لبنان
16 آب 2018, 12:30

زحلة احتفلت بعيد السّيّدة وبذكرى تولية المطران درويش السّابعة

أحيا رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنّا درويش بعيد انتقال السّيّدة العذراء، وعيد الأبرشيّة والذّكرى السّابعة لتوليته مطرانًا عليها، في قدّاس احتفاليّ ترأّسه في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة بحضور راعي أبرشيّة زحلة المارونيّة المطران جوزف معوّض، وراعي أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس المتروبوليت أنطونيوس الصّوريّ، والمعتمد البطريركيّ للرّوم الأرثوذكس في روسيا المتروبوليت نيفن صقلي، ونوّاب ووزراء حاليّين وسابقين، وفعاليّات اجتماعيّة وعسكريّة وشعبيّة.

بعد الإنجيل، ألقى المطران درويش عظة قال فيها: 
"أرحّب بكم جميعًا أيّها الأحبّاء وأثمّن حضوركم معنا في هذا القدّاس الإلهيّ الّذي نحتفل به بعيد سيّدة النّجاة وهو عيد الأبرشيّة، كرّسَهُ أبناؤنا وأجدادنا يومًا مقدّسًا، لنشكر مريم العذراء على مساهمتها في نجاة زحلة من الكوارث والحروب عبر تاريخ زحلة. إنّنا نشعر معكم بفرح وامتنان لسيّدة النّجاة ونشكر الله على هذه السّنة، إنّها سنة خير وبركة، فقد حملت لنا الكثير من النّعم، ومن بينها النّوّاب الجدد الّذين نأمل أن تُسهّلَ كتلهم الكبرى ولادة الحكومة العتيدة على قاعدة الإنتاجيّة والوحدة الوطنيّة. نرحّب بهم في هذا القدّاس الإلهيّ ونتمنّى لهم من جديد عملاً مثمرًا وناجحًا كما نأمل أن يكونوا متضامنين في عملهم وفي سعيهم لتحسين أوضاع النّاس الاقتصاديّة والاجتماعيّة. 
في هذا العيد، عيد سيّدة انتقال مريم العذراء إلى السّماء، نجتمع حول سيّدة النّجاة لنصلّي وننشد معًا لمريم هذا النّشيد الّذي ما زال يتردّد على مسامع البشريّة عبر الأجيال: "تُعظّمُ نفسي الرّبّ.. إنّ القديرَ صنعَ بي عظائم".
صحيح أنّ الرّبّ صنع في مريم العظائم، لكنّه ما زال يصنع فينا العظائم، فكلُّ من يعاونُ الله في مجالات الحياة كافّةً: إن في الكنيسة، أو في المجتمع، أو في السّياسة أو في قضايا النّاس العادلة، وكلُّ من يثبتُ في الإيمان ويعملُ إرادة الله، يستحقُّ الطّوبى من الله. وكما كانت العذراء مركزَ محبّةِ الله، هكذا نحنُ أيضًا محطَّ محبّتهِ وهو يخُصُّنا بِنِعَمٍ كثيرة. 
إنّ عيد الأبرشية يذكّرنا أيضًا بوحدة الكنيسة فهي واحدة لأنّ المؤسّس هو واحد وهو يسوع المسيح، ولكن ليس المهمّ أن نؤمن بمبدأ الوحدة، بل أن نكون نحن أعضاء الكنيسة موحّدين، يعني أن نسير معًا في تناغم وتوافق وهذا يتمّ فقط بالمحبّة الّتي تجمعنا وبالأعمال المشتركة الّتي نقوم بها، وبالأعياد الّتي نحتفل بها سويّة وبتقاسم أفراحنا وأحزاننا.
اليوم أيضًا هو عيد الأبرشيّة، وهو مناسبةٌ عزيزة على قلوبنا جميعًا، نجدّد فيه معًا محبّتنا وتكريمنا لمريم سيّدة النجاة، والعيد أيضًا محطّة تاريخيّة، نفحص فيها ضميرنا ونصوّب مسيرتنا ونحاسب ذواتنا ونصمّم من جديد على حمل رسالة كنيستنا الغنيّة بتراث مقدّس فنستحقّ أن نكون شهودًا لذاك الّذي أرسلنا لنشهد لحبّه للبشر، شهودًا ليسوع المسيح.
نلتقي معًا لنجدّدَ الوعد بأنّنا واحدٌ بصلاتنا ومحبّتنا، فنحنُ نُكوّنُ رعيّةً واحدة لراعٍ واحدٍ، هو الرّبّ يسوع المسيح، رأسُ الكرمة والمدبّرُ الصّالح لأمور حياتنا. إنّي أشكر الله على هذه الأبرشيّة وأشكره على تماسُكِ أبنائها ووحدتهم وروحِهم الطّيّبة، وأنتم على حدّ قول الرّسول بولس: "رجاؤنا وفرحنا وإكليلُ فخرنا.. أنتم مجدُنا وفرحُنا" (1تسالونيكي2/19).
اليوم أيضًا أُنهي سبعَ سنوات منذُ توليتي رئاسة الأبرشيّة، حاولت خلالها أن أُعطي على قدْرِ ما أعطاني الله من نعمٍ، عملتُ بحبٍّ وصلّيت بحبٍّ وأعطيتُ بكرمٍ ولم أنسى أن أفتح قلبي للمتألّم والنّازح والفقير وقدّمنا لهم، ولو بحرمان نفوسنا، بعضًا من حاجاتهم، وكان الهدف أن نخفّف الآمهم وإشراكهم في سعادتنا. لقد حاولنا أن نفتح باب المحبّة على مصراعيه، لتنعمَ مدينتنا بالطّمأنينة والسّلام، وينعمَ المحتاج بالعدالة والمساواة.
كما ركّزنا كثيرًا على العمل الرّاعويّ فزرنا الرّعايا مرارًا واطّلعنا على نشاطاتهم، صلّينا معهم ووضعنا إمكانيّات الأبرشيّة بتصرّف الجميع ونشّطنا الجمعيّات والمؤسّسات العاملة في الأبرشيّة، وسنعقد مؤتمرًا خاصًّا لها في السّابع عشر من هذا الشّهر في بلدة عيتنيت تحت عنوان "افرحوا فالرّبّ دعاكم" وذلك لتفعيل عملهم في الأبرشيّة."
المطران هو أب للجميع وبخاصّة لأخوته ومعاونيه الكهنة وهو يسهر على كلّ واحد منهم ويوليه عنايته الخاصّة، وإن كان النّاس ينادونه "سيّدنا" فالسّيادة في المسيحيّة هي خدمة وعطاء وبذل الذّات لأجل الآخرين.
لذلك ونحن على هذا المذبح المقدّس نجدّد العزم والمقصد للعمل لأجل تقديس الإنسان الّذي أحبّه الله وأرسل ابنه يسوع فصار إنسانًا ليخلّص الإنسان ويقوده إلى حياة الملكوت.
نجدّد العهد لنكون في خدمتكم وخدمة كلِّ محتاج فنحن مستمرّون في تحمّل مسؤوليّاتنا الرّوحيّة والرّاعويّة والاجتماعيّة والإداريّة والوطنيّة والقيام برسالتنا المقدّسة في قيادة أبنائنا إلى قداسة الحياة.
نجدّدُ الرّغبة بالتّعاون الوثيق مع نوّابنا الأحبّاء والمسؤولين عن هذه المدينة وهذا البقاع الرّحب لما فيه خيرُ الإنسان، وسنُتابعُ العمل معَهُم، مُستمدّين القوّة والعزم من تاريخٍ بناهُ أسلافُنا الكبار الّذين تميّزوا بأهدافٍ ورؤى واعدة، وسنسعى دومًا جاهدين لتحقيقها.
نرفع صلاتنا إلى أمّنا وشفيعتنا سيّدة النّجاة لكي تباركَ كلَّ الّذين عملوا إلى جنبنا طيلةَ هذه السّنوات من كهنة وعلمانيّين، مجالس راعويّة، أخويّات وجمعيّات، حركاتِ أولادٍ وشبيبة، جوقاتٍ، مصلّينَ، متطوّعينَ للخدمة، ومحسنينَ بأقوالهم وعطاياهُم، فكلُّهُم جعلوا الأبرشيّة منارةً مزدهرةً في كلّ الحقول.
أوجّه في هذا العيد تحيّة وبركة من المخلّص، إلى أخوتي أصحاب السّيادة أساقفة المدينة، إلى الأخوة النّوّاب ورؤساء البلديّات والمخاتير والمؤسّسات والجمعيّات والأحزاب وممثّلي الإعلام الّذين لبّوا دعوتنا اليوم لنحتفل معًا بعيد الأبرشيّة. إنّي أتطلّع إلى تعاونكم الدّائم لنبقى معًا متّحدين لحماية كرامة الإنسان، فمعكم تكبر المحبّة وينمو الرّجاء.
أيّها الأخوة والأخوات، نسأل أمّنا العذراء مريم شفيعتنا جميعًا أن تنظر بعطف، كما تفعل دومًا، إلى كلّ واحد منكم وتبارك جهودكم وعملكم."