لبنان
21 أيار 2020, 07:50

درويش في وداع الفصح: النّور يجعلني أكتشف الآخر وحاجاته

تيلي لوميار/ نورسات
في وداع الفصح، ترأّس راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع المطران عصام يوحنّا درويش قدّاسًا إلهيًّا في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة، وأضاء على "نور العالم" ومفاعيله في حياة المؤمن وذلك في عظة قال فيها:

"هذه السّنة كان عيد الفصح مختلفًا عن باقي السّنوات، فالوباء الّذي اجتاح العالم، ألزم النّاس أن يحتفلوا بقيامة المسيح وهم في منازلهم، وصارت أنشودة القيامة: "المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للّذين في القبور" تصدح في شوارعنا وفي بيوتنا ومراكز عملنا.

أربعون يومًا ونحن نصلّي أناشيد القيامة عبر التّواصل الاجتماعيّ، وكأنّنا نسير في الصّحراء تائهين، نفتّش ونسأل الرّبّ أن ينير طرقنا وأن يمنحنا من جديد أن نلتقي كعائلة واحدة لنحتفلَ بقلب متجدّد بسرّ قيامة المسيح، لأنّ القيامة هي محور حياتنا المسيحيّة، نعود إليها كلّ سنة لينمو هذا السّرّ العطيم فينا، فتصيرُ القيامة جزءًا من كياننا، فقيامة المسيح ليست حدثًا ماضيًا، إنّما هي حاضرة معنا بقوّة الرّوح القدس.

يوم الأحد الفائت قرأت لنا الكنيسة إنجيل الأعمى منذ مولده، كيف شفاه يسوع وجعله يبصر، انتقل من عمى البصر إلى النّور الحقيقيّ، واكتشف أنّ قوّة المسيح تكمن في محبّته للإنسان. واليوم يذكّرنا الإنجيل بأنّ يسوع هو النّور وقال عن نفسه: "جئت نورًا إلى العالم، فمن آمن بي لا يقيم في الظّلام..". نعم المسيح هو النّور، لكّننا نحن البشر نفضّل الظّلمة على النّور، لأنّنا نفعل الشّرّ ولا نريد أن نقبلَ إلى النّور، لأنّنا أيضًا لا نرى الخشبة الّتي في أعيننا ونتغنّى بأنّنا نرى القشّة عند غيرنا. المؤسف أنّنا نقضي حياتنا بالتّفتيش بالمجهر على أخطاء الآخرين، بينما نحن نُبحر بأخطائنا.

جاء المسيح ليقول لنا من يتبعني يصير نقيًّا ولا يمشي في الظّلام. فحياتنا ترتبط بالنّور، إنّه مصدر الحياة، كما نردّد في صلواتنا "إنّ نور الرّبّ يرتسم علينا" إنّه "نور العالم".

الخطيئة تحجب النّور، لكن الله لا يترك خليقته في الظّلام ولا في اللّا يقين. يضع الله في قلب كلّ إنسان رغبة النّور وتوق للسّلام.

لكي نستقبل النّور علينا أوّلاً أن نراه ونمشي وراءه، والتّطويبة الإنجيليّة تقول لنا بأنّ "أنقياء القلوب يعاينون الله". عندما أكون في النّور ينكشف أمامي الإنسان الآخر، أمّا إذا كنت في الظّلمة فلا أشعر إلّا بذاتي وأنا بذلك أنطوي على ذاتي. النّور يجعلني أكتشف الآخر وحاجاته، ويساعدني لأخرج من ذاتي وأتعلّم كيف أحبّ.

المؤمن هو ابن النّور ويسير في النّور ويحيا في النّور. النّور من الله، لكن الاستنارة هي بيدنا، فلنسمع من جديد ما قاله الرّبّ: "من آمن بي لا يقيم في الظّلام".