لبنان
20 تشرين الثاني 2017, 09:01

درويش: الفقراء هم ثروة زحلة الحقيقيّة

ترأس رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش قدّاسًا احتفاليًّا، في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة في زحلة لمناسبة العيد الثّاني والثّلاثين بعد المئة للجمعيّة الخيريّة الكاثوليكيّة في زحلة، ويوم الفقير الّذي أعلنه البابا فرنسيس، عاونه فيه النّائب الأسقفيّ العام الأرشمندريت نقولا حكيم، والأب إدمون بخاش والشّماس الياس ابراهيم.

وبعد الإنجيل، ألقى المطران درويش عظة تحدّث فيها عن تاريخ الجمعيّة الخيريّة، وعن أهمّيّة مساعدة المحتاجين، وقال: "في بداية عظتي أتوجّه إليكم وأحيّيكم وأطلب من المخلّص أن يبارك كلّ واحد منكم". وتابع: "في عيد الجمعيّة الخيريّة هذه السّنة نريد أن نقدّم هذه الليتورجيا الإلهيّة من أجل إخوتنا الّذين رقدوا بالرّبّ: جوزف مسلم، غازي أبو عبيد، إبراهيم وتريز جريصاتي، جان معلوف وميشال جحا. هؤلاء أعطوا الكثير في حياتهم للجمعيّة الخيريّة وبالتّالي لفقراء هذه المدينة، ونحن نعتبرهم شفعاء الجمعيّة في ملكوت الله. وأردّد لكم تحيّة القدّيس بولس: "يا إخوة، إنّ المسيح هو سلامنا". العالم لن يجد السّلام الّا مع المسيح، فالله صالحنا بالصّليب ومنحنا السّلام بالصّليب، بموته على الصّليب هدم حائط العداوة بينه وبين البشر".

وأضاف: "في العالم القديم كانت المدن محاطة بجدران عالية من الحجارة، وكانت هذه علامة وجود أعداء بين الشّعوب، وكانت الأبواب تغلق ليلًا وكان النّاس يشعرون بالأمان داخل الأسوار، وكان من يخالف شريعة المدينة يطرد إلى الخارج"، لافتًا إلى أنّنا اليوم نجد أيضًا جدرانًا مثيرة، بالمعنى المجازيّ، تحيط بنا وموجودة بين شعوب كثيرة في منطقتنا وفي العالم كلّه، كما هناك جدران ترتفع يوميًا بين الفقراء والأغنياء، بين أبناء البلد والمهاجرين إليه، جدران بين العائلات وبين الأفراد. وعبر التّاريخ هناك جدران هدمت، منها جدار برلين الذي هدم سنة 1989".

وتابع: "نصّ رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس يتحدّث عن شفاء الجماعة المسيحيّة، بواسطة الصّليب، من مرض التّفرقة. وهو يشجّع على المساواة في الجماعة الواحدة ويدعو المؤمنين إلى "المحافظة على وحدة الرّوح برباط السّلام "(أفسس 4/3)"

وتابع: "أنا أدعوكم لتكونوا من مواطني القدّيسين وأهل بيت الله، فالمسيح هو سلامنا وهو حجر زاوية بنياننا. أدعوكم لتكونوا حكماء، لا مثل هذا الغنيّ الّذي تحدّث عنه إنجيل اليوم، فأنتم تعرفون أنّ يسوع كان حصة الفقراء والمرضى والمتروكين والضّعفاء والخطأة، لذلك تحدّث عما نشاهده في حياتنا اليوميّة، عن غنيّ جاهل، فيقول عنه يسوع أّنّه حكيم في إدارة أمواله وماهر في تكثير ثروته وتبصّر مستقبله. وهذه نعمة من الله يجود بها على عبيده، بيد أن هذا الغنيّ يتوقّف عند هذا الحدّ ولا ينمّي في ذاته غنى النّعمة الّتي يهبها الله لكلّ البشر. يكتفي بالغنى الماديّ فيتحوّل اسمه من الغنيّ الحكيم إلى الغنيّ الجاهل".

وقال: "إنّه جاهل لأنّه لم يتعرف إلى حكمة الله. إنّه جاهل لأنّه فكّر فقط في نفسه ولم يفكّر بقريبه. هو جاهل لأنه اكتفى بغنى الأرض وبقي فقيرًا إلى نعمة الله، والخيرات الماديّة فاضت في مستودعاته بينما فرغ قلبه من المحبّة. فماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه؟ نريد من أبنائنا وبناتنا في الأبرشيّة، أن يمدّوا يدهم للفقراء والمحتاجين، وأن يفتحوا قلوبهم ليشعر هؤلاء بأن كرامتهم مصانة". وأكّد درويش أنّ المسيحيّ الحقيقيّ هو الّذي يتشبّه بالسّامريّ الصّالح، والّذي يتقرب من الضّعفاء والمجروحين والفقراء، مشيرًا إلى أنّ المسيح كان مع المرضى والخطأة والفقراء وطوّبهم وقال عنهم "أنّهم أبناء الله".

وشدّد على أنّ الّذي يهتم بالفقير يمتلك نعمة لا مثيل لها، وهو يلبّي نداء يسوع: "كنت جائعًا فاطعمتموني وسجينًا فزرتموني، وعريانًا فكسوتموني..".

وختم درويش: "من أجل ذلك أرادت الجمعيّة الخيريّة تلبية نداء البابا فرنسيس، وتعتبر هذا اليوم هو يوم الفقير. ونحن نستقبلهم اليوم معنا في هذا القدّاس، ونعتبرهم ثروة زحلة الحقيقيّة أو كما اعتبرهم القدّيس يوحنا الرّحيم أسياد مدينتنا. يبقى لي أن أقول لكم أنّ المحبّة هي حلّ لكلّ مشاكلنا، وبالمحبّة نستمرّ في العمل والعطاء والبناء. شكرًا للجمعيّة الخيريّة، ولكلّ من يهتم بالفقراء من خلالها وشكرًا لمن يدعمها".

هذا وكرّم درويش أعضاء من الجمعيّة أمضوا سنوات في خدمة الفقراء، فمنح دروعًا تكريميّة لعائلات الّذين توفاهم الله، ودروعًا لكلّ من ريمون حداد، وعادل الخوري وشفيق سعادة.

وبعد القدّاس، تقبل المطران درويش وأعضاء الهيئة الإداريّة التّهاني من الحضور، كما جرى توزيع وجبات غذائيّة على الفقراء.