ساكو في قدّاس الأحد الأوّل من الدّنح: بشرى المسيح إلى الفقراء
وفي عظته الكاملة، قال ساكو بحسب إعلام البطريركيّة: "هذا النّصّ الّذي سمعتموه من إنجيل لوقا مقتبس من سفر إشعيا (61/ 1-2)، طبّقه يسوع على نفسه: "روح الرّبّ عليّ، لأنّه مسحني لأبشِّر المساكين، وأرسلني لأشفي المنكسري القلوب، وأنادي للمسبيّين بالإفراج، وللعميان بالبصر، وبتخلية المأسورين، وأعلن سنة رضا (يوبيل) عند الرّبّ" (لوقا 4/18). هذا هو برنامج العهد الجديد الّذي جسده يسوع، ويتعيّن على الكنيسة والمسيحيّين تطبيقه في واقعهم، ليخفّفوا عن الظّلم والفقر والمرض والمطالبة باحترام حرّيّة النّاس وكرامتهم. هذا النّصّ على شفاه يسوع إعلان رسميّ لانطلاق رسالته كمخلّص. بعباراتنا الحاليّة هو خطاب التّنصيب. هذا الخلاص لا يمكن أن يتحقّق إلّا من خلال شخص المسيح، لذا ينبغي أن نركّز نظرنا عليه ونطبّق أقواله. يبدأ يسوع برنامج خدمته بإعلان البشرى إلى الفقراء. من هم هؤلاء الفقراء؟ إنّهم كما جاء في الإنجيل: الأسرى، العميان، المظلومون، والمضطهدون، والأيتام والأرامل والجياع (التّطويبات)، والمرضى والغرباء "الله يحبُّ الغريب" (تثنية الاشتراع 10/18)، أيّ أنّه لا يستثني أحدًا.. إلخ.
هذا البرنامج يقول يسوع: "اليوم تمّ هذا الخلاص" ( لوقا 4/21)، ويُفصِّله لوقا في الإنجيل، وفي سفر أعمال الرّسل. في منتصف الخطاب يحدث تغييرٌ مفاجئ. في البداية، يقول يسوع إنّ مستمعيه محظوظون، لأنّ الوعد بنعمة الله الّذي أعلنه إشعيا قد تحقّق لهم، ثمّ نراه يتحوّل إلى الغرباء، أو بالأحرى إلى كلّ النّاس، لأن يتّضح شيئًا فشيئًا أنّ الرّسالة المسيحيّة بأكملها، تتّجه نحو الأمم غير اليهوديّة ويعلن بولس: "إلى الأمم أرسل هذا الخلاص من الله" ( أعمال 28/23-28).
سؤال: هل سيذهب يسوع إلى السّجون ويفتحها لتحرير المظلومين؟ النّصّ الّذي يتبع يقول لا، لكن من الواضح أنّ يسوع أجرى شفاءات وغفر الخطايا "اذهب خطاياك مغفورة لك" (لوقا 7/48).
لا ننسى أنّ هذه الكلمات تعبّر أكثر عن المغفرة، مغفرة الخطايا، وليس عن الثّأر والانتقام. ويستخدم يسوع كلمة "النّعمة" (أعمال 14/ 3،20/32)، الخلاص.
هذا التّعليم الّذي يقدّمه لوقا لثاوفيلس في مقدّمة إنجيله، هو لنا أيضًا بحيث كلّ مؤمن في الكنيسة، يقبل بشارة يسوع، ويحقّق بالتزام كامل برنامج يسوع، خصوصًا ونحن في سنة يوبيل الرّجاء الّذي افتتحه البابا فرنسيس لسنة 2025، اليوبيل يفسح المجال أمام الجميع لاستقبال النّعمة وتحقيق المصالحة والغفران والسّعي اليوميّ لتوسيع محبّة الآخرين في قلوبهم ومجتمعاتهم، بحيث تتحوّل إلى سنة عيد واحتفال وفرح".