العراق
06 آذار 2020, 06:55

ساكو: لوقفة وطنيّة مسؤولة والتّكاتف من أجل بناء دولة مدنيّة قويّة

تيلي لوميار/ نورسات
كتب بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو رسالة في الذّكرى السّابعة لتنصيبه بطريركًا، جاء فيها بحسب موقع البطريركيّة الرّسميّ:

"بلدي العراق. لقد أتيتُ في زمن صعب ومُعقَّد، حيث الأحداثُ والأزماتُ متسارعة في العراق الّذي تحوَّل وللأسف إلى ساحة للنّزاعات والتّجاذبات الإقليمية والدّوليّة، وتصفية الحسابات. لقد نخره فيروس المحاصصة والفساد ممّا أفقر البلد، واستهلك الخدمات، كالمياه والكهرباء والمؤسّسات الصّحّيّة والتّعليميّة.

يعتريني ويعتري غالبيّةَ العراقيّين قلق وحزنٌ عميقٌ أمام الحالة البائسة الّتي وصلنا إليها بسبب غياب المصلحة الوطنيّة والعجز في تقديم الخدمات العامّة، إذ تُشير الإحصائيّات حاليًّا إلى 30% من المواطنين هم تحت خط الفقر، والأمّيّة والبطالة والأمراض متفشيّة، فضلاً عن خطر فيروس كورونا الّذي نجهل مدى انتشاره. لكن لي أمل كبير بشباب التّظاهرات حاملي العَلَم العراقيّ، والمطالبين بإصلاحات سياسيّة، واجتماعيّة، واقتصاديّة وبوطنٍ… وغدٍ أفضل. إنّي أُحيّي فيهم الإصرار واستمرارهم بشجاعة منذ شهر تشرين الأوّل 2019 وحتّى اليوم بالرّغم من ارتفاع عدد الشّهداء والجرحى. ولا تفوتني الإشادة وبافتخار بدور المرأة العراقيّة في مشاركتها ودعمها لهذه المطاليب المشروعة.

أجدّد اليوم دعوتي إلى جميع الفرقاء العراقيّين المعنيّين لوقفة وطنيّة مسؤولة، والتّكاتف من أجل بناء دولة مدنيّة قويّة ذات سيادة، دولة مواطنة تعترف بجميع مواطنيها، وتحترم خصوصيّاتهم، ولا تُقصيهم. فما يملكه العراق من الخيرات يكفي لكي يكون دولة متقدّمة! كما أدعو المجتمع الدّوليّ،  وبخاصّة الدّول الكبرى إلى مدّ يدها لإنهاض العراق على كافّة الأصعدة الاقتصاديّة والعمرانيّة والثّقافيّة والصّحّيّة، وفي مجال احترام حقوق الإنسان، ولا تبحث عن مصالحها "فقط".

أمّا عن الكنيسة، فأشكر الله على أنّها واقفة على رجلَيها برؤيتها الواضحة، ووعيها برسالتها ودورها. لقد وقفنا كفريق واحد أمام أزمة تهجير المسيحيّين وغيرهم من الموصل وبلدات سهل نينوى، واستقبالهم من دون استثناء. وفَّرنا لهم السّكن والطّعام والدّواء، وضمان إكمال الشّباب دراستهم، لمدّة تجاوزت الثّلاث سنوات. كما قمنا بعد عمليّات التّحرير، بإصلاح بيوتهم وتهيئة عودتهم.

وبالرّغم من كلّ هذه الظّروف الصّعبة لم ينقطع انعقاد (السّينودس) السّنويّ، وانتخاب كوكبة من الأساقفة الجدد، وتأوين طقوسنا الّتي صادق عليها الكرسيّ الرّسوليّ، واستمرار لقاءاتنا ونشاطات الأبرشيّات، وإنشاء عدّة مؤسّسات إنسانيّة وخيريّة وصحّيّة وتعليميّة، وترميم معظم كنائسنا في بغداد، بفضل دعم الكنائس في الخارج والمنظّمات الخيريّة ممّا قوّى حضورنا في داخل العراق واستعاد هيبة الكنيسة. كما كان للكنيسة دور بارز في المحافل الدّوليّة لحمل معاناة شعبنا وتطلّعاته. وهنا لا بدّ أن أشكر أصحاب الغبطة والنّيافة والسّيادة، البطاركة والكرادلة ورؤساء المجالس الأسقفيّة الّذين زارونا ووقفوا معنا في محنتنا.

في نهاية العام السّابع، أقدّم الشّكر لكلّ من صلّى من أجل خدمتي وشجَّعني ورافقني وعاونني. ومع بداية عام جديد من خدمتي، أعاهدكم على أن أكون على أهبّة الاستعداد لإكمال رحلتي– رسالتي بكثير من  المحبّة والعزم والتّعاون، لذا أطلب صلاة الجميع من أجل أن تحافظ كنيستنا على أمانتها لرسالتها وديناميّتها "بتجرّد" في خدمة المحبّة والوحدة والأصالة والتّجدّد".