درويش من تربل: كلّ من يثبت في شهادة الحبّ كالقدّيس جاورجيوس ينال إكليل الظّفر
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى درويش عظة قال فيها:" أتوجّه إلى كلّ أبناء بلدة تربل بمعايدتي بعيد القيامة المجيد وبعيد شفيع الرّعيّة القدّيس جاورجيوس، وأهنّئ المعيّدين الّذين يحملون اسم هذا القدّيس العظيم في الشّهداء، وأهنّئ معكم كاهن الرّعيّة حضرة الأب جوني أبو زغيب وجميع معاونيه في هذه الرّعيّة المباركة.
أعطى آباء الكنيسة القدّيس جاورجيوس صورة البطل الّذي يحمل رمحًا يقتل به التّنيّن على باب المدينة الّتي ترمز إلى كنيسة المسيح وهو يدافع عنها حتّى الشّهادة. إنّه يعلّمنا الغيرة على كنيستنا فلا نسمح لأحد أن يتهجّم عليها ولا أن يقفل أبوابها.
نتعلّم من هذا العيد التّضحية الّتي ميّزت حياة القدّيس جاورجيوس، فالحياة المسيحيّة تتطلّب إعلان الحقّ باستقامة وأن نكون شهودًا للحبّ الّذي أودى بيسوع المسيح إلى الموت فالقيامة، إذ أنّه بموته غلب الموت ووهبنا الحياة الأبديّة. وكلّ من يثبت في هذه الشّهادة ينال كالقدّيس جاورجيوس إكليل الظّفر.
فرحنا كبير اليوم بأن نشارك بعضنا بعيد الرّعيّة وعيد القيامة وهو عيد الأعياد وموسم المواسم. فبالقيامة عبرنا مع المسيح القائم، من الموت إلى الحياة، من الخطيئة إلى النّعمة ومن الظّلمة إلى النّور. نعم يسوع المخلّص قام، وخطايانا بادت بقيامته وامتلأنا نعمة وبهاء وصرنا أبناء السّماء، أبناء الملكوت وأبناء العهد الجديد. بقيامته المجيدة حصلنا على نبع الرّجاء وعلى الفرح الحقيقيّ.
إنّ هذا "اليوم الحاضر" هو يوم الرّبّ (رؤيا 1/10)، أشرق علينا وأدخل النّور المقدّس إلى قلوبنا. إنّه نور أبديّ لا يغرب، إنّه الفصح السّرّيّ الّذي يجعل حياتنا مُضيئة كما يقول القدّيس غريغوريوس النّيصصيّ: "يعيش المسيحيّ، طيلة أسبوع حياته، الفصح الوحيد الّذي يجعل هذا الزّمن مُضيئًا". إنّ المسيح هو "النّور الحقّ الّذي ينير كلّ إنسان آت إلى العالم" (يو1/9) فما من إنسان، مهما كان لونه أو شكله أو دينه، يبقى غريبًا عن هذا النّور، لكن البعض يتلكّأ في قبوله، أمّا الّذين قبلوه فهم يأخذون نعمة فوق نعمة (يو1/16).
صلواتنا اللّيتورجيّة تركّز على ارتباط وثيق بين النّور والحياة: "أنت ينبوع الحياة وبنورك نعاين النّور" (مزمور 35/10). هذا النّور يعيد باستمرار خلقنا لأنّ "كلّ موهبة كاملة، هي من العلاء منحدرة، من لدنك يا أبا الأنوار" (اللّيتورجيا الإلهيّة). بفعل هذا النّور نستنير بالرّوح القدس فتقوم علاقة شخصيّة بيننا وبين القائم من بين الأموات فينكشف لنا حبّه اللّامتناهيّ.
في هذا النّهار السّنيّ لنسأل العذراء مريم الّتي تفوق عظمتها القياس البشريّ والّتي يستحيل علينا أن نفصلها عن ابنها المسيح الإله، أن تنظر إلينا بحنانها وعطفها وتعلّمنا أنّ درب القيامة هو دربنا أيضًا، يبدأ على الصّليب وينتهي بالقيامة."
وفي نهاية القدّاس بارك درويش القرابين والقمح والخمر والزّيت، وانتقل الجميع بعدها إلى صالون الكنيسة حيث تبادلوا التّهاني بالعيد وأقيم كوكتيل للمناسبة.