أوروبا
09 كانون الثاني 2019, 11:36

رهبنة الفادي الأقدس تودّع "معلّم الأجيال"

ودّعت أمس رهبنة الفادي الأقدس الأب لوسيان كوب المخلّصيّ في قدّاس جنائزيّ في بلجيكا ترأّسه الأب لوسيان كوب، حضره من العراق رئيس أساقفة أبرشيّة أربيل المطران بشار متّي وردة من العراق والآباء منصور المخلّصيّ وميسر موسى المخلّصيّ ومنهل كامل، ومن مصر المدبّر البطريركيّ لأبرشيّة القاهرة الأب بولس ساتي المخلّصيّ، ومن إيسن- ألمانيا الأب ريبوار باسه، ومن بلجيكا الأب سليمان أوز.

 

خلال القدّاس ألقى المطران وردة عظة قال فيها بحسب موقع البطريركيّة الكلدانيّة:

"أقف في حضرة إلهنا وملكنا اليوم لأودّع بين يديهِ عطيّة حياة معلّمنا ومرشدنا الرّوحيّ، الأب لوسيان كوب، بعد أن التزمَ أمينا في خدمتهِ راهبًا وكاهنًا لسنوات طويلة كشفَ فيها عن إيمان نزيهِ فعاش مؤمنًا به إلهًا أوحد في حياهِ وأحبّه بكلّ قلبهِ ونفسه وذهنهِ وقوتّه.

سَمِعَ دعوة الرّبّ له فانطلق إلى بلاد ما بين النّهرين، أرض إبراهيم، أور الكلدانيّين، في فعل طاعة تامّة لكلمتهِ، فأحبّ أهلها جيمعًا من دون تمييز وتعلّم لغتهم وتعرّف على تقاليدهم ليكون خادِم حاجاتهم الرّوحيّة، واجتهد أن يكون أمينًا في خدمتهِ هذه، مُبيّنًا استعداده وجهوزيّتهِ في كلّ ما يُطلَب منه، فلم نسمع منه عبارة “لا” أو رفض لطلبٍ أو التماس، بل حرص على أن يجد الوقت والجهد الكافي ليحتفل بالقدّاس أو يُعدّ محاضرة ويواصِل إلقاء الدّروس في الكتاب المقدّس، ومدّ يده ليُساعد كثيرين في كيفيّة قراءة كلمة الله، لأنّه أحبّ الله، إله إبراهيم وإسحق ويعقوب ويسوع، وأرادَ أن يكون محبوبًا من قبل الجميع.

كان رجل الله مؤمنًا بكلمتهِ أنّه خلقَ كلّ إنسان على صورته ومثاله. عاين وجهه في وجه إنسان، فكان اللّقاء وكان الفرح، فرحٌ بالعيش تحت أنظار الله الآب المُحِبّ. صلاته “وجهك يا ربُّ ألتمس”، تجسّدت في لقاء كلّ إنسان لاسيّما أولئك الّذين طلبوا أن يُصغي إلى ألمهم الرّوحيّ في منبر الاعتراف، فلم يدِن أحدًا بل كان منبر الاعتراف فرصة للقاء الله، الأب الحنون. الأب الّذي يستقبل الخاطئ بالمحبّة ويغمره بالرّحمة ويعاتبه بلطف ليشفي جراحهُ ويُعيد له كرامة البنوّة الّتي فقدها بالخطيئة. لقد اختبرَ كلُّ مَن طلبَ من الأب كوب مرافقته في إرشادٍ روحيّ أو سماع الاعتراف حقيقة أنّ الله الآب ينتظر عودتَك إليه فلا تتأخّر في التّوبة.

إجتهدَ أن يكون الخادِم النّزيه الّذي لا يترجّى المكافأة عن عملهِ، لأنّه آمنَ أنّ تكليفَ الله بالرّسالة كان نعمةَ عليه أن يقبلها شاكرًا، ليقول: إنّا عبيدٌ بطّالون إنّما فعلنا ما كان واجبًا علينا أن نفعلهُ. قَبِل دعوته وتكليف الرّبّ له مسؤوليّةً فالتزامَ بها مُحبًّا وفرحًا في كلّ لحظة أنعمَ الله عليه بها بالحياة، فالماضي والحاضر والمُستقبل هو هديّة من الرّبِّ الإله، وعلينا أن نقبلهُ بإمتنان، ونسير أمام الرّبِّ الإله بتواضعٍ شاكرين إيّاه لأنّه شاركنا هذه المسؤوليّة في أن نواصِل عمل الخلق الّذي بدأه هو، ونُسلّم الأمانةَ إلى آخرين، فنحن لسنا ألفَ العالم ويائهُ مثلما كان يقول لنا.

اليوم، ونحن نودّع أبونا كوب نشكر الله على عطيّة حياتِه بيننا، وعلى شهادتهِ الأمينة لحضوره معنا، عارفين أنّه أودعَ بين أيدينا تأمّلاتٍ كتابيّة تُغني مسيرة إيماننا فتقوّينا وقت الشّدّة وتنير لنا الدّرب وقت الصّعوبات، فالشّكر لك يا إلهنا وملكنا على كلِّ نعمِك".