لبنان
18 تموز 2018, 05:59

ذخائر القديسة مارينا تصل وطنها الأم وتستريح في الديمان في حج مقدس إلى أرض القديسين!

بعد 800 عاما، عاد جثمان القديسة مارينا الى لبنان، عاد ليضفي على لبنان بركة جديدة، عاد الجثمان الى وطنه الأم في زيارة مباركة ودعوة لولادة روحية لنا جميعا كافراد وككنيسة لا سيما ان الراهبة القديسة مارينا تخص كل اللبنانيين دون استثناء.

عاد جثمانها ليكرس الحج الذي أراده البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي والذي يتجلى بنقل جثمان القديسة مارينا من مطار بيرون الدولي الى وادي قنوبين كي تحج الناس وتصعد الى الوادي المقدس مركز التجلي والصمت الذي له تاريخ في كنيسة لبنان وللبنان.
ولعيش رحلة الحج هذه، شخصت الانظار الى مطار بيروت الدولي الذي تبارك بجثمان القديسة مارينا بعد وصوله لبنان ٱتيا من ايطاليا في يوم عيد القديسة مارينا السابع عشر من شهر تموز على متن طائرة المغترب اللبناني فيليب زيادة بحيث غص صالون الشرف في المطار بالشخصيات والفعاليات الكنسية وابناء وادي قنوبين وسط مظاهرة اعلامية لبنانية اجتمعت على نقل هذا الحدث الكنسي الذي يرمز الى علامة المجد ولانتصار.
الاعلام الكنسية واللبنانية رفعت في باحة صالون الشرف، وموسيقى قوى الأمن الداخلي عزفت فرحا وابتهاجا، وشبيبة اعضاء رابطة الأخويات في لبنان جميعهم هللوا وانشدوا لعرس التجلي الذي سبق عيده.
نعم، انه عرس التجلي الذي حط رحاله على ارض لبنان، ومن مطار ببروت علت التصاريح التي زينتها الكلمات المؤثرة، علت لتشهد على خرق البروتوكول من قبل وزير الخارجية والمغتربين في لبنان جبران باسيل الذي تحدث بلغة مؤثرة لخصها بالقول:" اليوم جئت لأستقبل قديسة من وطني لبنان كانت في بلاد الاغتراب، جئت لأشهد على بركة لبنان الجديدة بقدم جثمان القديسة مارينا التي تجعلنا نقف اليوم وقفة تأمل وترقب لنستعيد هذا الارث الكنسي والوطني".
قاطعت كلمة الوزير باسيل الصلوات والتراتيل التي أنشدها الحاضرون وأعقبتها كلمات تلاها كل من المطران جوزيف نفاع ومدير المركز الكاثوليكي للاعلام الأب عبدو ابو كسم بحيث شددت الكلمات على اهمية هذا الحدث الذي يشكل تعبيرا عن الايمان بالانتصار على الموت، وبتكريم هذه الذخائر نكون قد كرمنا قيامة يسوع من بين الأموات ومجدنا الرب".
اذا، بعد اعوام ثلاثة من التحضيرات لقدوم جثمان القديسة مارينا الى لبنان، تحقق الانجاز الروحي وعاد رفاتها ليمكث في قبرها الفارغ - وادي قنوبين قبل ان يعود مجددا الى ايطاليا.
اذا، من مطار بيروت الدولي كانت المحطة الاولى للجثمان حيث استطاع العديد من المؤمنين التبرك منه.
بعد ذلك، ووسط اجراءات امنية،  سار موكب الجثمان من طريق المطار- الطيونة الطريق الدولية المؤدية الى شمال لبنان وقاطعته  عند المفارق الحشود الشعبية التي ترجلت من وظائفها ومنازلها على الطرقات لتوقف السيارة التي تقل جثمان القديسة مارينا ولتنثر عليه الأرز والورود والبخور وتتبارك منه طالبة منها أن تتشفع بلبنان وتحميه وشعبه.
وعند مفرق شكا- شمال لبنان، بدأ موكب جثمان القديسة مارينا يسير في الطرقات الداخلية وصولا الى الديمان حيث علت اللافتات واليافطات المدون عليها عبارات ترحب وتهلل بقدوم الحب الزاهر، جثمان القديسة مارينا الى وطنها الأم لبنان.
 اما المحطة الرئيسية التي توجت هذا الحدث فرست عند المقر البطريركي الصيفي في الديمان الذي غص  بالوفود المؤمنة التي أبت إلا أن تشارك في إستقبال أول قديسة لبنانية والتبرك من جثمانها حاملة الاعلام الكنسية واللبنانية وسط انشاد الصلوات واناشيد الفرح.
وعند وصول جثمان القديسة مارينا، خرج البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي  الى الباحة الخارجية للصرح وسط الوفود محاطا بنوابه العامين لاستقبال الجثمان الذي رفع على اكتاف الرهبان والاكليركيين وسط  زغاريد النسوة ونثر الورود والأرز.
 وبعد دخول الكنيسة وسط التصفيق،  ترأس البطريرك الراعي القداس الإحتفالي وعاونه كل من المطارنة بولس صياح ،حنا علوان،جوزيف نفاع ورفيق الورشا وبمشاركة عدد كبير من المطارنة الذين يمثلون كافة الكنائس المشرقية والمونسنيور جان ماتيو كابوتو والدكتور جان فرانكو فيوتين وكهنة ابرشية الجبة المارونية بحضور لفيف من الرهبان والراهبات ورؤساء الاخويات والجمعيات الاهلية وحشد غفير من المؤمنين توافدوا الى الديمان من كافة المناطق اللبنانية 
وبعد تلاوة الإنجيل المقدس ألقى البطريرك الراعي عظةً بعنوان:"العروس آتٍ أخرجوا إلى لقائه" (متى 25: 6).
 تحدث فيها عن حياة القديسة مارينا وقال: أهلاً بالقدّيسة مارينا تعود إلى ديرها – بيتها في مغارة قنّوبين، حاملة اسمها، حيث عاشت هي والطّفل الّذي نسب إليها، كأنها أبوه.
"العريس" في الإنجيل هو المسيح الّذي يأتي في حياتنا اليوميّة، وفي كلّ مرّة يحتاج منّا أن نشهد له؛ والّذي يأتي في ساعة موتنا لينقلنا إلى وليمة الخلاص الأبدي ، بعد انكشاف حقيقة إخلاصنا له. إنّه يدعونا لاستقباله في الحالتين: ونحن ساهرون ومصابيحنا مشتعلة.
واضاف: إنّ مجيء القدّيسة مارينا هو لنا ولكلّ لبنان فرحة عرس.كما شاهدتم لحظة وصولها الى المطارمرورا بكل لبنان وصولا الى الديمان نستقبلها كعروس لكنّها تذكّرنا "بالعريس" الحقيقي يسوع المسيح الّذي انتظرته في حياتها بمصباحها المضاء بنور الإيمان والرّجاء والمحبّة، وبزيت الصّبر والاحتمال والغفران والفداء وسائر الفضائل الرّوحيّة والأخلاقيّة والانسانيّة. ونودّ بداية ان نحييكم انتم الذين اتيتم من كل مناطق لبنان ونشكر معكم بطريركية البندقيّة Venise بشخص مطرانها وكهنتها، ولاسيّما كاهن الكنيسة حيث يُحفظ جسمانها. نشكرهم على قبول زيارة جثمانها إلى لبنان وطنها. ونشكر كلّ الّذين اعتنوا بطلب نقله، ونشكر بشكلٍ خاص العزيز السّيد فيليب زياده الّذي تكرّم بنقل جثمانها في طائرة خاصّة، وبمرافقته.
وتابع :كلكم تعرفون سيرة حياتها المقدسة وهنا نطرح سؤالين: ماذا تعلّمنا القدّيسة مارينا بدخولها الدّير لتترهّب؟ وماذا تعلّمنا باحتمال قصاصٍ على جرمٍ هي بريئة منه؟ دخلت الدّير لتترهّب مع والدها بعد وفاة أمّها، بهدفين: لخدمة والدها المتقدّم في السّن. وهذا ما فعلت. إنّها مثال الاعتناء بالوالدين في شيخوختهما، عملاً بالوصيّة الرّابعة: "أكرم أباك وأمّك".ولتكريس ذاتها لله، وعيش كمال الحياة المسيحيّة، على خطى المسيح، سعيًا إلى المحبّة الكاملة. إنّها مثال المكرّسين والمكرّسات في الحياة الرّهبانيّة، بإشعاع فضائلها وصمودها فيها. قبلت التّهمة بأنها أبو الطّفل المولود من زنى، أوّلاً، لكي تفتدي أباه الحقيقي الّذي اعتدى على تلك الصّبيّة. إنّها بذلك تشبّهت بالمسيح الّذي حمل خطايا الجنس البشري، مات على الصّليب فداءً عن كلّ إنسان، وهو لم يرتكب خطيئة. وثانيًا، لكي تغطّي بحبّها للمسيح خطيئة غيرها: "المحبّة تستر جمًا من الخطايا" (1 بط 4: 8).
وسأل غبطته: ماذا لو أرادت الدّفاع عن نفسها وأباحت بسرّها؟لانكشف أمر الشّخص المعتدي، ونال قصاصًا كبيرًا على جرمه. وهذا لم ترد أن يحصل فافتدته هي ببراءتها.ولربّما طُردت مارينا من الدّير، لأنّها امرأة؟
وفي كلتا الحالتين، لاندثرت قصّتها وأصبحت طيّ النّسيان. ولكن لأنّ مارينا تحمّلت الكذب والتّهمة، وحملت صليب الفداء، فقد تقدّست، وطار عرف قداستها إلى العالم كلّه، وارتفعت مثالاً في احتمال التّهمة الباطلة والكذب والظّلم. فتعلّمنا:إنّ الكذب سينكشف عاجلاً أم آجلاً؛ وأنّ الحقيقة لا تموت، بل سرعان ما تظهر وتفضح الكذب والاتّهام والظّلم.
وختم : إنّنا إذ ننحني أمام جثمانها الطّاهر نلتمس من الله بشفاعتها، التّشبّه بفضائلها ولاسيّما احتمال التّهمة الكاذبة والظّلم، إكمالاً لعمل الفداء، ولكي تظهر الحقيقة والعدالة، ساعة يشاء الله، من أجل خيرٍ أكبر. ومعها ومع جميع الأبرار في السّماء نرفع نشيد المجد والتّسبيح للآب والابن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد آمين."