درويش في الشّعانين: إجعلوا من هذا العيد مناسبة مقدّسة ليسكن الله في عائلاتكم
كلام درويش جاء خلال احتفاله بالقدّاس الإلهيّ في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة- زحلة، بمشاركة النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم والأب طوني رزق، والّذي خدمه الأب الياس ابراهيم. وقال درويش للمناسبة في عظته:
"لأوّل مرّة في تاريخ هذه الكاتدرائيّة، لا بل في التّاريخ الحديث، نحتفل بعيد الشّعانين بعيدين عن أبناء وبنات أبرشيّتنا، ولأوّل مرّة نفتقد أولادنا الصّغار، فقد تعوّدنا أن يسيروا إلى جنبنا ويصرخوا معنا ومع الكنيسة الجامعة "هوشعنا في الأعالي.. مبارك الآتي باسم الرّبّ". لذلك أتوجّه إليهم اليوم وأقول لهم أنتم في فكرنا وصلاتنا ومحبّتنا. وغيابكم عن الكنيسة لا يعني أبدًا أنّكم بعيدون عنها، أنتم في قلب الكنيسة وأنتم عيدَها. أضيئوا شموعكم واحملوها في البيت واخرجوا على الشّرفات، ونادوا مع أهلكم، بأعلى أصواتكم: "هوشعنا في الأعالي".
لقد دخل يسوع أورشليم ليفتتح يوم الله الجديد في تاريخنا، لذلك نعتبر أنّ عيد الشّعانين هو عيد الله وهو بدء التّاريخ الجديد في العلاقة بينه وبيننا. ولذلك أيضًا كلّ مسيحيّ مدعوّ اليوم ليسير معنا لنلتقي المسيح الظّافر والمنتصر، فمعه مات القديم وصار كلّ شيء جديدًا. معه صار الفرح عنوان المؤمن ورجاء المؤمن. فقد دخل يسوع حياتنا ليشفي المريض ويعطي الأمل لليائس والسّلام للنّفوس.
إنّنا نفتقد اليوم إلى أطفالنا يصرخون من أعماق قلوبهم "هوشعنا.." صراخهم دعوة للعالم ليكتشف المحبّة والانفتاح والتّعاضد، عسى أن يُعلّمنا الوباء الّذي حلَّ بيننا أن نصلب خطايانا وشرورنا، لنقوم مع يسوع بثوبنا الأبيض البهيّ.
نحن كلّنا أطفال يسوع "إن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السّماوات" واليوم نريد منكم، أيّها الأهل الأحبّاء، أن تجدّدوا القسم معنا بأنّنا نخصُّ المسيح، وكلُّ ما لنا هو منه يخصّه هو، نُقسم بأنّه ليس من طريق في حياتنا إلّا طريقُه. الأغصان الّتي في أيدينا تعني أنّنا ننتمي إلى ملكوته، وهي تشيرُ إلى إرادتنا وتصميمنا بأنّنا سنكون معه في ضيقنا ونجاحاتنا، في بؤسنا وفرحنا.
لقد أيقظ يسوع في قلوبنا رغبة الفرح فينا، صحيح أنّه دخل إلى أورشليم، لكن الأصحّ أنّه دخل إلى قلوبنا، وأشعل فينا حُبَّهُ وأضاء بنوره فرحة العيد. دخل إلينا كصديق ونحن، بفرح وابتهاج، استقبلناه ورافقناه كصديق أخ لنا، لذلك فرحتنا كبيرة لأنّه حاضر معنا، في وسط كلّ عائلة. لكن فرحتَنا ستبقى ناقصة إن لم نحمله إلى عائلتنا وإلى عالمنا، فرحتنا ستبقى ناقصة إن لم نُغيِّر أنفُسَنا والعالم المحيط بنا، فرحتنا ستبقى ناقصة إن لم نعلن للعالم المحبّة، قولاً وفعلاً.
لقد أعلن البابا يوحنّا بولس الثّاني أنّ عيد الشّعانين هو عيد الشّباب، لذلك أتوجّه اليوم إلى شبابنا وشابّاتنا وأنا أتخيّلكم تهلّلون معنا وأنتم في بيوتكم وترنّمون بحماس "هوشعنا في الأعالي.."، لا تخافوا يا أحبّتي أنتم تتبعون ملكًا سماويًّا، قهر بصليبه الموت وأعطاكم الحياة، أعطاكم المستقبل، ثقوا به فهو وحده يعطيكم السّعادة."
أدعوكم أيّها الأحبّاء، أن تجعلوا من هذا العيد مناسبة مقدّسة ليسكنَ الله في عائلتكم لأنّكم أنتم كنيسته وملكوته. ولنطلب معًا شفاعة العذراء مريم. فهي تعلّمنا كيف نفرح مع يسوع وكيف نحبّه وكيف نتبعه."
وفي نهاية القدّاس، بارك المطران درويش غصون الزّيتون وأقيم تطوافًا رمزيًّا في داخل الكاتدرائيّة.