درويش: تربطنا بالنّبيّ إيليّا أبوّة روحيّة
وبحسب الوكالة الوطنيّة، بعد الإنجيل المقدّس ألقى المطران درويش عظّة هنّأ فيها الأرشمندريت الجديد وشكر الرّهبانيّة الشّويريّة على خدماتها في الأبرشيّة، كما تحدّث عن معاني العيد، وقال: "يسرّني جدًا أنّ أتوّجه إليكم لمناسبة عيد النّبيّ الياس وعيد هذا الدّير المقدّس، بمعايدتي الأبويّة، من الذين يحملون اسم صاحب العيد ومن رئيس ورهبان الدّير. أتوجه بخاصّة بالمعايدة من رئيس عامّ الرّهبانيّة الباسيليّة الشويريّة الأرشمندريت ايلي معلوف الحاضر معنا في هذا القدّاس الإلهيّ ومن خلاله أتوّجه بالشّكر من الرّهبانيّة على جميع خدماتها في الأبرشيّة وفي الكنيسة عبر تاريخ طويل من العمل الرّسوليّ والتّربويّ والاجتماعيّ. ونحن معكم نقدّر عاليًا حضورهم في الأبرشيّة منذ بناء الدّير سنة 1773 على أيّام المطران أفتيموس فاضل ليكون نقطة اتّصال بين دير الصّابغ في الخنشارة ودير الرّاس في بلدة رأس بعلبك، وكان اشترى الأب العام نيقولاوس صايغ الأرض من الأمراء اللّمعيّين. دفن في كنيسة الدّير المطران اغناطيوس عجوري سنة 1834 والمطران باسيليوس الجبليّ سنة 1811.
أعرب اليوم عن فرحي بمنحنا رتبة الأرشمندريتيّة لرئيس هذا الدّير الأب مطانوس نصرالله، تقديرًا للدّير أوّلاً ومحبّة للأب نصرالله. أهنّئه وأهنّئكم جميعًا وأشكره على محبّته وغيرته وعلى مثله الطّيّب لنا جميعًا.
تدعونا الكنيسة لنعيّد اليوم للنّبيّ الياس الحيّ والغيور، فتكريم هذا النّبيّ هو من صلب تقاليد الكنيسة الشّرقيّة وهو من أنبياء العهد القديم القلائل التي أشيدت كنائس كثيرة ومعابد على اسمه.
نحن نكرم هذه الشّخصيّة البيبليّة، رغم أنّه من العهد القديم ومن القرن التّاسع قبل مجيء المسيح، لكن روحه مازالت قريبة منّا تحثّنا وتقوّينا وتقودنا، وقد تركت بصمات كثيرة في حياتنا.
هناك فكرتان تساعدنا لنفهم العلاقة الرّوحيّة التي تربطنا بالنّبيّ إيليّا: الأولى هي هذه الأبوّة الرّوحيّة التي نشعر بها عندما نلفظ اسمه والثّانية بأنّنا نعتبره المثال في الدّفاع عن الإيمان والجرأة في التّبشير والالتزام في إقامة الحقّ مهما كبرت التّضحيات وصوت الحقيقة الصّارخ.
يقول النّبيّ إيليّا للملك آحاب: "حيّ هو الرّبّ الذي أنا واقف أمامه" (1ملوك17/1) أقف أمام وجه الرّبّ، أليس هذا هو المطلوب من المسيحيّ أنّ يقف أمام الرّبّ وهذه هي دعوتنا أن نتأمل وجه الرّبّ.
كان إيليا يحمل الفضيلة في قلبه ويتمتع بحكمة الله، تميز بغضب مقدّس على الذين لا يطيعون كلام الله وهذا ما دعاه ليصلّي فيقطع المطر ويسدّ السّماء، حتّى إذا ما انقطع الطّعام عنهم يعودون إلى الله. وهنا حدثت الأعجوبة، قال له الله: "امض من هنا وتوجّه شرقًا وتوار عند نهر كريت. فتشرب من النّهر وقد أمرت الغربان أن تقوتك هناك" (1ملوك17/3-4).
لقد غيّر الله قوانين الطّبيعة فالغراب يعدّ حيوانًا نجسًا وهو لا يقيت حتّى أولاده، ولما جفّ النّهر أرسله إلى امرأة أرملة: "قم وامض إلى صرفت من أعمال صيدون وأقم هناك فقد أمرت هناك امرأة أرملة أن تقوتك" (1 ملوك17/9). أمره الله أن يجتاز مسافة بعيدة إلى قرب صيدون ليتأثّر ويشعر مع الجائعين فيتضرّع مجددًا إلى الرّبّ ليرسل المطر. إن الله يتوقّع منّا أن نصلّي ونطلب منه النّعم وأن نشعر بالحنان تجاه الآخرين وأن نعاملهم برحمة، علمًا أنّه كان قادرًا أن يرسل المطر دون صلاة إيليّا، لكنّه يتوقّع منّا الصّلاة والشّفاعة.
إنّ كلمة الرّبّ ضمانة لنا، فهو يحقّق لنا ما يعدنا به، كما فعل مع إيليّا الذي وبعد أن طلب من الأرملة قليلًا من الماء ثم قليلًا من الخبز، جاد الرّبّ عليها بالخيرات جراء ضيافتها إيليّا الذي قال لها: "حيّ الرّبّ إن جرّة الدّقيق لا تفرغ وقارورة الزّيت لا تنقص" (1ملوك17/14). إنّ كلمة الله تفيض الخير علينا وتجعل حياتنا بيدرًا للنّعم، أكّد يسوع لنا هذا عندما قال: "طوبى للذين يسمعون كلمة الله ويحفظونها" (لو11/ 27-28).
والذي يحفظ كلمة الله يتمتّع بجرأة كبيرة كما جابه إيليّا الملك آحاب وقال له: "أنت وبيت أبيك تقلق البلاد". إنّ الأعمال الجيّدة التي نفعلها يجب ألا ننسبها لنفسنا بل لله الذي يقوينا وعندما نهفو ونخطأ علينا أن نرتدي من جديد ثوب المحبّة.
لنصلّ في هذا اليوم لكي يمنحنا الرّبّ بشفاعة النّبيّ إيليّا روحه القدّوس لنتمكّن من الوقوف أمام الله ونتأمّل وجهه ونسمع كلامه ونعمل وفق إرادته".