رئيس الأساقفة غالاغر يتحدث عن أهمية الدور الواجب أن يلعبه القادة الدينيون في المجتمع
وأشار سيادته إلى مبدأ توفير الحماية للأشخاص الذي ينص عليه أيضاً إعلان الاستقلال في الولايات المتحدة الذي يعود للرابع من يوليو تموز من العام 1776، فضلاً عن إعلان حقوق الإنسان والمواطن في فرنسا الصادر في السادس والعشرين من آب أغسطس من العام 1789، حيث تمّ الإقرار بمبدأ المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، وترتكز إلى هاتين الوثيقتين المبادئ الأساسية للقانون الجنائي في العالم المعاصر. ذكّر الدبلوماسي الفاتيكاني بأنّ المسؤولية الأولى لكل دولة تتمثل في ضمان الأمن العام والتّناغم الاجتماعي وأمن وسلامة الأشخاص وعائلاتهم، وقد بات هذا الأمر مبدأ يقبله الجميع، لذا من الأهميّة بمكان الحيلولة دون تقاعس الحكومات عن القيام بواجبها الأساسي هذا.
بعدها أشار رئيس الأساقفة غالاغر إلى أنّ الجمعية العامّة الستين لمنظمة الأمم المتحدة حدّدت ركائز ثلاث يستند إليها المفهوم الدولي لمسؤولية الحماية، ألا وهي: مسؤولية الدول في حماية السكان من عمليات الإبادة وجرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضد الإنسانية؛ على الجماعة الدولية أن تساعد هذه البلدان في واجبها هذا؛ وأخيراً يتعيّن على الجماعة الدولية أن توفّر الحماية لسكان دولة ما في حال فشلت هذه الدولة في تحقيق هذا الهدف. لكن رئيس الأساقفة غالاغر حذّر من مغبة التدخل العسكري الذي تقوم به بعض الدول بحجة تطبيق مسؤولية الحماية، معتبراً أنّ هذا الأمر غالباً ما يزيد من زعزعة الأمن والاستقرار، وبالّتالي ثمة تحفظات كبيرة من قبل الكرسي الرسولي في هذا السياق.
هذا ثمّ انتقل سيادته إلى الحديث عن المسؤوليات الملقاة على عاتق رجال الدين وقادة الجماعات الدينية لافتا إلى أنّ هؤلاء قادرون على مساعدة المجتمعات على فهم مبدأ مسؤولية الحماية بصورة أفضل، لأنّ هذا المبدأ يشكل جزءاً أساسياً من القيم التي تمثّلها الديانات الكبرى في العالم عندما تؤكّد على المبادئ الخلقية. كما أنّ الواجب الأول يتطلّب من الجميع احترام حياة الآخرين، كما يتعيّن على الحكومة أن توفّر الحماية وتدافع عن أرواح جميع المواطنين. وذكّر أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول بالخطاب الذي ألقاه البابا فرنسيس أثناء اللّقاء ما بين الأديان في أذربيجان عندما قال إنّ الديانات التي تساعد على التمييز بين الخير والشرّ، وعلى ممارسة الخير من خلال الأعمال الحسنة والصلاة مدعوة إلى بناء ثقافة اللقاء والسلام المصنوعة من الصبر والتفاهم والخطوات المتواضعة والملموسة، وحذّر البابا فرنسيس آنذاك من مغبة استخدام الدين لتبرير الصراعات والخلافات.
هذا، ثمّ أكّد غالاغر أنّ المشاعر الدينية الحقيقية هي بعيدة كل البعد عن العنف، كما يذكّر البابا فرنسيس، من هذا المنطلق يتعين على القادة الدينيين أن يعزّزوا الإقرار في الإرث القانوني العالمي المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقيم الدينية الحقيقية. وأشار الدبلوماسي الفاتيكاني، في ختام مداخلته، إلى أنّ الإيمان الديني الحقيقي، يقدم مسيرة واضحة من خلال عيش المحبة في جميع الظروف، وهذا الأمر يحول دون الوصول إلى تبرير التدخلات العسكرية من قبل بعض الدول. لذا، لا بد أن يتحمّل جميع القادة الدينيين مسؤوليّاتهم، لاسيّما مسؤوليّة الحماية وضمان عدم تكرار جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية وعمليّات الإبادة، وهذا الأمر يتحقّق من خلال تطبيق مبدأ المحبّة والتّضامن والحوار واحترام الآخرين.