لبنان
21 تموز 2019, 11:18

درويش: الله يتوقّع منّا أن نشعر بحنانه ورحمته، ونكون بدورنا رحماء تجاه الآخرين

إحتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك، المطران عصام يوحنّا درويش، بعيد النّبيّ إيليّا، بقدّاس ترأّسه في كنيسة دير مار الياس الطّوق في زحلة، عاونه فيه النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم، والأب جاورجيوس شبوع، وخدمته جوقة القدّيس رومانس بقيادة المرنّم الأوّل في الأبرشيّة جورج رياشي، بحضور حشد من المؤمنين، بحسب "إعلام البطريركيّة".

بعد الإنجيل، ألقى المطران درويش عظةً هنّأ فيها المُحتفلين بالعيد، وهنّأ الرّهبنة الباسيليّة الشّويريّة بانتخاب رئيس عام جديد وعمدة جديدة، وقال :
 

"أتوجه بالتّهنئة من الرّهبانيّة الباسيليّة الشّويريّة بانتخاب عمدة جديدة لها، وأهنّئ بخاصّة الرّئيس العام الجديد الأرشمندريت شربل معلوف والآباء المدبّرين، لاسيّما رئيس الدّير الأب مطانوس نصرالله.

 

وأُهنّئكم جميعًا بعيد شفيع الكنيسة، وشفيع كلّ عائلة وكلّ فرد من أبناء الرّعيّة، كما أُهنّئ بنوع خاص الذين يحملون إسم الياس. أرفع اليوم ذبيحة القربان على هذه النّيّة، وعلى نيّة كلّ من يعمل في هذه الرّعيّة.

كما أُرحّب بمنسقّة لجنة الشّبيبة البطريركيّة الدّكتورة سنتيا غريب وأمين سرّ اللّجنة المحامي روي جريش، وأدعو شبيبة الأبرشيّة إلى المشاركة بكثافة في لقاء شبيبة الرّوم الملكيّين الكاثوليك حول غبطة البطريرك يوسف العبسيّ تحت عنوان "لك أقول قُم " في 9و 10 و 11 آب المُقبل في مركز لقاء في الرّبوة.

 

أتأمّل معكم اليوم في بعض جوانب حياة إيليّا النّبيّ النّاسك والرّسول، ففي كلّ سنة في عيده نحاول أن ندخل الى عمق حياته ونحاول أن نتعرّف على جانب من شخصيّته.

نتذكر أوّلاً أنه عاش في أورشليم، قبل المسيح بتسعمئة سنة، في وقت كان الملك آحاب يحكم مملكة إسرائيل، وكانت زوجته ايزابيل تعبد آلهة كنعان.
 

في ذلك الوقت بدأ إيليّا يُحارب عبادة الأصنام؛ فدعا الملك والشّعب للتّوبة وأنبأه بالمجاعة. لكنّه رغم جرأته، خاف من بطش الملكة، فاختبأ في مغارة. ويروي الكتاب المقدّس أنّ الطيور كانت تُطعمه. ثم دعاه الرّبّ ليذهب إلى "صرفت صيدا"، وهناك التقى بامرأة أرملة كانت تعيش مع طفلها الوحيد، وقد أعطاه الرّبّ نعمة تكثير الطّحين والزّيت، وقد اكتشف أنّ الله هو المنتصر، وهذه كانت إشارة واضحة ليخرج إيليّا من خوفه، ويُحقّق فيه دعوة الله، ويكتشف أنّ الله يريده أن يكون نبيًّا من أنبيائه.

وهنا، أرسل للملك آحاب رسالةً يطلب فيها أن يتحدّى آلهة الأصنام، فتمّ اللّقاء على جبل الكرمل، فجمعت الملكة كهنةَ آلهة الأصنام وجهّزوا الذّبيحة لآلهتهم، وطلب منهم أن يتضرّعوا لتُرسل الآلهة نارًا لإحراقها فلم ينجحوا. ثمّ جهّز له محرقة وصبّ عليها ماءً كثيرًا، وصلّى بإيمان كبير، فأرسل الله نارًا واحترقت الذّبيحة، فآمن الشّعب بالله. ويقول الكتاب أنّه قتل كهنة الأوثان، أمّا هو فاكتشف دعوته الثّانية بأنّه كاهن الله، يحمل الله إلى النّاس ويدعوهم ليكون الملك الوحيد على قلوبهم.

ثمّ تعرّض إيليّا للإضطّهاد فكثيرون سعوا لقتله، فقرّر أن يعيش في البرّيّة؛ فسار 40 يومًا وهو يصلّي. وقاده الرّوح إلى جبل حوريب لينسك في مغارة، وهناك كلّمَ الرّبَّ؛ وقال له: "قد غِرتُ غيرةً للرّبّ إله الجنود، لأنّ بني إسرائيل قد تركوا عهدك... وهم يطلبون نفسي ليأخذوها.." آنذاك كشف له الله رحمته ومحبّته. 

وإنّ الله يتوقع منّا نحن المؤمنين، أن نشعر بحنانه ورحمته، وأن نكون بدورنا رحماء تجاه الآخرين؛ ورحمةُ الله ضمانةً لنا، لأنّها تحقّق لنا السّلام والطُّمأنينة ونقاوة النّفس.

في سلوك المسيحيّ، وفي أفكاره لا توجد كبرياء ولا نميمة، بل حنان وإنتباه للنّاس، والمسيح عندما هدم جدار العداوة والقساوة بين النّاس، أراد أن تسود الرّأفة في علاقاتنا مع الآخرين.
لذلك، عندما نطلب رحمة الله نسعى من جهتنا أن نكون أسخياء منتبهين لبعضنا البعض، والمؤمن الحقيقيّ هو الذي يخلق حوله جوًّا عائليًّا، يُشعر الآخرين بالطُّمأنينة ويغمرُهم بلطفه وإنسانيّته.


وإنّ إله إيليّا الذي كان يُبشّر به، لم يكن حيًّا فقط، بل كان إيليّا حيًّا بالله؛ لذلك عندما امتدح يسوع يوحنّا المعمدان قال أنّه "جاء بروح إيليّا". إنّه روح الله، الرّوح القدس، روح الحقّ. هذا الرّوح عينه يجعلنا على مثال إيليّا أنبياء، مُمتلئين من روح الله، يجعلنا كهنةً نقدّمُ ذواتَنا ذبيحةً لله ليعلو إسمه فوق كلّ إسم، ويجعلُنا رسلًا ومُبشّرين لا نخاف أن نُعلن بأنّ كلمة الله هي الحياة."