لبنان
01 نيسان 2018, 14:00

درويش في عيد الفصح: القيامة تجعلنا ننقاد إلى روح الرّب وتُصيّرنا بنعمة الرّوح القدس أبناء حقيقيين

لمناسبة عيد الفصح، ترأّس رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش قدّاس العيد، في كاتدرائية سيدة النجاة في زحلة، عاونه فيه النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم والآباء ادمون بخاش والياس إبراهيم، بحضور المرشح عن المقعد الكاثوليكي في زحلة المهندس ميشال سكاف، المرشحة عن مقعد الأرمن الأرثوذكس في زحلة ماري جان بيلازكجيان، القاضي جوزف تامر، مساعد قائد الشرطة القضائية في بيروت العقيد شارل سعادة، وجمهور كبير من المؤمنين. بعد الإنجيل المقدس، ألقى درويش عظةً جاء فيها، بحسب الوكالة الوطنيّ:

" عندما يلوح عيد القيامة علينا تتغير نفسيتنا وينتابنا شعور مغمور بفرح روحي عميق، ففصح الرّب خبر سار لجميع الشعوب، المسيح قام وغلب الموت، فينبت فينا رجاء جديد بأننا نحن أيضاً انتصرنا.
الانتصار أولاً على الخوف الموجود فينا، ففي البداية أغلق التلاميذ أبوابهم خوفا من اليهود (يوحنا20/19) فالخوف يجعلنا ننغلق على ذواتنا، نخاف من الآخرين أن يقتحموا حياتنا ونحن نظن أننا عندما نكون وحدنا نشعر بالأمن وكل الأمور تكون تحت سيطرتنا، والخوف أيضاً أن نترك نفوسنا بيد آخر حتى إنّنا نخاف عندما نسلم لله إرادتنا من أن يجعلنا نسلك سبلاً جديدةً لا تتوافق مع ما نطلبه نحن أو نخاف من أن يخرجنا من آفاقنا الضيقة، فنغلق الباب على أنفسنا ونمكث في عليتنا.
القيامة تجعلنا نتخطى الخوف فننفتح على الحداثة وعلى كل جديد كما أنّها تقدم لنا الفرح الحقيقي وتعطينا الشجاعة لنسير في طرق جديدة يفتحها لنا الله، وتساعدنا لنستعيد قدرتنا على ضيافة الله، فنكون كرماء وننطلق نحو حياة جديدة: "هلمّوا، في يوم القيامة السني، نشترك في عصيرِ الكرمة الجديد، وفي الفرح الإلهي، وفي ملكوت المسيح" (سحرية العيد).
القيامة تؤكّد لنا ما وعدنا به المسيح عندما قال لتلاميذه في العشاء الأخير: "لن أدعكم يتامى، بل أرجع إليكم" (يوحنا14/18) وهو يردده اليوم، إنّه معنا، يمنحنا سلامه: "السلام عليكم" (يوحنا 20/19) وسلامه هذا ينزع منا الخوف والاضطراب والقلق: "سلامي أمنحكم... فلا تضطرب قلوبكم ولا تفزع" (يوحنا14/27).
القيامة تجعلنا ننقاد إلى روح الرّب وتصيرنا بنعمة الروح القدس أبناء حقيقيين، كما كتب بولس الرسول في رسالته إلى مسيحيي روما: "إنّ الذين ينقادون إلى روح الله يكونون حقا أبناء الله. لم تتلقوا روحاً يستعبدكم ويردكم إلى الخوف، بل روحا يجعلكم أبناء" (روم8/14). فلا تيتم بعد الآن ولا حزن ولا انغلاق، لأنّ القيامة أولدتنا من جديد وحررتنا وأفاضت فينا الحياة.

وحتى يزيل الخوف من قلوب التلاميذ، نفخ يسوع فيهم روحه القدوس وأعطاهم به حياة جديدة عصية عن الموت وفيها حضور دائم للرب لأنّ "المسيح إلهنا قد أجازنا من الموت الى الحياة" (صلاة السحر). نحن مثل الرسل نحصل بالقيامة على الروح القدس فيجعل كل شيء جديدا في حياتنا وإذا ما انفتحت نفوسنا على أنواره يدحرج الحجر عن قلوبنا وبيوتنا فلا نرى إلا سناء ونورا، ويمنحنا الفرح والسلام، وقدرة على النهوض مجدّداً، فالحجر يرمز للحواجز التي نبنيها بيننا وبين المسيح القائم، كما يرمز أيضاً لمشاكلنا مع أخينا الإنسان.

ينشغل فكرنا في هذه الأيام بالانتخابات النيابية في السادس من شهر أيار المقبل، وأنا سعيد جدّاً بأنّي التقيت معظم المرشحين وتمنيت لهم النجاح في مقاصدهم، وبأنّ سيدة النجاة ترافقهم بالصلاة والدعاء. لكني بالوقت ذاته اشعر بقلق كبير من بعض ما يكتب في التواصل الاجتماعي من تجريح شخصي لبعض المرشحين. وما يكتب بعيد جدّاً عن الأخلاق والمسيحية كما هو بعيد عن المناقب الزحلية. لذلك أردت اليوم، أن أناشد المرشحين كما وسائل الإعلام أن يترفّعوا عن الخوض بالأمور الشخصية واختراع بعض القصص التي لا تمت إلى الواقع بصلة، ونتكل بذلك على نعمة المسيح القائم الموجود معنا، يعطينا القدرة على التغلب على الانقسامات والبغض واللامبالاة واليأس، ويوجهنا إلى الطريق الصحيح ويجعلنا نكتشف أن الحقيقة تكمن في المحبة والغفران والتآخي.
والأهم من ذلك كله أنّه أعطانا أما هي حاضرة معنا في ُصلبِ حياتنا، تشهد في العالم لتجسد المسيح وتتشفع لديه لنحافظ على بنوتنا ولنبقى في شركة محبة تتجسد في الجماعة، فنحن لا يمكننا أن نكون كنيسة إن لم تنبض حياتُنا بالمحبة والحنان، كما يقول بولس الرسول: "إنّي شديد الحنان عليكم جميعاً في قلب يسوع المسيح" (فيليبي1/8).
نرفع معكم الدعاء للمسيح القائم من بين الأموات ليكون معنا ويرافقنا في حياتنا ويمنحنا سلامه وفرحه، فتسود في عالمنا الأخوة والعدالة والمحبة".

وبعد القدّاس انتقل درويش الى صالون المطرانية حيث تقبّل التّهاني بالعيد.