كندا
22 كانون الأول 2025, 09:45

رسالة الميلاد للمطران تابت، وهذا ما قاله لأبناء أبرشيّته!

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه مطران كندا للموارنة بول مروان تابت الرّسالة الخامسة والعشرين الإكليروس والعلمانيّين في أبرشيّة مار مارون- كندا، بمناسبة عيد الميلاد المجيد، جاء فيها:

"نعمة وسلام وبركة في ربّنا يسوع المسيح.
فيما ندخل ساعة اللّيلة المقدّسة لعيد الميلاد، وحيث تنتشر فرحة الميلاد في أرجاء المسكونة، أتوجّه إليكم بهذه الكلمة المفعمة سلاما ورجاء في هذا العام، وفيما نتأمّل الإرشاد الرّسوليّ لقداسة البابا لاون الرّابع عشر، وعنوانه "لقد أحببتك"، والمرتكز على ما ورد في سفر الرّؤيا (۹/۳): "... لقد أحببتك". أودّ أن أشارككم عمق هذا الإعلان الإلهيّ الّذي يتردّد في ليتورجيا الميلاد كأنشودة أبديّة، وخيط ذهبيّ يربط السّماء بالأرض. تحمل هذه الكلمات قوّة خاصّة في زمن التّحوّلات والقلق، إذ تذكّرنا بأنّ مبادرة اللّقاء بين الله والإنسان تأتي دائمًا من الله نفسه. إنّ عيد الميلاد هو تجلّيها الأبهى: أحببتك قبل أن تولد؛ أحببتك حتّى شاركتك حالتك؛ أحببتك حتّى أقمت معك". هذه العبارة تتناغم مع نصوص الكتاب المقدّس كتلك الواردة عند إرميا (۳/۳۱)، وكما يقول قداسة البابا: "محبّة الله سابقة، مجّانيّة، مبادرة؛ إنّها رحمة تنحني، لا قوّة تسحق ".

إنّ عبارة "أحببتك" ليست وعدًا غامضًا موجّهًا إلى مستقبل غير مؤكّد، بل تأكيد لفعل قد أتمّه الله، محبّة تسبقنا، وتحاط بنا، وتحملنا في عيد الميلاد، تصبح هذه المحبّة منظورة في تواضع المذود فالابن الأزليّ يختار هشاشة طفل ليظهر لنا أنّ المحبّة الحقيقيّة لا تفرض ذاتها، بل تهب ذاتها وتجعل نفسها ضعيفة. لذا فإنّ التّأمّل في بيت لحم ليس مجرّد تذكّر، بل هو قبول اليوم لهذه المحبّة الّتي تسمح لنا بالاقتراب منها ويشدّد قداسة الأب أيضًا على القوّة الشّافية للمحبّة الإلهيّة: "محبّة الله لا تكتفي بالمغفرة، بل تصلح، وتنهض وتُعيد الخلق". هكذا، في نور.
الميلاد، نكتشف أنّ الطّفل الإلهيّ يفتتح عمل ترميم داخليّ؛ فتجد جراحنا وأحزاننا، وأتراحنا، ومخاوفنا، وتعبنا، وانقساماتنا في مجيء أمير السّلام بلسمًا متواضعًا ولكن صادقًا. إنّ الميلاد لا يُلغي التّجارب، بل يُحوّلها بإعطائها أفقًا أفق إله يسير معنا، لا كقاض صارم، بل كرفيق درب. كلّ محبّة نتلقّاها تتحوّل إلى رسالة. فالّذي يعرف أنّه محبوب لا يستطيع أن يبقى جامدًا، بل يصبح علامة وأداة لهذه المحبّة. فكما عاد الرّعاة وهم يمجّدون الله، وكما رجع المجوس إلى بلادهم بعد أن سجدوا، كذلك ترسلنا الكنيسة في ختام كلّ ليتورجيا قائلة: "اذهبوا بسلام المسيح". إنّ عالمنا بحاجة ماسّة إلى شهود للرّحمة، وصانعي مصالحة، وخدّام للسّلام. إنّ كوننا محبوبين من الله يجعلنا مسؤولين عن العالم الّذي يحبّه الله، ويدعو جماعاتنا لأن تكون أماكن يستطيع فيها كلّ إنسان أن يسمع، من خلال أفعالنا وكلماتنا: الله يحبّك... وأنا أيضًا، من أجله". ففي هذا العيد الّذي تجتمع فيه الكنيسة كلّها كعائلة واحدة حول السّرّ الواحد، فلا شيء، لا الأصل، ولا الثّقافة، ولا الجراح، ولا ضعف الإيمان، يمكنه أن يُقصي أحدًا عن المذود. ويذكّرنا قداسة الأب بأنّ باب قلب المسيح يبقى مفتوحًا إلى أن يجد آخر أبنائه فيه مسكنًا. فالله يبدأ دائمًا من الأطراف؛ وفي بيت لحم، كان الصّغار، والرّعاة، والمنسيّون، أوّل من تلقّى البشارة. فمن هم رعاتنا اليوم؟ ومن هم الّذين قد نهملهم؟ لنجترئ على الوصول إليهم، فغالبًا ينتظرنا الله عندهم. أيّها الأحبّاء، في هذا العيد المجيد، أصلّي لكي يدخل سلام المسيح المولود إلى بيوتنا وقلوبنا. وليجعل قول "أحببتك" لكلّ واحد منّا ينبوع تعزية وشفاء ورسالة ولتضأ عائلاتنا بفرح الميلاد البسيط والعميق، ولتبق أبرشيّتنا وجماعاتنا الرّعويّة دومًا أماكن رجاء لكلّ الّذين يبحثون عن النّور."