رئيس أساقفة حلب المارونيّ يتحدّث عن دور المسيحيّين في تشكيل سورية الجديدة
إندلعت الاحتفالات في أنحاء البلاد بعد نهاية النظام الذي دام 54 عامًا، لكنّ التحديات التي تنتظرنا هائلة، كما يقول جوزيف طوبجي، رئيس أساقفة حلب المارونيّ.
في حديثه إلى "فاتيكان نيوز"، سلّط رئيس الأساقفة طوبجي الضوء على الأمل والحاجة إلى الحذر بينما تبحر الأمة في هذه الفترة المضطربة.
وقال "من منظور أمنيّ الأمور هادئة نسبيًّا هنا في حلب". ومع ذلك، لا تزال أعمال العنف المعزولة مستمرّة، وفي دمشق، يبدو الوضع أسوأ بكثير. للأسف، لا تزال الأسلحة منتشرة على نطاق واسع، حتّى بين الأطفال. إنّ رؤية طفل يحمل بندقيّة هو شيء لا ينبغي لأحد أن يشهده على الإطلاق".
شدّد رئيس الأساقفة على ضرورة تحقيق الاستقرار في سورية سياسيًّا واجتماعيًّا. وأقرّ بدور مختلف الجماعات المتمرّدة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، في سقوط الأسد، لكنّه أعرب عن تفاؤل حذر بشأن نواياها للمضي قدما.
وأوضح أنّ "مجموعة هيئة تحرير الشام قطعت وعودًا باحترام الطوائف جميعها، بما في ذلك الأقليّات، وحتّى الآن، تتماشى أفعالهم مع كلماتهم، هم يعاملوننا نحن المسيحيّين باحترام، ولا يوجد أي شكل من أشكال الاضطهاد في الوقت الحالي.
وعلى الرغم من أنّ هيئة تحرير الشام متجذّرة في الأيديولوجيا الإسلاميّة، إلّا أّنه أشار إلى أنّ الجماعة ليست متعصّبة، ولا تفرض الشريعة الإسلاميّة. "النساء، على سبيل المثال، لا يجبرن على ارتداء الحجاب، ولم تكن هناك تغييرات اجتماعيّة كبيرة".
مع إدراك هذه الإشارات الإيجابيّة، ظلّ رئيس الأساقفة حذرًا: "لا يمكنني أن أكون متفائلًا جدًّا ولا متشائمًا جدًّا. يجب أن نسير بحكمة، ونراقب كيف يتطوّر الوضع يوميًّا".
كما أشار إلى الوعود التي قطعها محمّد البشير، رئيس الوزراء السوريّ الموقّت، الذي تعهّد بحماية الأقليّات والنساء والأطفال، واستعادة العدالة في أنحاء البلاد كافّة. وقال "العالم يراقب سورية الآن". "هذه الوعود لا يمكن أن تكون مجرّد دعاية. فمن دون تقدّم ملموس، ستكافح سورية للحصول على اعتراف دوليّ".
حثّ رئيس الأساقفة طوبجي المسيحيّين السوريّين على القيام بدور نشط في تشكيل مستقبل البلاد، مشيرًا إلى أن "نحن المسيحيّون لا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي كمتفرّجين".
"بعد عقود من الحكم الشموليّ، حيث اتّخذ الآخرون قرارات نيابة عنّا، علينا الآن أن نجد صوتنا ونساهم في بناء دولة مدنيّة وديمقراطيّة تحترم الناس جميعهم".
وفي ما يتعلّق بالتحدّيات التي يواجهها المسيحيّون في دخول الحياة السياسيّة، أوضح طوبجي أن هذه منطقة مجهولة.
"نحن لسنا مستعدّين جيّدًا للمشاركة السياسيّة"، مشيرًا إلى أن، "لأكثر من 50 عامًا، تمّ إسكاتنا وتهميشنا. ولكن حان الوقت الآن للارتقاء إلى مستوى التحدّي. يجب أن نضع الأسس لدولة متجذّرة في الصالح العامّ..."
كما شكر المونسنيور طوبجي الأساقفة الأوروبيّين على تضامنهم خلال هذا الوقت الحرج...قائلًا: "بالنسبة إلينا، من الضروريّ ألّا نشعر بالوحدة"...وتحدّث عن صمود سورية، ووصف المعاناة الهائلة التي عانت منها الأمّة.
قال: "نحن شعب صامد". "لقد نجونا من 13 عامًا من الحرب والزلازل والوباء والمجاعة. لا يعني ذلك أنّنا معتادون على الكارثة - لا يمكن لأحد أن يعتاد على مثل هذا الألم - لكنّ إيماننا يعضدنا".
وتابع أن في هذه اللحظات الأكثر ظلمة، غالبًا ما يسأل الناس، "أين الله؟"
"مهمتنا هي الوقوف بالقرب من الناس، وتعزيز إيمانهم ورجائهم ومحبّتهم. الله معنا، حتّى في معاناتنا".
واستشرافًا للمستقبل، دعا رئيس الأساقفة طوبجي السوريّين إلى العمل معًا لبناء أمّة تحترم التنوّع وتضمن العدالة.
واختتم قائلًا: "نحن المسيحّيون لدينا دور نلعبه". نحن مدعوّون إلى أن نكون قوّة موازنة في هذا المشهد السياسيّ الجديد، ونساهم في مجتمع يحترم الجميع ويقدّم الأمل للأجيال المقبلة".