الفاتيكان
04 تموز 2023, 08:45

رسالة البابا فرنسيس إلى المشاركين في الدّورة 43 لمؤتمر منظّمة الأغذية والزّراعة

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة انعقاد الدّورة 43 لمؤتمر منظّمة الأغذية والزّراعة في مقرّ المنظّمة في العاصمة الإيطاليّة روما، وجّه البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين كتب فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"لا يزال ملايين الأشخاص يعانون من الفقر وسوء التّغذية في جميع أنحاء العالم، بسبب النّزاعات المسلّحة، كما بسبب تغيّر المناخ والكوارث الطّبيعيّة النّاتجة عنه. وتؤدّي عمليّات النّزوح الجماعيّ، إلى جانب الآثار الأخرى للتّوتّرات السّياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة على نطاق عالميّ، إلى إضعاف الجهود الّتي يتمُّ بذلها في سبيل ضمان تحسين للظّروف المعيشيّة للأشخاص على أساس كرامتهم الأصيلة. وبالتّالي يجدر أن نكرّر باستمرار: إنّ الفقر وعدم المساواة وغياب الحصول على الموارد الأوّليّة مثل الطّعام ومياه الشّرب والرّعاية الصّحّيّة والتّعليم والسّكن، هي إهانة خطيرة للكرامة البشريّة!

كثيرون هم الخبراء الّذين يؤكِّدون في أيّامنا هذه أنّ هدف القضاء على الجوع لن يتحقّق في الموعد النّهائيّ الّذي حدّده المجتمع الدّوليّ. ولكن اسمحوا لي أن أقول إنّ الفشل في الوفاء بالمسؤوليّات المشتركة لا يجب أن يقودنا إلى تحويل النّوايا الأوّليّة إلى برامج منقّحة جديدة، بدلاً من أن تفيد الأشخاص من خلال تلبية احتياجاتهم الحقيقيّة، هي لا تأخذها في عين الاعتبار. ولكن علينا أن نكون منتبهين جدًّا ومحترمين تجاه الجماعات المحلّيّة، والتّنوّع الثّقافيّ والخصوصيّات التّقليديّة، الّتي لا يمكن تغييرها أو تدميرها باسم فكرة قصيرة النّظر للتّقدّم هي، في الواقع، معرّضة لخطر أن تُصبح مرادفًا "للاستعمار الأيديولوجيّ". لذلك، وأنا لا أتعب أبدًا من التّأكيد على ذلك، يجب تخطيط التّدخّلات والمشاريع وتنفيذها من خلال تلبية احتياجات الأشخاص وجماعاتهم؛ وبالتّالي فهي لا يمكن أن تُفرض من علو أو من قبل هيئات تسعى فقط لتحقيق مصلحتها أو ربحها.

إنَّ التّحدّي الّذي نواجهه هو العمل المشترك والتّعاونيّ لعائلة الأمم بأكملها. وبالتّالي لا يمكن أن يكون هناك مجال للصّراع أو المعارضة عندما تتطلّب التّحدّيات الآنيّة الهائلة اتّباع نهج شامل ومتعدّد الاهتمامات. لذلك، يمكن لمنظّمة الأغذية والزّراعة والمنظّمات الدّوليّة الأخرى أن تقوم بمهمّتها وتُنسِّق التّدابير الوقائيّة القاطعة لصالح الجميع، ولاسيّما الأشدّ فقرًا، فقط بفضل تآزر صادق يتمُّ بطريقة توافقيّة وبعيدة النّظر من قبل جميع الجهات الفاعلة المهتمّة. على الحكومات والشّركات والأوساط الأكاديميّة والمؤسّسات الدّوليّة والمجتمع المدنيّ والأفراد أن يبذلوا جهدًا مشتركًا، وأن يضعوا المنطق التّافه والرّؤى المشوّهة جانبًا، لكي يستفيد الجميع ولا يبقى أحدًا في الخلف.

إنَّ الكرسيّ الرّسوليّ، سيواصل من جانبه، تقديم مساهمته لصالح الخير العامّ، من خلال تقديم خبرة وعمل المؤسّسات المرتبطة بالكنيسة الكاثوليكيّة، لكي لا يُحرَم أحد في عالمنا من الخبز اليوميّ وتُمنح لكوكبنا الحماية الّتي يحتاجها ليعود مجدّدًا تلك الحديقة الجميلة الّتي خرجت من يد الخالق لإسعاد البشر. ليبارك الله القدير بوفرة عملكم وجهودكم، من أجل التّقدّم الحقيقيّ للعائلة البشريّة جمعاء".