زيارة غبطة البطريرك الى مدرسة العائلة المقدسة الفرنسية - جونية
وكان في استقبال صاحب الغبطة والوفد المرافق عند مدخل المدرسة رئيسة المدرسة الأخت ريتا خيرالله، مديرة المدرسة الأخت كليمانس حداد، وممثلين عن الهيئات التعليمية والإدارية ولجنة الأهل والقدامى.
توجه غبطته الى شرفة المدرسة حيث منح الطلاب واساتذتهم الذين استقبلوه في الملعب بالتصفيق والهتاف، بركته الرسولية، وعلى انغام موسيقىA l’appel de ta voix الإيمائية، رفعوا الأعلام اللبنانية والبطريركية وأعلام المدرسة واعلام الدول ال16 التي انتشرت فيها هذه الرهبنة التي اسستها القديسة اميلي دورودا عام 1898.
ثم كانت كلمة ترحيبية القتها مقدمة الحفل ستيفاني جبر رحبت بها بصاحب الغبطة مشيرة الى ان الزيارة تزامنت مع مناسبة اختتام المئوية الثانية على تأسيس الرهبنة وانطلاق المئوية الثالثة.
وقدمت مجموعة من الطلاب لوحة استعراضية من تصميم منسقة الأنشطة في المدرسة جويل يوسف ارتدوا فيها الزي الفولكلوري ورفعوا الاعلام الخاصة بالدول ال16 التي انتشرت فيها الرهبانية واولها لبنان بعد فرنسا البلد الأم وآخرها الهند ومن بينها تونس والارجنتين والسنغال والفيليبين ومصر وغيرها. ثم قدمت شمعتان مضاءتان لصاحب الغبطة كرمز لانتهاء المئوية الثانية وأضاء غبطته شمعة ثالثة رمز انطلاقة المئوية الثالثة واعلن بداية هذه المئوية. واطلقت البالونات التي تحمل الوان العلم البطريركي في الهواء على انغام ترتيلة مجد لبنان اعطي له، تعبيرا عن انطلاق المئوية الثالثة.
وألقى منسق اللغة العربية في المدرسة الإعلامي بسام براك كلمة رحب فيها بصاحب الغبطة والوفد المرافق قائلا: "انه ثلثاء استقبال رأس الكنيسة في قلب قلوبنا ليكمل بحضوره البطريركي ثنائية المدرسة وتلاميذها فيمنح بركة الثالوث الأقدس لعائلتنا المقدسة".
وأضاف: "لقد ناديتم يا صاحب الغبطة بالشركة والمحبة وتجدوننا اليوم في شراكة اللقاء بأبوتكم ومحبة عيش اللحظة المباركة معكم. وها هي مدرستنا في ختام السنة المئوية الثانية لتأسيس القديسة اميلي رهبنتها الفرنسية في خدمة الفقراء واليتامى تفتح يديها لترحب بكم على وقع قدومكم الى صرحها في زمن الميلاد، فيولد بحضوركم فرح له لون زنار عباءتكم وصوت كلمتكم وصدى رسالتكم للشبيبة."
بدوره شكر غبطته رئيسة ومديرة مدرسة العائلة المقدسة الفرنسية وافراد الهيئتين التعليمية والإدارية والطلاب على حفاوة الإستقبال متمنيا للتلامذة ان "يرتفعوا في حياتهم وينتشروا في العالم على غرار البالونات التي حلقت عاليا في الفضاء" وان يكونوا "الشمعة التي تضيء ظلمة هذه الأيام إيمانا وعلما وأخلاقا."
وقال غبطته:" لا أحد منكم يعرف أين سيضعه الله في هذه الدنيا فكونوا النور الذي يضيء الظلمة تماما كهذه الشموع وانطلقوا حول العالم لكي تحملوا العلم والإيمان والأخلاق وروح المواطنية".
بعدها توجه البطريرك الراعي الى كنيسة المدرسة حيث بارك تلامذة صفوف الروضة الذين استقبلوه بترنيمة ايمائية "روحوا بكل الأرض" وقدموا له باقات الزهور، فتمنى لهم ان "يكبروا ويروحوا في كل الأرض وان يبشروا، وينموا تماما كيسوع بالنعمة والقامة والحكمة".
ثم التقى غبطته في مسرح المدرسة تلامذة الصفوف الثانوية الذي بلغ عددهم نحو 226 تلميذا وكان لقاء حواري تمحور حول ثلاث نقاط تتعلق بحياة البطريرك وتحديات الكنيسة ثم وجود الشباب المسيحي في الشرق والزواج وحياة العائلة اليوم.
واستهل اللقاء بكلمة ترحيبية للإعلامي واستاذ مادة التعليم الديني في المدرسة ماجد بو هدير الذي قدم للحوار لافتا الى الأهمية التي اسندتها الكنيسة لدور المدارس الكاثوليكية "بدءًا من مجمع قنوبين سنة 1580 مروراً بكل مجامع الكنيسة وصولاً للمجمع البطريركي الماروني الآخير في 2006 ، مرورًا ايضًا بالإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" سنة 1997 الذي شدد على دور المدارس الكاثوليكيّة بشكل خاص وكل المدارس بشكل عام وعلى دورها الأساسي لبناء الأجيال في وطننا وطن الرسالة لبنان."
وقال:" اليوم لقاؤنا معكم يا سيّدنا، هو لقاء قمّة سنكون بحوار مباشر مع غبطتكم حيث الشباب والصبايا يتشوقون لأخذ زوادة أساسية منكم، ويطلعونكم على هواجسهم وتطلعاتهم وآمالهم وفرحهم. كل اسئلتهم سوف تكون أمانة في قلبكم يا صاحب الغبطة.
والقت رئيسة المدرسة الأخت ريتا خيرالله كلمة قالت فيها:" لقد تشرفنا بزيارتكم يا صاحب الغبطة وتأثرنا كثيرًا، قفربكم منا جعلنا نشعر بهذا الوجه الاستثنائي لرسالتكم في كنيستنا. وجه الأب الشديد الحرص والقلق على حياة ومستقبل ابنائه. شبابنا متعطش لسماع كلمة الحياة، كلمة تشجيعيّة، كلمة تعيد اليهم الثقة، وتشجعهم على ان يكونوا مواطنين احرار مسؤولين في قلب أمةٍ تنشد لهم السلام والعمل وامكانية العيش بكرامة لكي يتمكنوا من توظيف قدراتهم في خدمة مجتمعهم."
وتابعت خيرالله:" ان حضوركم بيننا هذا الصباح يقدم لطلابنا فرصة الاستماع اليهم والتعبير عن احترامهم وحفاوة ترحيبهم ولكن بالأخص تشجعيهم واسداء النصائح لهم. وهذا هو من اولويات اهتماماتنا في التربية في مدرستنا العائلة المقدسة، ففي الواقع مشروعنا التربوي يهدف الى استكمال التعليم الاكاديمي من خلال انشطة مدرسية وغير مدرسية، ثقافية رياضية فنية من دون ان ننسى الأهّم وهو ايلاؤنا الأهمية الكبرى للبعد الروحي لمشروعنا الهادف الى تحويل مدارسنا الى امكنة تشجع اللقاءات الفردية والجماعية مع يسوع المسيح وذلك من خلال اعتمادنا الوسائل الخاصة بهذا البعد وهي التعليم الديني والحياة الليتورجية العميقة والقيم المسيحية."
وختمت خيرالله:" لقد تأسست مدرستنا في العام 1898 وهي تستقبل الاولاد والشباب من صفوف الروضة الى الصفوف الثانوية. في البدء كانت تستقبل الإناث فقط ولكن منذ العام 2000 تحولت الى مدرسة مختلطة. لقد تمكّنت مدرستنا من ان تسلك في التعقيدات اللبنانية عن طريق تأقلمها وتطورها وثباتها في الحفاظ على دعوتها الاساسية وهي تربية مسيحية تتميّز بالاحترام المطلق للواقع الاجتماعي- الثقافي للطلاب واستقبال كل الأوجه الدينية والاجتماعية مع ايلاء اهمية خاصة الى كل الذين يمرّون بصعوبات. وميزة مدرستنا بكل بساطة ان رسالتها تتخطى الاطار التعليمي الكلاسيكي لكي تتأقلم مع حاجات شبابنا اليوم، لذلك لم تفقد رسالة راهبات العائلة المقدسة شيئًا من آنيتها وهي منفتحة على الجميع ومنتبهة للجميع ومنطلقة نحو العالم."
بعدها كان عرض لفيلم ايقونة القديسة اميلي دو رودا، قدمت بعده الأخت خيرالله هدية تذكارية لصاحب الغبطة وهي ايقونة القديسة اميلي من تنفيذ الراهبات المحصنات في حريصا، وقدم الطالبان سارة نجيم وجان جول صروف عرضا لقصة تأسيس الحركة الإميلية الإجتماعية الوطنية MESC ملتمسين بركة صاحب الغبطة.
بدورها اكدت الأخت ميشلين منصور من مكتب راعوية الشبيبة على اهمية مبادرة البطريرك للقاء التلامذة "لأنهم يمثلون نبض الحياة. فهم المستقبل الذي تبنى عليه اوطان تحترم مواطنيها وتحترم كرامتهم البشرية."
وبعد عرض وثائقي عن البطريرك الراعي ومقتطفات من اقواله قبيل اعتلائه السدة البطريركية، بدأ اللقاء الحواري الذي دام نحو الساعة ونصف الساعة، رد في خلالها غبطته على عدد من الأسئلة ابرزها: كيف يعرف البطريرك عن نفسه لشباب الألفية الثالثة، ولم هو مستهدف في وسائل التواصل الإجتماعي ، وكيف يتعاطى مع التحديات التي تواجهه؟
أجاب غبطته موضحا ان "لقب البطريرك يعني اب الكنيسة المارونية ورأسها ولقب صاحب الغبطة ينسب لشعبه وليس لشخصه."
وعرض البطريرك لسيرة حياته مركزا على طابع الجدية الذي اتسمت به مختلف مراحل عمره. وشدد على ان "يعتمد شبابنا على الجدية بشكل اساسي في حياتهم وان يكونوا مستعدين دوما للحظ فهم يتأسسون في المدرسة ولكن الحظ ينتظرهم خارجها فليكونوا جديين ومستعدين."
وعن الصعوبات في حياته اكد غبطته على قناعته في ان "الإنسان لا ينمو ولا ينضج من دون صعوبات وملجاي الوحيد كان القربان المقدس والعذراء مريم."
وبالنسبة لإستهدافه في وسائل التواصل الإجتماعي اشار غبطته الى ان "هناك شرا في العالم وهناك سياسة ايضا. وأسف للطريقة التي تعمل من خلالها هذه المواقع مستخدمة الشر من دون حدود" داعيا "الشبيبة ولا سيما الحركة الإميلية التي تأسست حديثا لان تلعب دورها في هذا الإطار وتنشر على هذه المواقع كل النشاطات واعمال الخير التي تقوم بها. فلبنان ارض قديسين ولا يزال ينبت قديسين حتى اليوم، وعملنا هو الإبتعاد عن هذه الشرور والوصول الى شبابنا حول العالم مستخدمين التقنيات نفسها ولكن للخير،" مشددا على ان "الشبيبة هم حراس الفجر كما وصفهم قداسة البابا يوحنا بولس الثاني."
وفي المحور الثاني تركزت الأسئلة حول وجود الشباب المسيحي في الشرق وتشجيع الكنيسة لهم فكان رد البطريرك "بضرورة التمسك بالأرض والتسلح بالجدية لمواجهة الحروب الإقتصادية واللاايمانية والحرية غير المحدودة. فلنحافظ على تضامننا ووحدتنا قدر الإمكان. ومواجهة الصعوبات لا تكون بطلب تأشيرة الى الدول الغربية فاوروبا تهدمت ولكن شعبها بناها من جديد وحافظ عليها. علينا الحفاظ على بلدنا."
وشدد غبطته على "ضرورة انخراط الشباب في المؤسسات العسكرية والأمنية ومؤسسات الدولة وان يتحلوا بالمواطنية فاجدادنا عانوا الامرين من اضطهاد وتنكيل وقتل ولكنهم ضحوا ليحافظوا على لبناننا وكل قيمة لبنان هي انكم انتم شبيبته."
واضاف غبطته:" من هنا نوجه تحية لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تحدث عن الفساد عندما زرناه في بعبدا واشار الى ان الفساد مستشري في لبنان لذلك عليكم ايها الشباب ان تغيروا وان تعملوا للقضاء على الفساد لذلك يجب ان تدخلوا الى قلب الدولة. فنحن نريد اشخاصا مثلكم، يعملون من الداخل ولا يقفون غير مبالين."
وفي المحور الثالث حيث تم التطرق الى موضوع الزواج المدني والزواج بين المثليين اعتبر غبطته ان "مرحلة الخطوبة هي مرحلة اساسية في حياة الشاب والفتاة لكي يتعرفا الى بعضهما البعض وجمال الحب هو في ان يصلا انقياء الى الزواج امام المذبح لينطلقا معا في الحياة."
ورأى غبطته ان" الزواج هو تأسيس الهي وهو وسيلة لحضور الله ونعمته في حياة الزوجين، وهو سر من اسرار الكنيسة يجب احترامه." وعن الزواج المدني اكد غبطته ان" الكنيسة ليست ضد هذا الزواج ولكنها ضد فرضه على المسيحيين في لبنان فقط فاذا ما اقر يجب ان يشمل تطبيقه الجميع وليس فئة معينة." واوضح غبطته ان موقف الكنيسة من المثليين هو "موقف واضح وصريح. انه موقف احترام ومواكبة نقف الى جانبهم لنساعدهم ويستمر عملنا الرعوي معهم ولكنه زواج ضد الطبيعة البشرية."
وفي الختام شكر الأب توفيق بو هدير لغبطته تلبيته هذه الزيارة مؤكدا على "وقعها واثرها في نفوس الشبيبة" واعلن وباسم صاحب الغبطة عن تقديم هدايا تذكارية للطلاب تتضمن الإرشاد الرسولي ونص الشبيبة في المجمع البطريركي الماروني والكتاب المقدس.
بعدها وقع غبطته على السجل الذهبي للمدرسة.