رسالة من البطريرك ساكو إلى الكهنة الكلدان
"يؤسفني جدًّا أن اُعلمكم أنّنا على الأرجح لن نتمكّن هذا العام، بسبب تبعات جائحة كورونا من تنظيم الرّياضة السّنويّة واللّقاء التّثقيفيّ، لذا أوَدّ أن أوجّه إلى حضراتكم هذه الرّسالة الأبويّة، خصوصًا أنّنا نحتفل غدًا الجمعة 10 تمّوز بتذكار الأسقف سهدونا، أحد كبار روحانيّ كنيستنا المشرقيّة. أشجّعكم على قراءة كتابه "السّيرة الكاملة"، قراءة متأنّية تساعدكم في اتّباعكم المسيح، وخدمتكم لإخوتكم، في ظروفهم الصّحّيّة والمعيشيّة القاسية.
أحبَّتي، إنّي وإخوتي الأساقفة نتفهَّم الأوضاع العامّة وظروفكم، في ظلّ جائحة كورونا "العزل الصّحّيّ" والخشية من تفشّي الوباء، وتعليق صلوات الجماعة والنّشاطات الّتي أثَّرت على تعاملنا وخدمتنا.
يجب أن يتميّز نشاط الكاهن بقربه من النّاس، بما يتيسّر له من وسائل في مثل هذه الظّروف الصّعبة، ورفع معنويّاتهم، ومساعدتهم ليكونوا أكثر قربًا من الله، وأكثر تضامنًا مع بعضهم. إنّ مواهبنا وكلّ ما نملك هو من أجل خدمةٍ أفضل للنّاس، كما فعل المسيح وكما سار على خطاه العديد من الكهنة القدّيسين.
علينا أن نُظهر لمؤمنينا في هذه الظّروف معاني الأبوَّة والرّعاية الإنسانيّة والرّوحيّة برقّة وحنان، بعيدًا عن كلّ أنواع الخشونة أو الانتقادات أو استغلال موقعنا لصالحنا أو لصالح من هم قريبون منّا!
لنستفد من هذا الوقت للمراجعة بعينٍ مستنيرة (مار أفرام)، والنّضوج من خلال المطالعة والتّأمّل، والصّلاة الشّخصيّة الّتي تنير دربنا، وتصقل طبعنا، وتعلّمنا طول الأناة وسلاسة التّعامل.
يسعدني أن أذكر بأنّ غالبيّة كهنتنا أمناء وملتزمون بكهنوتهم. إنّنا نفتخر بهم، ونشكرهم على ما يبذلونه من جهد في خدمة الكنيسة والنّاس، عبر مبادراتهم المتعدّدة، لكن يؤسفني القول إنّه ثمة كهنة قليلون لا تتطابق تصرّفاتهم مع كهنوتهم: "أيّها الكاهن ما أعظم رتبة خدمتك، فخدّام النّور والرّوح يهابونك" (ساكو، كتاب الرّسامات ص 75).
تُرى كيف يسمح كاهن لنفسه أن يقول على الفيسبوك التّابع لرعيّته: "كنيستنا، الله غير راضٍ عنها؟". أتساءل ما هو مقياس رضى الله؟ هل هذا الكاهن هو نبيّ؟ هل إنّ الله راضٍ عنه عندما ترك أبرشيّته وسافر من دون إذن رؤسائه؟
كما أشير إلى شكاوى المؤمنين على بعض الكهنة الّذين يبحثون عن المال بألف طريقة وطريقة، ناسين أولويّة التّجرُّد في اتّباع المسيح "أترك كلّ شيء".
العديد من كهنتنا يبدعون في استعمال وسائل التّواصل الاجتماعيّ للتّنشئة والتّثقيف وبناء الرّوحيّة، في حين يستعمله نفرٌ قليل للإثارة. بصراحة إنّنا لن نتقدّم إذا كنّا نحارب بعضنا البعض.
عندما يعيش أكثر من كاهن معًا، أراها فرصةً– نعمة لهم للتّعاون والتّعلُّم من بعضهم البعض، بدل التّنافس والتّذمّر. لقد عشتُ معظم سني كهنوتي مع كهنة وتعلّمتُ منهم الكثير الكثير، وإنّي مَدين لهم، ولا أنسى فضلهم.
إخوتي الأحبّة،
لنتحلَّ بالرّجاء والصّبر والشّجاعة، ولنعتمد لغة الحوار الهادىء والمسؤول لحلّ المشاكل، إن وِجدت.
أختم رسالتي هذه مقتبسًا قول الملاك إلى كنيسة تياطيرة "إنِّي عَليمٌ بِأعمالِكَ ومَحَبَّتِكَ وإِيمانِكَ وخِدمَتِكَ وثَباتِكَ" (سفر الرّؤيا 2/ 19)."