لبنان
16 حزيران 2025, 08:45

زحلة احتضنت أكثر من 550 شابًا وشابّة في لقاء شبيبة الرّوم الملكيّين الكاثوليك في لبنان

تيلي لوميار/ نورسات
تحت شعار "قد عرفنان"، احتضنت مدينة زحلة لقاء شبيبة الرّوم الملكيّين الكاثوليك في لبنان، بمناسبة اليوبيل المئويّ الثّاني لخميس الجسد، الّذي يحيي الأعجوبة الإلهيّة الّتي أنقذت المدينة من وباء الطّاعون قبل مئتي عام، وقد شارك فيه أكثر من 550 شابّ وشابّة من مختلف أبرشيّات لبنان.

وبحسب إعلام أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك، "كانت المحطّة الأولى في اللّقاء في مطرانيّة سيّدة النّجاة حيث توزّع الشّباب والصّبايا على الفرق، وقبل الانطلاق في تنفيذ البرنامج المقرّر كانت وقفة صلاة في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة بمشاركة رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت إيلي معلوف، مرشد الشّبيبة البطريركيّة الأب ساسين غريغوار، مرشد شبيبة الأبرشيّة الأب أومير عبيدي والكهنة المرافقين لفرق الأبرشيّات، بالإضافة إلى الرّاهبات.

وكانت كلمة للمطران ابراهيم شجّع فيها الشّباب على الثّبات في الإيمان والرّجاء رغم التّحدّيات، ودعاهم ليكونوا شهودًا للمسيح في مجتمعاتهم، عبر الالتزام الكنسيّ والاجتماعيّ".

وقال ابراهيم بحسب إعلام الأبرشيّة: "أرحّب بكم بإسم صاحب الغبطة جوزيف العبسيّ الكلّيّ الطّوبى، الّذي هو الأب القدّيس الّذي يرأسنا جميعًا في كنيستنا الملكيّة المُفدّاة وفيكم نرى أيقونة السّيّد الغالية على قلوبنا.

لذلك أرحّب بكم اليوم أيّها الغوالي مع كلّ مرافقيهم، فأهلًا بكم، أيّها الشّباب في هذه الكاتدرائيّة التّاريخيّة، يا من تحملون في قلوبكم شعلة الرّجاء، وتسيرون على دروب الإيمان بشجاعة الشّباب وعزم الرّوح!

أهلًا بكم في زحلة... مدينة القمح والخمر، مدينة الكنائس والأجراس والمزامير، مدينة الشّهداء والقدّيسين... مدينة خميس الجسد الإلهيّ، الّتي تحتفل اليوم بمئويّته الثّانية، وتفتح أبوابها وذراعيها لكم.

القربان الأقدس: نارُ محبّةٍ ومجدٌ منظور،

عندما نتأمّل في عطيّة الإفخارستيّا، لا بدّ أن ندرك أنّ المسيح، في محبّة لا توصف، قد قدّم لنا ذاته مأكلًا ومشربًا، لا لكي نكتفي بنيل نعمةٍ خارجيّة، بل لكي يتجذّر حبُّنا له في أعماق قلوبنا. إنّ سرّ القربان الأقدس ليس مجرّد طقس مكرّر، بل لقاء مشتعل بين المحبّ والمحبوب، بين العبد والسّيّد، بين الإنسان الضّعيف والله المتجسّد.

فإن اقتربنا من هذا السّرّ العظيم بلا شوق، بلا خشوع، بلا نارٍ داخليّة تحرق فينا كلّ ما هو دنيويّ، نكون قد استهَنّا بعطيّةٍ تفوق كلّ المقاييس. وكلّما عظُمت النّعمة، عظُم الحساب. لذلك، يجب أن نكون أهلًا لما نُعطى، وندخل إلى المائدة المقدّسة بروح الرّجاء والمحبّة، لا بروح العادة والرّوتين.

عندما تعرفوه عند كسر الخبز تصيرون قلب الكنيسة النّابض، وفرحها المتجدّد، وغدها الّذي يولد الآن.

أنتم هنا كي تعرفوه في رحاب مطرانيّة سيّدة النّجاة، حيث ينعقد السّينودس المقدّس، ويلتقي رعاة الكنيسة ليصغوا للرّوح، يعلو صوتكم أنتم أيضًا أنتم الشّباب الملكيّون الكاثوليك، بنبضات قلوبكم، بأسئلتكم الجريئة، بأحلامكم الكبيرة، وبحبّكم لكنيسةٍ تنبض بحياة المسيح!

نرحّب بكم... لا كضيوف، بل كأبناء الدّار. أنتم الحاضر الّذي يسند الخطى، وأنتم المستقبل الّذي يفتح النّوافذ على الله، أنتم كنيسة اليوم لا كنيسة الغد، وأنتم نكهة المجتمع، ونور المدينة، وصوت الإنجيل حين يُتلى بلغات القلب، في زمن تعب فيه العالم، وارتبك فيه المسار.

أنتم شهود القيامة، شهود الرّجاء، شهود الإفخارستيّا، أنتم أبناء الجسد الواحد، العائش فينا، السّاكن فينا، المنكسر لأجل خلاص العالم.

فلتعلُ أصواتكم في زحلة، لا بالضّجيج، بل بالحضور النّبيل، ولترتفع صلواتكم، لا بالعدد، بل بالصّدق، ولتكن أفكاركُم مشاعل، وصداقتُكم كنوزًا، وكنيستُكم بيتًا ودفتر حُلُمٍ مفتوح."

وإختتم المطران ابراهيم قائلًا: "مرحبًا بكم في زحلة، مرحبًا بكم في بيت الرّبّ، مرحبًا بكم في حضن الكنيسة الملكيّة وفي عاصمة الكثلكة الّتي تفرح بكم وتفاخر بكم، وتنتظر منكم أن تكتبوها فصلًا جديدًا من النّعمة والرّسالة.

مرحبًا بكم باسم المسيح الحيّ، الّذي يجمعنا حول مائدته ويدعونا، واحدًا واحدًا، لأن نكون جسده الحيّ في العالم!

يدعونا أن نعرفه وبعد زيارة حجّكم إلى زحلة قولوا: قد عرفناه.

كنّا في زحلة... ولكن في السّماء، فالقدّاس هو سماءٌ على الأرض. على المذبح ترى ما لا يُرى، وتلمس ما لا يُلمَس، وتأكل ما لا يوصَف. الله يعطيك ما هو أثمن ممّا في السّماوات. ليس ملائكة، ولا رؤساء ملائكة، بل الرّبّ نفسه، الرّبّ الّذي تهابه السّماوات، تلمسه أنت بيديك، وتحمله إلى بيتك.

إحملوه إلى بيوتكم، خدمةً، وتعليمًا، ووقوفًا بجانب الفقراء. الإفخارستيّا هي سرّ الانطلاق من الله إلى الإنسان، ومن الكنيسة إلى الشّارع.

فلنخرج بعد زيارة زحلة ونحن نحمل العالم في قلوبنا، والفقراء في صلاتنا، والسّلام في أيدينا، والمسيح حيًّا في داخلنا. وليكن كلّ واحدٍ منّا إفخارستيّا حيّة: حضورًا إلهيًّا في قلب العالم، وخبزًا مكسورًا من أجل الجميع."

وفي نهاية الصّلاة قدّم الأب غريغوار وشاح لقاء الشّبيبة إلى المطران ابراهيم عربون محبّة وتقدير.

وإنطلقت الشّبيبة إلى الرّعايا حيث شاركوا بتنشئة روحيّة وأعمال رحمة مع المسنّين.

وفي ختام اللّقاء، ترأّس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ القدّاس الإلهيّ في كنيسة مقام سيّدة زحلة والبقاع، وشارك فيه رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، مرشد الشّبيبة البطريركيّة الأرشمندريت ساسين غريغوار، مرشد الشّبيبة في أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع الأب أومير عبيدي، عضو مجلس بلديّة زحلة المعلقة وتعنايل السّيّد نديم التّرك ممثًلًا رئيس البلديّة المهندس سليم غزالة، الكهنة المرافقين للمجموعات، راهبات، إلى جانب حشود من الشبّيبة الوافدة من مختلف الأبرشيّات اللّبنانيّة، وحضور شعبيّ لافت من أبناء المدينة والمناطق المجاورة.

وفي عظته، عبّر العبسيّ عن سعادته بلقاء الشّباب معتبرًا إيّاهم الرّجاء بالحاضر والمستقبل، وشدّد على أهمّيّة التّمسّك بالإيمان والانخراط الفاعل في الحياة الكنسيّة والمجتمعيّة، داعيًا الشّبيبة إلى أن يكونوا شهودًا للرّجاء والمحبّة في ظلّ التّحدّيات الّتي يواجهها لبنان والمنطقة.

وقبل المناولة جدّد الشبيبة عهودهم أمام العبسيّ الّذي باركهم بالماء المقدّس، بينما كانت الجوقة ترنّم "أنتم الّذين بالمسيح اعتمدتم، المسيح قد لبستم، هلّلويا".

وفي نهاية القدّاس كانت كلمة للمطران ابراهيم رحّب فيها بالشّبيبة في زحلة وشكر البطريرك العبسيّ، وممّا قال:

"بإسمكم جميعًا وبإسم مدينة زحلة أشكر غبطته على حضوره اليوم، لأنّ حضوركم وحضوره زيّن زحلة. زحلة أحبّت حضوركم منذ البارحة إلى اليوم، كان لدينا عيد وشعرنا به جميعًا. اليوم أشكر مدينة زحلة وكلّ القيّمين عليها وبنوع خاصّ بلديّة زحلة- المعلّقة وتعنايل الممثّلة بيننا بالسّيّد نديم التّرك."

وأضاف: "زحلة هي عاصمة الكثلكة ومدينة الكنائس، واليوم صاحب الغبطة في هذا القدّاس الإلهيّ المميّز بارك المدينة، وسيباركها بحضوره وبحضور آباء السّينودس المقدّس في يوم خميس الجسد.

أنحني أمام كلّ تضحياتكم وأمام الوقت الّذي منحتمونا إيّاها ونقول لكم ألف شكر على حضوركم في مدينة زحلة."

وإختتم "نحن مسرورون جدًّا أن يكون على رأس كنيستنا بطريرك متواضع، شابّ في قلبه وفي فكره وفي نبض شبابه. هل هناك أجمل من أن ينزل غبطة البطريرك ويسير معنا في أحياء المدينة، ويسهر معنا ويتحدّث معنا؟ هذه هي القداسة الّتي تحدّث عنها غبطته اليوم في عيد جميع القدّيسين، هذه هي القداسة المجسّدة أعمالًا ."

وقدّمت لجنة الشّبيبة البطريركيّة درعًا تكريميًّا للمطران ابراهيم عبرون شكر وتقدير، ولمرشد الشّبيبة في الأبرشيّة الأب أومير عبيدي عربون محبّة وشكر، كما قدّمت صليبًا إلى البطريرك العبسيّ.

يُذكر أنّ "لقاء الشّبيبة الملكيّة في زحلة شكّل محطة بارزة في مسيرة العمل الرّاعويّ الشّبابيّ، وقد تخلّلته ورش عمل، لقاءات تأمّليّة، نشاطات ترفيهيّة، وزيارات حجّ، وجاء هذا اللّقاء تتويجًا لجهود كبيرة بذلتها اللّجنة التّنظيميّة بدعم من مطرانيّة سيّدة النّجاة وفعاليّات المدينة، ليكون علامة رجاء في قلب الكنيسة والوطن"، وفق ما نشر إعلام الأبرشيّة.