقف على مساحة واحدة من الكلّ. نحن نعاني من الصّراعات الطّائفيّة والإثنيّة وبناء الحواجز بين أبناء البلد الواحد... ينبغي فصل الدّين عن السّياسة، السّياسة شوّهت الدّين وكذلك الدّين شوّه السّياسة. على الغرب أن يساعد بلداننا على تحقيق العدالة والكرامة الإنسانيّة واحترام استقلاليّة بلداننا... المصالح المادّيّة ليست كلّ شيء، ليفكّروا بحياة النّاس ومستقبلهم وكرامتهم... أتمنّى ألّا تكون هناك حروب على الأرض ولا نزاعات بأيّ شكل من الأشكال وإنّما السّلام الدّائم والحياة الحرّة والكريمة لكلّ شخص بعيدًا عن اعتبارات الجنس واللّون والدّين والمذهب والقوميّة".

أمّا مساءً فترأّس ساكو جلسة دارت حول "الحوار بين الشّرق والغرب"، شارك فيها عدد من المفكّرين الشّرقيّين من مصر ولبنان والمغرب، كما من فرنسا وإيطاليا، وقال: "عمومًا، النّاس مختلفون في الطّبع والثّقافة والدّين والجنس. هذا الاختلاف واقع طبيعيّ بمشيئة الله الّذي خلقنا مختلفين ووهبنا نعمة التّنوّع لنُغني مجتمعاتنا. ولهذا يجب الاعتراف بهذا الواقع واحترامه والإقرار بنسبيّة ومحدوديّة نظرتنا وحكمنا ما دام الاختلاف في الرّؤى والأفكار أمرًا طبيعيًّا ومقبولاً. بما أنّ الإنسان علاقة، أيّ خلق من أجل الآخر. فالحوار يُعزّز هذه العلاقة، لذا عليه أن ينفتح على الآخر ببساطة وتواضع، مع التّأكيد على أهمّيّة الصّداقة والثّقة والاحترام المتبادل. الحوار يعني الجلوس معًا لاستجلاء الوجه الخفيّ للحقيقة، وتقريب وجهات النّظر. لذا الحوار مشروع ومسيرة باتّجاه الآخر، سعيًا للتّعرّف عليه، بعيدًا عن المجاملة والكذب (الكلام بخطابين). هكذا لقاء يجب أن يكون على مستوى فكر الآخر وحقيقته، لأنّ جهل الآخر يقود الى أخطاء وفقدان الثّقة والتّحوّل إلى الدّفاع والهجوم. ومع ذلك فالحوار ليس مقاربة تقنيّة (دبلوماسيّة) ولا عمليّة جرّْ البساط من تحت أقدام الآخر لكسبه إلى جانبنا، بل هو الانفتاح عليه وعلى حقيقته وعلى اختلافه باحترام. ولهذا يتطلّب الحوار الإصغاء إلى الآخر، وفهم أفكاره وقناعاته وصعوباته وهواجسه وأسئلته، من دون تبسيط أو توفيق. والحوار ليس سجالاً وقطيعة.

يُعرَّف الحوار على أنّه لغة مشتركة، واللّغة ليست مجرد وسيلة للتّعبير، إنّما هي إحساس وفكر وثقافة ومَخرَج حضاريّ لحلّ المشاكل وإنهاء الأزمات. بهذه الرّوحيّة يتعيّن على المرجعيّات الدّينيّة اليوم أن تقرأ الواقع بنظرة جديدة، وأن تقوم بدورها النّبويّ الاستباقيّ، في التّعامل مع ما يشهده العالم المعاصر من تحوّلات عميقة وغير مسبوقة، بضمنها تحدّيات حدثت وتحدث في العديد من قطاعات المجتمع، ولها انعكاسات على مجتمعاتنا".