لبنان
10 حزيران 2020, 10:20

رسالة من المتروبوليت سلوان إلى أبرشيّته، والمناسبة؟

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما للرّوم الأرثوذكس سلوان موسي رسالة رعويّة لمناسبة عيد العنصرة، تطرّق فيها والخبرة الطّقسيّة مع عيد حلول الرّوح القدس، والخبرات الحياتيّة الّتي طبعت نفوس البشر بسبب الحجر الصّحّيّ، فكتب:

"في عيد العنصرة، وضعت الكنيسة على فمنا أن نرتّل في القدّاس الإلهيّ، عند دخولنا في الدّورة الصّغرى إلى الهيكل، هذه الآية من مزامير داوود النّبيّ: "ارتفعْ ألّلهمّ بقوّتك، نسبّح ونرتّل لعزّتك"! (مزمور 21: 13). فمن جهة، نتذكّر صعود المسيح إلى السّموات، ومن جهة أخرى، نحيّي تحقيق وعده لنا بإرسال المعزّي. فالعزّة هنا هي حلول الرّوح القدس على جماعة المؤمنين بالمسيح. من هنا، القصد من هذا التّرتيل والتّسبيح هو أن ندخل في سياق سيادة الله على كلّ شيء: الحياة عمومًا وحياتنا أيضًا. وهذا نعلنه في عيد العنصرة والأيّام الّتي تليه بشكر وفرح واقتناع.

بإزاء هذه الخبرة الطّقسيّة، تلامس حياتنا اليوم خبرات أخرى قاسية، خصوصًا في زمن الحجر الصّحّيّ (والّذي تختلف درجاته من دولة إلى أخرى)، والّتي طبعت نفوسنا بشيء غير مألوف أو غير طبيعيّ، خبرات متفاوتة بحسب الواقع الحياتيّ، أو التّقادم العمريّ، أو قساوة الحجر ومدّته الزّمنيّة، أو فرص الاستفقاد الّتي عاشها ويعيشها المرء حتّى الآن، أو إمكانيّات المبادرة والعمل والخدمة المتوفّرة. لقد تفاوتت أحوالنا هذه بسبب طبيعة خدمة كلّ منّا وبحسب درجات المسؤوليّة وأحجام التّحدّيات الشّخصيّة والجماعيّة والكنسيّة المطروحة على كلّ واحد، وعلينا جميعًا، بفعل الواقع المستجدّ بوجود جائحة الكورونا.

بين هاتَين الخبرتَين، يأتي العيد، عيد العنصرة، حاملاً إلينا إمكانيّة تجديد النّفوس وتعزيز الرّجاء الحيّ، علّه يزيل الأسى من القلوب والقنوط من الإرادة والخوف من النّفس. فهذه الحالات تحوم حولنا لتسقطنا وتفقدنا دوافع المحبّة والشّكر والإيمان. لا بدّ لي من الشّكر معكم سلفي، صاحب السّيادة المتروبوليت جاورجيوس، كون شهادته هي دواء لها، بفعل ما يكنزه من ثقة ومحبّة وإيمان في جهاده اليوميّ. يحلو لي أن أشارك شهادته هذه كنور في طريق الخدمة، ومعين للثّبات فيها، ومشجّع للمضيّ في المسير حتّى النّهاية.

في هذا السّياق، أفرح فرحًا كبيرًا بكلّ مشاركة تردني وتعبّر عن شهادة حيّة قائمة إن في البيت أم في الرّعيّة أم في مجالات الخدمة، بحيث يصير مجموع هذه الشّهادات نورًا وتعزية وهديًا لنا في هذه الأبرشيّة. فهذه الشّهادات، وإن كانت نابعة من أبنائها وعائلاتها وإكليروسها، هي مغذّية لهم، فرادى وجماعة. جمالها وقوّتها يكمنان في تعزيز اللّحمة الأخويّة والصّلاة المتبادلة والاشتراك في حمل أتعاب الخدمة. إنّها مشاركات تزيل عنّا شبح العزلة أو الوحدة أو الإحباط (الّتي تلازم أوجهًا أو أوقاتًا من خدمتنا وحياتنا، بحدّة أو بتواتر)، وتحلّ محلّها روح الافتقاد الأخويّ وروح المعزّي الصّالح. إنّها طريق للتّعبير والشّهادة لسيادة الله المعزّية والشّافية والمحيية.

أرجو أن يزيد الله لطفه عليكم، وأن يزيد، بفضله ونعمته، لطفكم في كلّ شيء وعلى الجميع، إكليروسًا ورهبانًا وراهباتٍ وأبناء محبوبين في الرّبّ".