لبنان
23 كانون الثاني 2025, 09:45

زحلة تصلّي من أجل وحدة المسيحيّين

تيلي لوميار/ نورسات
تجاوبًا مع دعوة مجلس أساقفة زحلة والبقاع، اجتمعت كنائس زحلة في كاتدرائيّة سيدة النّجاة للصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين تحت عنوان "أتؤمنين بهذا؟" في الأسبوع المخصّص للصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين.

شارك في الصّلاة: رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، راعي أبرشيّة زحلة المارونيّة المطران جوزف معوّض، راعي أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس المتروبوليت أنطونيوس الصّوريّ، راعي أبرشيّة زحلة والبقاع للسّريان الأرثوذكس المطران بولس سفر، رئيس اللّجنة الأسقفيّة للعلاقات المسكونيّة المطران يوسف سويف، قائد منطقة البقاع في قوى الأمن الدّاخليّ العميد نديم عبد المسيح، العميد إدوار القسّيس، عدد من ممثّلي الطّوائف، رؤساء الأديار الرّاهبات والرّهبان وحشد كبير من المؤمنين.  

وبحسب إعلام أبرشيّة الفزرل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك، "تخلّل اللّقاء صلوات ابتهاليّة للسّادة الأساقفة ومشاركة لجوقات الأبرشيّات في تأدية تراتيل من الطّقوس البيزنطيّة والسّريانيّة، كما كانت طلبات خاصّة للمطران يوسف سويف، الأب اليشان ابارتيان (ارمن كاثوليك)، الأب يزيكيل سلوميان (أرمن أرثوذكس)، جوزف انطي (سريان كاثوليك)، الأب الياس نارسوانيان (دير مار فرنسيس) والأب جوزف نصّار (دير السّيّدة تعنايل).

وكانت للمطران سويف كلمة تحدّث فيها عن الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين فقال:

"إخوتي السّادة الأساقفة، الآباء الأفاضل، أخواتي الرّاهبات، سيادة العميد نديم عبد المسيح الحبيب، أيّها الإخوة والأخوات في الرّبّ.  

سيّدنا ابراهيم، أنا بإسم اللّجنة الأسقفيّة للعمل المسكونيّ بالتّعاون مع مجلس كنائس الشّرق الأوسط، أشكرك من صميم القلب على استضافتك هذه السّنة لصلاة وحدة المسيحيّين في هذا الأسبوع المخصّص للصّلاة لأجل وحدة المسيحيّين في كلّ العالم. أسأل الرّبّ أن يكون معك ومع كلّ إخوتي المطارنة في هذه المدينة العريقة، زحلة، الّتي بادرت منذ عقود بأن تصلّي معًا وأصبحت رمز العمل بالرّوح القدس لوحدة المسيحيّين من خلال لقاء الكنائس مع بعضها البعض سنويًّا للصّلاة مع بعض ويعبّروا أمام كلّ أوجاع الانقسام الموجودة في هذا العالم، الموجودة في جسم المسيح، إنّه أوّلًا وأخيرًا نحن نؤمن بمسيحٍ واحد، بالله الآب الواحد وبالرّوح القدس الواحد وبمعموديّة واحدة وبكنيسة واحدة جامعة مقدّسة ورسوليّة."

وأضاف: "نعم أحبّائي، لا نستطيع إلّا أن نشكر الرّبّ في هذا الأسبوع، وفي كلّ يوم من أيّام حياتنا، لأنّ رغبته الأساسيّة وهو على عتبة الفصح متوجّهًا إلى الموت وتتميم إرادة الآب كان يقول في البستان وما زال يقول في بستان الفردوس "ليكونوا واحدًا كما أنا وأنت أيّها الآب واحد".

عنوان الصّلاة عالميًّا هذه السّنة هو السّؤال الّذي وجّهه الرّبّ يسوع إلى مرتا وبقربها مريم اللتين كانتا تعيشان اختبارًا مؤلمًا في حياتهما لفقدان شقيقهما لعازر. يسوع كان يقول لمرتا "أتؤمنين بهذا؟". هذا هو عنوان الأسبوع عالميًّا وهذا هو العنوان وهذا هو السّؤال الّذي يوجّهه الرّبّ يسوع لكلّ شخص منّا، ليس فقط في هذا الأسبوع ولكن كلّ يوم من أيّام حياتنا "أنؤمن بهذا؟" ما هو هذا الهذا؟ إنّه يسوع الطّريق والحقّ والحياة، هو الّذي بموته وقيامته يعطي الحياة الجديدة للعالم. لذلك العزاء الّذي دخل إلى قلب مرتا ومريم، والعزاء الّذي يدخل إلى قلب الكنيسة، أيّ نحن، هو أنّ يسوع انتصر على الموت بقيامته من بين الأموات وأعطانا الحياة الجديدة ودعا لنعيش إيماننا العميق فيه، هو الألف والياء، هو المسيح الإله الحيّ الّذي انتصر على كلّ عتمة وكلّ ظلم، وهو الّذي يداوي جراح الانقسام الّذي هو انعكاس للضّعف البشريّ. لا نستطيع إلّا أن نشكره في هذه الصّلاة المسائيّة الرّائعة الّتي من خلالها نعبّر أمامه، وهو المسيح الممجّد القائم، إنّنا كنيسة واحدة، وهذا الانقسام الّذي نحمله في أجسادنا، والّتي تحمله الكنيسة في تاريخها، نقدّمه أمام مذبح الرّبّ وهو يرافقنا ويقودنا إلى الوحدة الكاملة، متى أراد هو بروحه القدّوس لنشترك في الكأس الواحد ونتجدّد بالإفخارستيّا الواحدة."

وتايع المطران سويف: "أحبّائي. هذه السّنة أيضًا وفي إطار موضوع الإيمان، الكنيسة بأسرها تحتفل وتشكر الرّبّ على مجمع نيقيا، ونحن نحتفل بيوبيل 1700 عام على انعقاده، وهو المجمع المسكونيّ الأوّل الّذي عبّرت الكنيسة من خلاله عن إيمانها بصيغ وجمل وكلمات كانت تشير أنّ يسوع المسيح هو ابن الله الحيّ، هو المخلّص، لذلك نحن يا أحبّائي، أمام هذا الاختبار العريق، اختبار الكنيسة، لا نستطيع إلّا أن نقول له "يا ربّ زدنا إيمانًا بك"، زدنا إيمانَا أمام التّحدّيات الّتي نعيشها، في كلّ زمن الكنيسة كان هناك تحدّيات، ولكن نحن في هذا الزّمن لدينا تحدّيات كثيرة وكبيرة، والانقسام الّذي نعيشه في قلب البيت الواحد، في قلب العائلة الواحدة، في قلب الكنيسة الواحدة وبين الكنائس وبين الدّيانات وبين الدّول، هو أكبر تحدٍّ تواجهه الإنسانيّة، لذلك أمام هذا التّحدّي الكبير لا نستطيع إلّا أن نقول له "يا ربّ زدنا إيمانًا وثبّتنا في الوحدة والمحبّة"."

وأردف: "التّحدّي الموجود في العالم اليوم هو تحدٍّ كبير جدًّا اسمه اللّامبالاة. لاميالاة بالإيمان، بالرّبّ، بالله بحياتنا المسيحيّة، الإنسان الموجود أمامي مجروح ومثقل بالوجع والألم من جرّاء الحروب واللّاانسانيّة، لا يعني لنا شيئًا. لذلك اليوم الخطيئة الكبرى الّتي يقول عنها البابا فرنسيس خطيئة العصر هي اللّامبالاة. نحن في هذه الصّلاة المسائيّة نطلب نعمة الشّفاء من خطيئة اللّامبالاة. التّحدّيات الموجودة في بلدنا وفي الشّرق الأوسط، وكلّ صلواتنا كانت متوجّهة لكي يتجدّد وينعم بالغفران والمصالحة والسّلام، هي تحدّيات الحروب والصّراعات والتّهجير والتّحوّلات الكبرى الّتي تحصل في المنطقة، لذلك أمام هذه التّحدّيات علينا أن نجدّد ثقتنا بالرّبّ، هو الثّابت هو القدّوس هو المنتصر على كلّ شرّ وكلّ حرب، لذلك في هذا الأسبوع نطلب نعمة الثّبات في الإيمان وأن نكون شهودًا حقيقيّين لهذا الإيمان بالقائم والحيّ، يسوع المسيح، وهذا هو رجاؤنا أن نصل إلى الوحدة وأن نكون شهودًا ليسوع المسيح من خلال موضوع نعيشه في الكنيسة الجامعة هذه السّنة وهو اليوبيل المقدّس تحت عنوان "الرّجاء لا يُخَيِّب". من هو الرّجاء الّذي لا يخيّب؟ يسوع هو رجاؤنا، هو فصحنا، هو سلامنا، هو الّذي لا يخيّب الإنسان أمام خيبات الأمل والوجع وكلّ التّحدّيات الّتي نعيشها، لذلك نحن مدعوّون في هذه السّنة بالذّات أن نكون حجّاج الرّجاء، نسير مع بعضنا البعض لنلاقي الرّجاء، يسوع المسيح، وبهذه الطّريقة نحن مدعوّون لنصبح شهودًا لمحبّته اللّامتناهية وعيشنا للوحدة قبل أن نصل إلى الوحدة الكاملة. نحن نقدر أن نعيش الوحدة، وأكبر علامة للعالم أنّنا مدعوّون لكي نحبّ بعضنا بعضًا ويؤمن العالم عندها بيسوع المسيح. نعيش هذه المحبّة ونجسّد هذه الوحدة بالصّلاة، ونشكر الرّبّ لأنّنا نلاحظ أنّ الكنائس ترغب وتتوق، ليس فقط في هذا الأسبوع ولكن خلال السّنة، أن يكون هناك محطّات روحيّة نصلّي من خلالها مع بعضنا البعض."

وإختتم: "كما أشرت زحلة هي مدرسة في هذا الاختبار الصّلاة، ولكن أيضًا إلى جانب الصّلاة نحن مدعوّون على المستوى الرّعويّ وعلى المستوى الاجتماعيّ والإنسانيّ لكي نعيش العمل معًا. نستطيع أن نعمل معًا على المستوى الرّعويّ، وبهذه الطّريقة نشهد للمحبّة ونشهد للوحدة بيسوع المسيح، وأيضًا على المستوى الاجتماعيّ وعلى المستوى الإنسانيّ نستطيع أن نعمل سويًّا من كلّ الكنائس، من كلّ الانتماءات، لأنّ هذه الكنائس هي حقيقة نعمة من الرّبّ، لأنّها تظهر غنى يسوع المسيح، تظهر تعدّديّة مواهب الرّوح القدس الّتي تتوّجها المحبّة الّتي تجمع.  

أنؤمن بهذا؟ أكيد نؤمن بهذا بنعمة الرّبّ الّذي يرافقنا اليوم وغدًا وإلى أبد الآبدين آمين."

المطران ابراهيم مخايل ابراهيم تحدّث في اللّقاء داعيًا ‘لى عيش الوحدة بشكل استباقيّ وقال: "أتوجّه بالشّكر إلى سيادة المطران يوسف سويف على كلماته الجميلة الّتي وضعتنا أمام معرفة هذا الحدث، هذه الصّلاة من أجل الوحدة، وحدة المسيحيّين، وحدة الكنائس. ونحن اليوم عشنا هذه الصّلاة على مرّ السّنوات، وهي صلاتنا على الدّوام. وهنا تستحضرني كلمات للمعلّم الكبير اللّاهوتيّ الأرثوذكسيّ المطران جورج خضر الّذي يقول إنّنا نكثّر الكثير من الصّلوات والكثير من التّرانيم والتّراتيل، ونطيل أحيانًا في هذه الصّلوات لكن يبقى هناك شيء ينقصنا هو المحبّة. المحبّة هي طريق الوحدة، بدون محبّة لا يمكن للوحدة أن تتحقّق، يسوع صلّى لأنّه كان يعرف أنّ المحبّة تنقصنا، يريدنا أن نكون واحدًا كما هو والآب واحد، لأنّ الرّوح القدوس يجمع الآب بالإبن هو محبّة أزليّة لا بداية ولا نهاية لها.

نحن مدعوّون لعيش هذه المحبّة، وخصوصًا نحن كمسيحيّين في هذا الشّرق مدعوّون لكي نتخطّى الجهد العاديّ والدّعوة العاديّة للصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين، إلى عيش هذه الوحدة واستباقها، أيّ علينا أن نعيشها حتّى لو لم تحضر بعد، ونعيشها قبل وقتها، لذلك سيّدنا يوسف ركّز على زحلة كمثال في عيش هذه الوحدة قبل الأوان، قبل تمامها. في زحلة نشعر أنّنا واحد، أنا وسيّدنا جوزف وسيّدنا أنطونيوس وسيّدنا بولس ومعنا اليوم سيّدنا يوسف، نحن استبقنا الوحدة وتمامها ونعيش هذه الوحدة من خلال المحبّة."

وأضاف: "المسيحيّون في الشّرق متعبون، وكثيرون منهم يقولونها لنا مباشرة أنّه شبعنا صلاة، شبعنا كلام، نريد أفعالًا ونريد أن تتحقّق الوحدة، وأنا أقول لهم بأنّه معهم حقّ في هذه المشاعر وهذه الرّغبة العميقة، لذلك هو كان يقدر أن يحقّق هذه الوحدة بأعجوبة وبقوّة من العلاء، لكنّه أراد أن نحقّقها نحن من خلال طريق المحبّة.

أدعوكم اليوم ألّا تنتظروا الوحدة وتمامها، عيشوها قبل الأوان، استبقوها، عيشوها من اليوم من خلال الانفتاح على الآخر والمحبّة، ولا تتعبوا من الصّلاة، صلّوا ولا تملّوا، هذه هي وصيّة الرّبّ يسوع، ولولا معرفة الرّبّ يسوع بأنّ الصّلاة هي ضرورة من أجل إتمام الوحدة، ما كان دعانا لنصلّي الصّلاة من أجل الوحدة. ومن يريدون منّا أن نوقف الصّلاة نقول لهم بأنّنا لا نستطيع أن نخالف إرادة الرّبّ، نحن سنكمل الصّلاة من أجل الوحدة حتّى لو لم نراها بأعيننا لكي يراها أولادنا والأجيال اللّاحقة."

وإختتم سيادته: "أشكر حضوركم اليوم، أشكر الجوقات، أشكر وسائل الإعلام وبنوع خاصّ تيلي لوميار وتلفزيون زحلة واذاعة صوت السّما وكلّ الّذين يواكبوننا عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ. وإلى اللّقاء في السّنوات القادمة ليس من أجل صلوات إضافيّة من أجل الوحدة، لكن من أجل وحدة استباقيّة نعيشها خلال عام 2025 وإلى الأمام."

وإختتم اللّقاء بصلاة خاصّة من أجل وحدة الكنائس وقنداق العنصرة."