خيرالله من زغرتا في أربعين المطران سعادة: سيبقى حاضرًا معنا بصلاتنا وقلوبنا وذاكرتنا
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران خيرالله عظة قال فيها: "أنت هو المسيح ابن الله الحيّ"، نفتتح اليوم السّنة الطّقسيّة السّنة الكنسيّة الجديدة الّتي من خلالها نرافق يسوع وحده المعلّم والمخلّص، نرافقه بحياته ورسالته الخلاصيّة بين البشر، منذ التّجسّد، وعود الله الّتي تحقّقت بتجسّد ابن الإنسان، حتّى موته على الصّليب، وقيامته. هذه المناسبة تدعونا جميعًا، لأنّ الكنيسة هي شعب الله، كلّنا المعمّدين باسم الآب والإبن والرّوح القدس، الكنيسة مدعوّة لتتقدّس وتتجدّد كلّ يوم.لا الكنيسة هي الّتي حملت ولا زالت وستبقى، تحمل رسالة يسوع المسيح الخلاصيّة بين البشر.
وكما كان يسوع بين البشر هو وسيلة الخلاص، وهو المخلّص الوحيد، وسلّم هذه الرّسالة وهذا السّلطان لبطرس والرّسل، وإلى خلفائهم في الكنيسة حتّى تبقى وهي تتقدّس، وتتجدّد، وتقدّس شعبها، وتجدّد شعبها، تبقى وفيّة للرّسالة الّتي سلّمها إيّاها يسوع المسيح.
كلّنا نتقدّم، منذ أن تعمّدنا خلقنا من جديد، وحملنا مسؤوليّة كبيرة، كي نشهد ليسوع المسيح ابن الله وابن الإنسان الّذي خلّصنا برسالته بيننا وبموته وقيامته، كلّنا مدعوّين أن نتجدّد كلّ يوم، ولأنّنا مدعوّين تتقدّس ونتجدّد يلزمنا كلّ يوم فعل توبة، نقف أمام الرّبّ كما وقف بطرس أمامه، وكذلك الرّسل، نطلب المغفرة، عن ضعفنا ونقصنا، حتّى نتقوّى، ونستطيع أن نتجدّد لإيماننا وشهادتنا للمسيح، وتعود لنحمل هذه الرّسالة. كلّنا مع بعض وليس فقط الأساقفة والكهنة الرّهبان والرّاهبات، كلّ أب وأم، كلّ إنسان تعمّد، ويلتزم عيش معموديّته، ومفاعيلها، هو مدعوّ إلى التّقديس، والتّجديد.
أودّ أن أقول لكم إنّ حضوري معكم اليوم، كي نرفع الصّلاة عن راحة نفس راعينا، المطران بولس آميل سعاده، في هذه المناسبة بالذّات، كي نبدأ نحن وإيّاكم، هو من السّماء ونحن على الأرض، مسيرتنا مع يسوع المسيح، لأنّ المطران الرّاحل عندما ارتسم مطرانًا، اتّخذ شعارًا له "على خطى السّيّد المسيح سأسير حتّى آخر لحظة من حياتي". وهكذا حقّق هذا الشّعار الّذي اتّخذه، في حياته بينكم ككاهن وأسقف، وبيننا نحن أبناء البترون كأسقف، لسنوات طويلة، وعندما أنظر إلى وجوهكم أنتم اليوم في افتتاح هذه السّنة، أنتم تمثّلون الرّعيّة كلّها، لأنّكم موجودين كعائلات، كجمعيّات وأخويّات، الّتي تعب عليها المطران بولس آميل، وشجّعكم، كان دائمًا بقربكم، في كلّ المناسبات، وكان همّه أنّكم جميعًا شعب الله، في كلّ النّقاط الملتزمين فيها، أن تكونوا مسيحيّين، وأن تسيروا على خطى المسيح.
بهذه الطّريقة وبافتتاح السّنة الطّقسيّة، أنا أكيد أنّنا لن ننسى المطران بولس آميل، لأنّنا نحن نمشي خطواتنا الخلاصيّة مع يسوع المسيح، سنتذكّره دائمًا، وسيبقى في ذاكرتنا، لا نستطيع أن ننساه، إذا كنّا نفتتح وإيّاه السّنة الطّقسيّة الجديدة، معناه أنّه سيكون مع كلّ الّذين سبقوه، من عائلته، والده وجدّه، من مطارنة، وأساقفة، وبطاركة، الّتي أعطتهم رعيّتكم زغرتا إهدن الكنيسة، سيبقى حاضرًا معنا، سيبقى بصلاتنا وقلوبنا، بذاكرتنا حتّى لا ننسى كلّ التّضحيات الّتي قدّمها من أجل أن يسير على خطى المسيح، ويجعل كلّ واحد منكم ومنّا، يسير على الطّريق ذاته.
لا يمكن إلّا أن نكون أوفياء له، جميعنا كبارًا وصغارًا، من عرفهم مباشرة أو من لم يعرفهم، لأنّه تعب وأعطى من ذاته، لأنّه شجّع جمعيّات الكنيسة، حتّى تكون دائمًا حاضرة، على استعداد للثّبات بإيمانها، كان من عائلة أصيلة، وأنتم جميعًا من عائلات زغرتا الأصيلة، لا يمكنكم اليوم إلّا أن تكونوا أوفياء، لتاريخكم العظيم، والعريق كما كان دائمًا يذكّرنا المطران بولس آميل.
لا يمكننا إلّا أن نكون ملتزمين كي نتقدّس، وأن نتجدّد، نطلب شفاعته من السّماء أن يرافقنا، مع العذراء مريم إنّ الكنيسة، مع كلّ قدّيسينا الّذين يشفعون فينا ويطلبوا من الله أن يعطينا القوّة والشّجاعة، حتّى نبقى واقفين، فما تعوّدنا في تاريخنا كلّه أن نخضع إلّا إلى الله، ولم يستطع أحد من كلّ سلاطين العالم أن يركعنا، رغم كلّ ما مرّ علينا، من مآسي، اضطهادات وحروب، ونزوحات، تهجير وتشريد، بقينا واقفين، هكذا تربّينا، وهكذا سنبقى. أنتم تعطون المثل والقدوة لكلّ إخوتنا اللّبنانيّين أنّ أبناء وبنات إهدن زغرتا بقوا صامدين وسيبقوا صامدين. لنأخذ معًا هذا الالتزام ونحمله على مدى السّنة الكاملة، بدورتها الكنسيّة، لنعود ونؤكّد، أنّ يسوع المسيح هو معنا، وباقي معنا إلى الأبد وكنيسته الّتي بناها على الصّخرة، صخرة إيمان بطرس والرّسل وخلفائهم، ستبقى وفية تحمل الرّسالة الخلاصيّة لكلّ إنسان. كنيستنا اليوم تعاني من تحدّيات كبيرة، وكذلك عائلاتنا، وكلّ جمعيّاتنا واختيارنا ومجالسنا ورعايانا، تعاني اليوم، لكن مع المسيح لا مكان للخوف، "أنا معكم إلى منتهى الدّهر" والرّبّ يقوّينا ويجعلنا دائمًا نحمل رسالتنا ونربّي أولادنا وأجيالنا الطّالعة، على القيم الّتي حملناها من أجدادنا وآبائنا سنحملهم إيّاها حتّى يبنوا من خلالها مستقبلهم هنا، على أرض لبنان المقدّسة، الّتي وقف الله، وسلطانات العالم لم تقو عليها، هم زالوا ونحن باقون بقوّة الرّوح القدس محبّة الله الآب وحضور المسيح معنا. آمين."