لبنان
23 أيار 2022, 11:15

زحلة استقبلت ذخائر القدّيسة ريتا وابراهيم: على مثالها فلنختر اليوم ملكوت الحبّ

تيلي لوميار/ نورسات
في عيدها، استقبل آلاف المصلّين من زحلة والبقاع ولبنان، ذخائر القدّيسة ريتا في كابيلّا القدّيسة المشيّدة بجانب مقام سيّدة زحلة والبقاع، لتبقى بشكل دائم في هذا المزار بعد أن أحضرها المهندس أسعد نكد من الدّير الّذي ترقد فيه شفيعة المستحيلات في كاسيا- إيطاليا.

وللمناسبة، ترأّس مطران الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك إبراهيم إبراهيم قدّاسًا احتفاليًّا في المقام، بحضور الأساقفة: جوزف معوّض وأنطونيوس الصّوريّ وبولس سفر، ولفيف من الكهنة ورؤساء الأديرة، وفعاليّات بلديّة واختياريّة واجتماعيّة وروحيّة.

خلال القدّاس، ألقى ابراهيم عظة قال فيها بحسب إعلام الأبرشيّة الرّسميّ:

"أصحاب السّيادة أساقفة مدينة زحلة: المطران جوزيف معوّض، المطران أنطونيوس الصّوريّ والمطران بولس سفر. إنّ مشاركة كلّ الأساقفة وهذا الكمّ من الكهنة الأفاضل هي علامة إجماع على إكرام هذه القدّيسة العظيمة. قدّيسة الأمور المستحيلة. كما أنقل إليكم تحيّات صاحب السّيادة المطران نيفون سيقلي الّذي أراد أن يكون معنا، إلّا أنّ ظروفًا خاصّة حالت دون ذلك.

أحيّي المهندس أسعد نكد الّذي يرعى سنويًّا هذا الاحتفال وأدعو له بالصّحّة وطول العمر ودوام النّجاح ليتابع رسالته في زحلة وقضائها بشفاعة القدّيسة ريتا الّتي نحتفل اليوم بعيدها والّتي صار لها هذا المقام بيتًا دائمًا بسبب كرم المهندس أسعد نكد ومن خلال محبّة النّاس لها وصلواتهم. ريتا شفيعتنا جميعًا وهي اليوم في عيدها تريدنا أن نحبّ المسيح على مثالها. هي تريدُنا أن نحبّه أكثر ممّا نحبّها. هي تلميذة للمسيح تعلّمت في مدرسته مستمدّة منه القوّة على تحقيق المعجزات المستحيلة، والمستحيلة على قليلي الإيمان وعلى كلّ من لا يزال بعيدًا عن المسيح. ريتا اليوم تدعونا إلى الانضمام إلى هذه المدرسة الإلهيّة الّتي تستطيع إشباع النّاس من خمسة أرغفة وسمكتين كما سمعنا في إنجيل اليوم وهو إنجيل التّحضير لسرّ الإفخارستيّا الّذي يعطي فيه المسيح ذاته خبزًا سماويًّا. إنّه سرّ قوّة ريتا: لقد تغذّت من الخبز الّذي أعطاه يسوع والّذي هو جسده الّذي يبذله ليحيا العالم كما نقرأ في إنجيل يوحنّا 6/ 51. هذه العطيّة تنبُع من الحبّ. هذا ما ننشده في عيد الجسد الإلهيّ: "إِنَّ المسيحَ، إِذْ أَحَبَّ خاصَّته، وإِلى الغايةِ أَحبَّهم، منحهُم جسدَهُ ودمَهُ مأكلًا ومَشربًا. "هذه العطيّة تُظهر لنا حضور المسيح العميق في حياتنا، كما تُظهر عظمة حنوّه وتنازله. القدّيسة ريتا أدركت أنّ كلّ قوّة الحبّ الّتي فيها آتية من المسيح. الخلقُ كلُّه نابعٌ من الحبّ ومن أحشاء الله. الحبّ يرمّم ويجدّد ويؤلّه. الحبّ له صورة الثّالوث لأنّ الله حبّ في أقانيمه الثّلاثة. هذا هو أيضًا سرّ التّجسّد المنطلق من الحبّ. فكلّ ما تمّ خلقه من الحبّ وإن كان تعبير العقيدة المسيحيّة هو أنّ الله خلق كلّ شيء من العدم، لكن هذا الخلق ما كان ليتمّ إلّا من الحبّ وبحبّ لا متناهي. لم يكن بالإمكان تخليص ما قد هلك إلّا بفعل حبّ مواز لعمل الخلق عينه. الخلاصُ هو إعادة الخلق أو إعادة الولادة من الحبّ. الإنقاذ لا يتمّ الّا بالحبّ. من هنا أتى اختيار مريم رمز "الأمومة الخالدة" ليتمّ افتداء آدم وحوّاء من قِبَلِ "الأبوّة الخالدة" بقرار ثالوثيّ وبإخلاء الابن لذاته كي يُتمّ مشروع الخلاص ويدعونا الى ملكوته السّماويّ. قد ينتقدني البعض لإعطائي أهمّيّة بالغة للأطفال في الكنيسة. كلّنا يدرك أنّ تمام الأبوّة والأمومة يصير في الأطفال. يسوع قال إنّ الملكوت هو للأطفال. في الكتاب المقدّس نرى أنّ آدم وحوّاء لم يعرفا الأمومة والطّفولة. هنا تكمن أهمّيّة التّجسّد بإعادة الأمومة والطّفولة لتصل الإنسانيّة الى الكمال. الله هو أوّل من عاد كالأطفال لتجسّده صائرًا طفلاً يرتعي في حضن مريم. وكما في السّماء كذلك على الأرض.

ريتا أدركت أنّ الموت أفضل من ضياع الحبّ. ملكوت الله هو ملكوت الحبّ الّذي يبدأ على الأرض بأعمال محبّة راديكاليّة لا مساومة فيها ولا غش ولا مراوغة. ليس هناك من أنصاف حبّ. هذا ما نقرأه في سفر الرّؤيا (سفر رؤيا يوحنّا اللّاهوتيّ 3: 16) "هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي."

هذا الفتور ما عرفته ريتا يومًا. لم تختبره أبدًا. بل كانت دائمًا حارّة في إيمانها واختيارها لملكوت الحبّ.

على مثال ريتا فلنختر اليوم ملكوت الحبّ. القداسة الرّاديكاليّة عبر الحبّ الّذي لا يساوم أبدًا. مع ريتا وبشفاعتها نستطيع التّغلّب على الكراهيّة والانتقام لنزرع الحبّ ونحصد القداسة."

هذا وأكّد زحلة أنّ "زحلة تستأهل منّا الكثير وهي المدينة المنفتحة على الجميع، وما كانت هذه الكابيلا لولا سهر وعناية القدّيسة ريتا والسّيّدة العذراء لهذه المدينة والبقاع وأهلهما المحبّين للسّلام".