لبنان
25 حزيران 2018, 13:48

درويش: العائلة المسيحيّة المترابطة هي كنز للكنيسة

ترأّس رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنّا درويش قدّاسًا احتفاليًّا لمناسبة عيد يوحنّا المعمدان في كنيسة القدّيس يوحنّا في باب مارع – البقاع الغربيّ، عاونه فيه خادم الرّعيّة الأب عماد الحاج والأب الياس ابراهيم بحضور حشد كبير من أبناء البلدة. بعد الإنجيل المقدّس، ألقى درويش عظة جاء فيها :

"أتوجّه اليكم بالمعايدة في عيد شفيعكم النّبي يوحنّا المعمدان السّابق، ندعوه السّابق لأنّه سبق وبشّر بيسوع المسيح.
عبر تاريخ الكنيسة هناك الكثير من القدّيسين حملوا اسم يوحنّا، ولكن أشهر اثنين هما يوحنّا السّابق ويوحنّا الحبيب. أحدهم كان قبل المسيح (يوحنا المعمدان) حضّر مجيء المسيح، والثّاني بقي حتى النّهاية مع المسيح، حتّى الصّليب والقيامة، وكلّ قدّيس منهم له صفات تتجاوب مع صفاتنا ومتطلّبات الإيمان المسيحيّ.
يوحنّا المعمدان هو مثل كلّ مسيحيّ، مدعوّ اليوم إلى تحضير مجيء المسيح إليه وإلى مجتمعه. كلّنا مدعوّون أن نحضّر بشكل دائم مجيء المسيح. والقدّيس توما بدأ إنجيله في الفصل الأوّل بالحديث مفصّلاً عن ولادة يوحنّا المعمدان، الولادة الغريبة، لكي يقول أنّ الإيمان المسيحيّ هو إيمان المستحيل، إيماننا لا يتوافق مع الواقع، لذلك الإيمان المسيحيّ يحتاج دائمًا إلى ثقة بالرّبّ لكي ينمو في قلب كلّ إنسان. القدّيس لوقا أحبّ أن يسرد بالتّفصيل قصة ولادة يوحنّا المعمدان لكي يعلّمنا أنّ الإيمان ليس واقعًا ملموسًا لأنّه يتخطّى العقل والإدراك ليصل إلى الرّبّ، ونحن كبشر لا يمكننا الوصول إلى الرّبّ إلّا بالثّقة والإيمان 
ويوحنّا الحبيب رسّخ ما قاله يسوع المسيح عن المحبّة، وأنتم تعرفون أنّ هويّة المسيحيّ هي المحبّة. بدون محبّة لا يوجد هويّة لأيّ مسيحيّ. بمحبتنا نحن نبرهن على هويتنا المسيحيّة، لذلك أنا سعيد جدًا اليوم أن أدعوكم إلى ما تعرفونه بأنّ المحبّة تُظهر هويّتنا للآخرين. في أوائل الكنيسة كانوا يقولون "أنظروا كم يحبّون بعضهم البعض". إذا انتفت المحبّة من قلب المسيحيّ أصبح هناك خطر على هويّتنا، لذلك أتمنّى ما تتمنّوه أنتم، أن تكون بلدة باب مارع موحّدة دائمًا وأن تكونوا مع اختلاف الآراء، متّفقين على رأي واحد في ما يخصّ الكنيسة، في النّهاية نحن واحد مع المسيح وهذه الوحدة تظهر في المشاريع المشتركة، في تعاوننا مع بعضنا البعض، وأنتم مسؤولون عن تنمية الوحدة بين بعضكم البعض."
وأضاف " بولس الرّسول في رسالته اليوم، ركّز على هذا الأمر. أطلق صرخة "لنخلع عنّا أعمال الظّلمة ونلبس المسيح، نلبس أعمال النّور". هذه الصّرخة هدفها واحد، لندخل بعلاقة جيّدة وحميمة مع يسوع المسيح. يوجّه لنا نداءً حارًّا لنخلع أعمال الظّلمة ونلبس نور المسيح. يريد بولس الرّسول أن يربطنا بالمسيح عندها نرتبط مع بعضنا البعض، والمسيح وحده يوحّدنا.
ولكن بأيّة طريقة نلبس لباس النّور؟ إنطلاقًا من أعمالنا الصّالحة "فليضئ نوركم أمام النّاس ليروا أعمالكم الصّالحة". صحيح أنّ المسيح قال "أنا نور العالم" ولكنّه قال أيضًا "أنتم نور العالم". العمل الصّالح ينطلق أوّلًا من علاقتنا بيسوع المسيح ومن ثمّ من علاقاتنا مع بعضنا البعض، خصوصًا الإنسان الذي يحتاج إلى مساعدتنا. المسيحيّ هو الذي يتحلّى بالأخلاق الحميدة، والأخلاق الحميدة تبدأ من المنزل. لذلك أثمن ما عند الكنيسة هي العائلة. العائلة المسيحيّة المترابطة هي كنز للكنيسة. والآباء القدّيسين قالوا إنّ العائلة هي كنيسة مصغّرة، تبدأ من البيت وتنتقل إلى الرّعيّة. وقال الآباء القدّيسين أيضًا إنّ الكنيسة هي كالعذراء مريم. في الكنيسة البيزنطيّة تكتب أيقونة السّيّدة العذراء مع يسوع المسيح، لأنّ العذراء حملت وتحمل السّيّد المسيح، وكلّ إنسان يتشبّه بمريم العذراء عليه أن يحمل المسيح."
بولس الرّسول يقول"إلبسوا الرّبّ يسوع المسيح"، أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم المسيح قد لبستم. كيف نلبس المسيح؟ فكرنا نستمدّه من فكر يسوع المسيح، عقلنا يجب أن يتوافق مع عقل يسوع المسيح، تصرّفاتنا يجب أن تتلاقى مع تصرّفات يسوع المسيح، وهذا لا يتمّ إلّا اذا عرفنا يسوع المسيح من خلال الكتاب المقدّس، ولا وجود لحياة مسيحيّة إلّا اذا عرفنا جّيدًا الكتاب المقدّس. دعوتنا واضحة جدًّا: أن نتحلّى بفكر يسوع المسيح لأنّ المسيح هو نورنا ونور العالم.
من جديد أهنّئكم بعيد شفيع الرّعيّة وأتمنّى أن تبقوا موحّدين حول كنيستكم وحول بعضكم البعض لكي تكونوا شهودًا في هذه المنطقة، ولا أحد يثبّتكم في أرضكم إلّا هويّتكم المسيحيّة وعائلتكم وأرضكم."