لبنان
20 أيار 2024, 06:00

زمن العنصرة هو زمن الروح القدس الذي يقود المؤمنين والكنيسة إلى الحقّ كلّه، البطريرك الراعي

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل البطريرك الكردينال، مار بطرس بشارة الراعي في التاسع عشر من أيّار (مايو) 2024، في بكركي، بالقدذاس الإلهيّ لمناسبة عيد العنصرة، عيد حلول الروح القدس على التلاميذ في العليّة وكانوا كلّهم مجتمعين. هي الكنيسة الأولى الناشئة: الإثني عشر، ومريم أمّ يسوع وأقرباؤه وبعض النساء (أعمال 1: 13-14 و26).

 

كانت للبطريرك الراعي عظةٌ تناول فيها عيد العنصرة، وعيد تأسيس محطّة تيلي لوميار، وكما في كلّ عظة له، أنهى كلمته بالشأن الوطنيّ.  

قال البطريرك أوّلًا في عيد العنصرة:

"إنّه عيد معموديّة الكنيسة وتثبيتها وانطلاقتها الرسوليّة شاهدة للمسيح، كما وعدها يسوع قبيل صعوده إلى السماء: "يوحنّا عمّد بالماء، أمّا أنتم فسوف تعمّدون بالروح القدس بعد بضعة أيّام ... وستنالون قوّة بحلول الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفي كلّ اليهوديّة والسامرة، حتّى أقاصي الأرض" (أعمال 1/ 5).

الشرط لإعطائه هو محبّة المسيح بحفظ وصاياه: "إذا كنتم تحبّوني، فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من أبي أن يعطيكم برقليطًا آخر ليكون معكم إلى الأبد، روح الحقّ"(يو14: 15-17)

بعد خمسين يومًا من قيامة الربّ يسوع حلّ الروح القدس على الكنيسة الناشئة. ثلاث عناصر مرئيّة كعلامات لحلوله:

1- الصوت المدوّي كعاصفة ريح ملأت البيت.

2- الألسن الناريّة المنقسمة التي استقرّت على كلّ واحد من المجتمعين.

3- النطق بلغات مختلفة فهمها الجمع الحاضر في أورشليم، فكان كلّ واحد منهم يسمعهم يتكلّمون بلغته (أع 2/ 2-6).

يسمّى باليونانيّة "البندكستيّ" (pentecoste) التي تعني اليوم الخمسين، وهو عيد معروف في العهد القديم "بعيد الأسابيع" (خر 34/ 22)، في ختام الأسابيع السبعة التي تلي عيد الفصح اليهوديّ، شكرًا لله على بواكير غلّة الحنطة.

تابع الأب البطريرك شرحه عن العنصرة، قال:  

"زمن العنصرة يمتدّ حتّى زمن ارتفاع الصليب، ومعه ينتهي زمن القيامة. معه، ظهر يسوع المسيح لتلاميذه وهم مجتمعين في العُلّيّة والأبواب موصدة قائلًا: "خذوا الروح القدس"، بالتالي، معه يبدأ زمن الروح القدس (يو 20/22) وفيه نعود إلى السجود، وإلى القطاعة أيّام الجمعة."

أردف البطريرك قال: "زمن العنصرة هو  زمن الروح القدس الذي يقود المؤمنين والكنيسة إلى الحقّ كلّه .ويسوع منحه للرسل، كي يفعل "فيهم" و "في" كلّ شخص يقبله؛ وكلّ من يطلبه  فهو الروح الحيّ والمحيي.

إننا نستحقّ عطيّة الروح القدس بحفظ الوصايا الإلهيّة: "إذا كنتم تحبّوني، إحفظوا وصاياي (يو 14/15-16)، فالوصايا طريقنا إلى الحريّة، "بقدر ما نخدم الله بحفظ وصاياه نكون أحرارًا، بقدر ما نخدم شريعة الخطيئة، نكون عبيدًا" (القدّيس أغسطينوس، شرح إنجيل يوحنّا، 41/10).

تابع البطريرك: "الروح القدس يحرّر ويمنح حريّة أبناء الله. "فحيث روح الربّ، هناك الحريّة" (2 كور 3/17). حريّة الإنسان وشريعة الله لا تتنابذان، بل تتجاذبان، لأنّ ثمّة رباطًا قائمًا بين الحريّة والشريعة الإلهيّة، ولأنّ تلميذ المسيح مدعوّ للحريّة" (أنظر غلا 5/13) (تألّق الحقيقة، 17).

أنّ المسيح بموته وقيامته، مات عن الجميع وقام من أجل الجميع، تكفيرًا عن خطاياهم، ربًّا للحياة الجديدة فيهم، هكذا الروح القدس مفاض على جميع الناس بمواهبه السبع."

من هنا، انتقل البطريرك الراعي إلى الشقّ الوطني من كلمته، قال فيه: " فنحن نصلّي لكي يمسّ الروحض القدس ضمائر المعطّلين انتخاب رئيس للجمهوريّة وربطه حاليًّا بحرب غزّة. فمن أجل هذه الحرب، يجب أن يكون للبنان رئيس ذو صلاحيّة كاملة للتفاوض في هذا الشأن. وبما أنّ الحالة التفاوضيّة بشأن لبنان والمنطقة، فمن الضرورة بمكان وجود رئيس للجمهوريّة يستطيع دون سواه الجلوس إلى مائدة التفاوضات. فلا يوجد بالنسبة إلينا أي سبب مبرِّر لعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة لكي تنتظم المؤسّسات الدستوريّة وتتمّ المحافظة على الدستور والكفّ عن مخالفته يوميًّا. فعلى حفظه يقسم رئيس البلاد يمينه الدستوريّة. ففي غيابه لا دستور، ولا قانون، سوى النافذين بكلّ أسف.

ختامًا لنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، ليحلّ الروح القدس على الجميع، لنعيش في الحكمة والفهم والمعرفة لإيماننا، والمشورة والقوّة لرجائنا، وتقوى الله ومخافته للمحبّة في قلوبنا. فنرفع المجد والتسبيح للثالوث القدّوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين."