الأراضي المقدّسة
13 كانون الثاني 2023, 15:00

ذكرى العماد تجعل يوحنّا يفهم جانبين من هويّة يسوع، ما هما؟

تيلي لوميار/ نورسات
ببشارة يوحنّا حول عماد يسوع يتأمّل بطريرك القدس للّاتين بييرباتيستا بيتسابالا، كاشفًا عن جانبين من هويّة يسوع تكشفهما ذكرى العماد ليوحنّا، وهما أنّ يسوع هو "حمل الله"، وهو "إبن الله".

وفي هذا السّياق، يقول بيتسابالا وفقًا لموقع البطريركيّة الرّسميّ:

"لقد احتفلنا، يوم الأحد الماضي، بعيد عماد يسوع. واليوم نستمع، في بشارة يوحنّا، إلى رواية حدثت في نفس الفترة (يوحنّا ١، ٢٩–٣٤).

بخلاف الإنجيليّين الإزائيّين لا يذكر الإنجيل بحسب القدّيس يوحنّا رواية عماد يسوع في نهر الأردنّ. ويذكر، عوضًا عن ذلك، ما حدث ليوحنّا وعلى لسانه بهذه المناسبة.

هذه هي الميزة الأولى الّتي نتوقّف عندها. كانت أحداث المعموديّة، بالنّسبة إلى المعمدان، متأصّلة بعمق في الذّاكرة، وكانت هذه الذّاكرة هي الّتي كشفت ببطء عن سرّ يسوع المسيح، حمل الله.

لا يستطيع يوحنّا المعمدان، قبل هذا الحدث، أن يقول إنّه يعرف الرّبّ، لذلك يقول: "لم أكن أنا أعرفه" (يوحنّا ١، ٣١). لكن بعد المعموديّة، وعندما يراه قادمًا نحوه، يعترف به فورًا، باعتباره الشّخص المنتظر منذ البداية، الشّخص الّذي كان من قبل "يأتي ورائي رجل قد تقدّمني لأنّه كائن قبليّ" (يوحنّا ١، ٣٠) وحيث أنّه صار جسدًا، فقد دخل في الزّمن، في تاريخ البشر.

تجعل ذكرى العماد يوحنّا يفهم جانبين من هويّة يسوع.

الجانب الأوّل، الأساسيّ، هو أنّ ذلك الرّجل الّذي تعمّد في نهر الأردنّ، هو حمل الله، الّذي يرفع خطيئة العالم (يوحنّا ١، ٢٩).

الإشارة هنا هي إلى عيد الفصح اليهوديّ، عندما كانت تذبح بالحملان في ذكرى ليلة الخروج، وعندما عبر الرّبّ على بيوت مصر وأباد جميع الّذين لم يكن دم الحمل على عضادات أبواب بيوتهم (خروج ١٢، ٧–١٣). (١٢، ٧–١٣).

لكن المعمدان، هنا، يهتمّ على الفور بالتّوضيح بأنّ المهمّة المحدّدة والوحيدة لهذا الحمل الجديد هي حمل خطيئة العالم على كتفيه.

إنّ التّصدّي لخطيئة العالم، في الواقع، ليس شيئًا يكمن في الإمكانيّات والقدرات البشريّة: فالخطيئة هي المشكلة الكبرى للإنسان، وليس بمقدور قواه الذّاتيّة وحدها تخليصه منها. بل إنّ المشكلة تكمن هناك بالتّحديد، في محاولة الإنسان الهروب منها بقواه الذّاتيّة، وحده، ودون الرّبّ، ودون الآب السّماويّ.

لذلك فقد أوكلت هذه المهمّة إلى حمل الله تحرير الإنسان من خطيئته ومن وحدته.  

أمّا كيف سيفعل ذلك فكلّ شيء مُدرج بالفعل في صورة الحمل، في الشّخص الّذي يضحّي بحياته، الّذي يهب نفسه: وسيكون هذا هو التّرياق والدّواء القويّ للخطيئة الّتي دخلت في دائرة حياة الإنسان. وسيعالج يسوع الدّاء من جذوره إلى الأبد.

والتّأكيد الثّاني الّذي قدّمه المعمدان هو: "هذا هو ابن الله" (يوحنّا ١، ٣٤): إذا كان هذا الحمل قادرًا على التّصدّي للخطيئة، وإذا كان قادرًا على تحرير الإنسان من الشّرّ، فلأنّه حتمًا ابن الله. في الواقع، لا يستطيع الإنسان العاديّ أن يفعل ذلك. يسوع وحده يستطيع فعله، بصفته الإلهيّة، ولأنّه ابن الإنسان أيضًا. إنّه إنسان من لحم وعظم، ويستطيع يوحنّا رؤيته (يوحنّا ١: ٢٩) بعينيه.

إنّه إنسان ويرى يوحنّا الرّوح القدس ينزل عليه ويستقرّ (يوحنّا ١، ٣٣–٣٤)، أيّ أنّ فيه حياة الله ذاتها، والشّركة بين الآب والابن الممنوحة للإنسان.

سيكون يسوع قادرًا على مواجهة معركة الخطيئة الكبرى، والموت، بقدر امتلائه من الرّوح، وسوف يفعل ذلك دون الاحتفاظ بأيّ شيء لنفسه، كما أنّه لا يحتفظ لنفسه بذلك الرّوح الّذي يراه يوحنّا ينزل عليه في نهر الأردنّ. فأوّل شيء يفعله يسوع بعد قيامته هو منح الرّوح، وجعل تلاميذه مُشاركين فيه، وكذلك كنيسته (يوحنّا ٢٠، ٢٢).

وبالتّالي، فإنّ ترياق الخطيئة هو هذا بالتّحديد، الرّوح القدس، أيّ روح المحبّة.

وسوف نكون بحاجة إلى إله يجعل نفسه حملاً كي يكون ممكنًا توصيل هذا الرّوح إلى جميع أبناء الرّبّ الآخرين، إلى أولئك الّذين أحبّهم الرّبّ والّذين قبلوه (يوحنّا ١، ١٢)."