دينيّة
13 كانون الثاني 2017, 14:00

دير سيدة حمطوره.. ديرٌ لبنانيّ تاريخيّ

تمارا شقير
يقع في منطقة الكورة وتحديدًا في بلدة كوسبا، يرتفع مئات الأمتار عن قعر وادي قاديشا وعاش فيه أجيال من الرّهبان والنّساك في جوّ من التأمل والصّلاة والإيمان. هو دير سيدة حمطوره أحد الأديرة الأرثوذكسيّة التّابع لأبرشية جبيل والبترون وتوابعهما.

للوصول إلى الدّير يتوّجب على الزائر أن يتسلّق درجًا وعرًا صعودًا من قعر الوادي ليُبهر بجماله وسحر كنيسته، فكنيسة السّيدة العذراء مميّزة بطابعها الرّهبانيّ وتُعتبر مركز الدّير وقلبه النابض.

يُعتبر دير سيدة حمطورة من أكبر الأديرة المحيطة بالوادي وأكثرهم هدوءًا وقد عَرِفَ فترة طويلة من الفراغ. أمّا اليوم، فيعيش فيه عشرة رهبان يبدأ يومهم عند الرّابعة صباحًا بالصّلاة لينصرف من بعدها كلّ واحد منهم إلى عمله، فمنهم من يعمل في زراعة الزيتون وإعداد النبيذ ومنهم من يرسم الإيقونات ويقوم بخياطة الثّياب، وعند السّادسة مساءً يحتفلون بالصّلاة وينسحبون إلى صوامعهم.

يقول رئيس الدّير، الأب بندلايمون فرح، إنّ تاريخ التّأسيس يعود إلى القرن العاشر ويُعتقد أنّ مائدة الكنيسة تأتي من معبد رومانيّ كان قائمًا في المكان نفسه.

إنّ إثبات التّواريخ أمر غير ممكن، إلا أنّ دلائل عديدة تشير إلى وجود الدّير في العصر الصّليبيّ. ويُذكر أنّه ابتداءً من العام 1600 م. وردت غالبية معلومات الدّير من رهبانه عبر مجموعة مخطوطات تضمّ حوالى الـ500 وثيقة. أما أبرز أحداث الدّير فهي خلال العام 1890 حين دخل لصوص على الرّهبان وقتلوهم حاملين معهم ممتلكات الدّير وإيقونات قديمة ومخطوطات، وهُجر الدّير بين عام 1917 و1990 بعد أن دمَّر زلزال جناحين من أجنحته.

من جهة أخرى، يتبع للدير كنائس ومقبرتان ومغارة، فالكنائس قديمة صغيرة قائمة على الجبل استخدمها النّساك سابقًا للصّلاة والتّأمل، أما المغارة فهي معروفة بـ"مغارة العمود" فالناس يعتقدون الناس أنّ عمودها يشفي من العقم، فحتى اليوم تأتي النّساء لزيارة هذه المغارة والدوران حول العمود فإذا التصقت تنورة المرأة بالصاعد حلّت بها الخصوبة. وبالقرب من المغارة شُيّدت كنيسة للقدّيس يوحنا المعمدان، نصفها محفور في الصّخر والنصف الآخر مبنيّ بالحجارة.

تُبارك العذراء مريم أروقة دير السّيدة في حمطوره وتنفح رهبانه بنسمة إيمان وخشوع فيُشّبعون بها روحهم ويُسكرونها بالصّلاة والتّأمل.