درويش: دعوتنا هي أن نلبّي احتياجات القريب ونلمس قلبه
بعد الإنجيل المقدّس ألقى المطران درويش عظة قال فيها:
""أحبّوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم"، هذا المقطع من الإنجيل، هو كلام ثوريّ! فالتّفكير والقول إنّه علينا أن نحبّ بعضنا كما أحبّنا المسيح، هو ثورة حقيقيّة نحتاج إليها! إنّها وصيّة ملزمة تتوجّه لكلّ واحد منّا.
الأمانة لوصيّة المحبّة هي وصيّة أبويّة وموجّهة لكلّ واحد منّا. وبقدر ما يحافظ عليها يمكنه أن يتحمّل مسؤوليّة الإنسان الآخر ويدخل بعلاقة عميقة معه.
الّذي يحب الآخر لاسيّما الإنسان الضّعيف هو شخص ناضج، ومسيرته في الحياة تكون مسيرة جميلة وموقفه من الآخر يتّسم بالعطاء.
الّذي يجب الآخر هو قدّيس، لأنّ القداسة تكمن بالخروج من الذّات والانفتاح على الآخر والالتقاء به وخدمته. فالدّعوة المسيحيّة هي دعوى للخدمة، خدمة الآخر والعناية به، دعوى لخدمة الجماعة بمحبّة وعاطفة وحنان.
الكنيسة تحتاج اليوم إلى رجال ونساء لمس قلبهم الرّوح القدس، يحملون للنّاس الابتسامة والفرح ويصغون إليهم بتعاطف وفرح وصدق.
نقرأ في أعمال الرّسل هذا المقطع الجميل: "أريتكم في كلّ شيء كيف يجب علينا.. أن نساعد الضّعفاء، متذكّرين كلام الرّبّ يسوع السّعادة في العطاء أعظم منها في الأخذ" (رسل20/35). إنّ خدمة الآخر تعطينا مزيدًا من الفرح لنا وللآخرين كما أنّها تعطينا اكتفاء ذاتيًّا بأنّنا نبني الآخر.
يقول البابا فرنسيس إنّ الكنيسة ليست بحاجة إلى روحانيّة كاذبة، إنّها بحاجة إلى ناس متحمّسين يخرجون من ذواتهم وبيوتهم ويذهبون إلى حيث نجد الأخ الجريح، الضّعيف والفقير والمظلوم، فهناك نجد يسوع.
عندما كانت الجموع تسمع يسوع أتى التّلاميذ يقولون ليسوع أن يصرفهم لأنّهم جاعوا فسألهم يسوع أن يجلبوا ما لديهم من الخبز والسّمك وبعد أن كثّرها طلب منهم أن يوزّعوها.. يسوع يطلب منّا اليوم أن نصغي للنّاس ونفتّش عن حاجاتهم وعندما نلتقي هؤلاء نحسبهم كما لو كانوا من عائلاتنا.
إنّ العمل الاجتماعيّ الّذي تقوم به الجمعيّة الخيريّة بكلّ مشاريعها وهي كثيرة، بدءًا من طاولة يوحنّا الرّحيم إلى التفاتتها إلى فقراء زحلة والجوار، يتطلّب قوّة وشجاعة والكثير من الرّحمة، لذلك نعتبر أنّ كلّ عمل يقومون به هو نوع من الجهاد الرّوحيّ الرّائع، وهذا هو مصدر فرحهم وسلامهم.
من هي الجمعيّة الخيرّية؟ إنّها كلّ واحد منّا، كلّ زحليّ هو فرد من أفراد الجمعيّة وكلّ مؤمن بيسوع المسيح هو فرد من أفراد الجمعيّة، فدعوتنا واضحة جدًّا، هي أن نلبّي احتياجات القريب ونلمس قلبه، لأنّ إيماننا يمرّ من خلال الآخرين وليس من خلال ما نفكّر به أو ما نعتقد بأنّه صحيح، لذلك نحن مدعوّون أن نشهد لحبّ يسوع لنا والشّهادة تقوم بأن نحبّ بعضنا بعضًا.
الجمعيّة الخيريّة الكاثوليكيّة هي لأهل زحلة ولكلّ المحتاجين وتنتظر منكم أن تكونوا سندًا وعونًا لها لتكمل رسالتها. وهي تعدكم بأن تكون حاضرة كما كانت دائمًا للخدمة مع الفقير والمحتاج.
اليوم تحاول الجمعيّة جاهدة تطوير نشاطاتها بحيث يصبح عملها مؤسّساتيًّا يشمل أكبر شريحة ممكنة من المعوزين والعائلات الّتي هي بحاجة الى مؤازرة ودعم لتخطّي مصاعب الحياة.
يتوزّع عملها بين يوميّ وشهريّ وموسميّ، وبين مساعدات طارئة إلى أخرى دوريّة ومعونات اجتماعيّة وطبّيّة واستشفائيّة ومدرسيّة، فتقدّم المنح المدرسيّة السّنويّة للطّلّاب في المدارس الّتي تستوفي الأقساط المدعومة والمتدنّية. كما توزّع الحصص الغذائيّة وخاصّة أيّام الأعياد الدّينيّة، والمحروقات في موسم الشّتاء، وتهتمّ بأمور المرضى في المستشفيات والعجزة في منازلهم، وتسهر على تنظيم الرّحلات وحفلات لهم. لكن أهم برامجها هو طاولة يوحنّا الرّحيم هذا المطعم يفتح أبوابه كلّ يوم من الاثنين حتّى الجمعة ويقدّم الغداء للأخوة والأخوات المحتاجين.
أودّ التّعبير عن امتناني لرئيس الجمعيّة وجميع العاملين والّذين يقدّمون الدّعم لها، إن كان بصلواتهم أمّ بدعمهم المادّيّ أو المعنويّ وللّذين يساهمون في نشاطاتها.
أدعوكم أخيرًا أن تكونوا شهودًا للحبّ، ويسوع يسألكم كما سأل بطرس: “هل تحبّني؟ فماذا تجيبونه؟ نعم يا ربّ نحبّك بالفقير والمحتاج والمعوز.
آمل أن يوقد هذا القدّاس الإلهيّ قلوبكم وتتجدّدوا من خلال حبّ الله لكم، بنعمة الله وشفاعة مريم أمّ الرّحمة. آمين".