خيرالله للعاملين الصّحّيّين: عيشوا قربكم من المرضى في اللّقاء والعطاء والمشاركة
وللمناسبة، ألقى خيرالله عظة جاء فيها: "بدعوة من لجنة راعويّة الصّحّة في الأبرشيّة ورئيسها الخوري شربل الفغالي، واللّجنة الصّحّيّة الاجتماعيّة في رعايا قطاع التّلاقي والحوار، نحتفل معًا باليوم العالميّ للمريض وبيوبيل المرضى في الأبرشيّة، بعنوان "الشّفاء بالرّجاء".
ويندرج احتفالنا في إطار السّنة اليوبيليّة المقدّسة الّتي دعا إليها قداسة البابا فرنسيس تحت شعار "الرّجاء بالمسيح الّذي لا يخيّب" (روما 5/5). ودعانا إلى أن نكون فيها "حجّاج الرّجاء".
رجاؤنا بالمسيح يجعلنا أقوياء في الشّدّة، يقول قداسة البابا فرنسيس في رسالته لليوم العالميّ الثّالث والثّلاثين للمريض، لكنّه يثير فينا بعض الأسئلة غالبًا ما يطرحها المرضى والمتألّمون، وبخاصّة إخوةٌ لنا في لبنان في الأوضاع الكارثيّة الّتي مرّت علينا، ومنها: "كيف نبقى أقوياء عندما نُصاب بأمراض خطيرة قد تتطلّب علاجات تتجاوز تكلفتُها إمكانيّاتنا؟".
إنّنا نحتاج في هذه الظّروف إلى مساندة من هم قريبين منّا، في العائلة وبين الأصدقاء وأصحاب الأيادي البيضاء والسّامريّين الصّالحين. لكنّنا نحتاج أيضًا إلى سند أكبر: نحتاج إلى معونة الله ونعمته وعنايته الإلهيّة وإلى تلك القوّة الّتي هي عطيّة من روحه القدّوس لكي نصمد في إيماننا ورجائنا.
أتوقّف مع البابا فرنسيس في رسالته عند التّأمّل في حضور الله القريب من المتألّمين، وبخاصّة في أوجه ثلاثة: اللّقاء والعطاء والمشاركة.
أوّلًا، في اللّقاء.
يقول قداسة البابا لجميع الّذين يعتنون براعويّة الصّحّة، من كهنة ومكرّسين وأطبّاء وممرّضين وعاملين صحّيّين ومتطوّعين: قولوا للمرضى باسم يسوع "قد اقترب منكم ملكوت الله" (لوقا 10/10)؛ لأنّ يسوع يكشف لكم محبّة الله المجّانيّة وعطفه وحنانه كما شهد هو في حياته الخلاصيّة فيما كان يبشّر النّاس بمجيء الملكوت ويدعوهم إلى التّوبة، إذ كان "يعلّم في مجامعهم ويعلن بشارة الملكوت ويشفي الشّعب من كلّ مرض وعلّة" (متّى 4/23).
ساعدوا المريض على أن يدرك أنّ مرضه يمكن أن يكون فرصةً للّقاء مع الله، وأن يختبر قرب الله ورحمته ومحبّته من خلال حضور يسوع الّذي شاركنا آلامنا. فيدرك أنّه ليس لوحده، وأنّ "الألم يحمل معه دائمًا سرّ الخلاص".
ثانيًا، في العطاء.
في المرض والألم ندرك أنّ كلّ رجاء يأتي من الرّبّ يسوع. فهو قبل كلّ شيء عطيّة من الله وعلامة من محبّته اللّامتناهية. فنعرف أنّنا محبوبون من الله وأنّ "لا شيء في الدّنيا يمكنه أن يفصلنا عن محبّة الله" (روما 8/39). وتظهر محبّة الله هذه في حضور يسوع القائم من الموت والحاضر معنا والّذي يسير معنا في الطّريق ويشاركنا آلامنا وخوفنا وخيبة أملنا. من واجبنا إذًا أن نفتح عيوننا لنعرفه وآذاننا لنسمعه يكلّمنا، فيضطرم قلبُنا بمعرفته وبحضوره وبكسر الخبز. فيعيد إلينا الثّقة والجرأة للانطلاق من جديد في حمل رسالة الرّجاء.
ثالثًا، في المشاركة.
عندما نقف أمام المريض لنشاركه آلامه ومعاناته النّفسيّة والجسديّة، علينا أوّلًا أن لا نكثر الكلام والنّصائح والإرشادات، بل أن نتحلّى بالإصغاء. أن نصغي إليه يعبّر عن معاناته وخبرته مع الألم وعن قلقه ومخاوفه من المستقبل، كما توصينا الكنيسة في الوثيقة الختاميّة لسينودس الأساقفة عن السّينودسيّة.
ومن ثمّ أن نحبّه ونعتني به ونؤكّد له قربنا. فنتعلّم منه عندئذ كيف نصبر على الشّدّة وكيف يزداد إيماننا ورجاؤنا واتّكالنا على الله. ونكتشف كيف نكون "ملائكة الرّجاء".
يا إخوتنا وأحبّاءنا أعضاء لجنة راعويّة الصّحّة في الأبرشيّة واللّجنة الصّحّيّة والاجتماعيّة في رعايا قطاع التّلاقي والحوار، إكليروسًا وعلمانيّين، أطبّاء وممرّضات وعاملين صحّيّين ومرشدين ومتطوّعين. إنّي أدعوكم إلى أن تعيشوا قربكم من المرضى في اللّقاء والعطاء والمشاركة وتحملوا رسالة الرّعاية الصّحّيّة والمرافقة الرّعويّة والرّوحيّة إلى المرضى وتذهبوا إليهم باسم المسيح والكنيسة على أنّكم ملائكة رحمة ورسل رجاء !
وعرفت أنّكم استبقتم هذا الاحتفال بزيارات للمرضى والمسنّين قمتم بها في مدينة البترون في مستشفى الدّكتور آميل البيطار وبيت الرّاحة أوزانام، وقدّمتم إلى كلّ واحد منهم صليب السّنة اليوبيليّة، صليب المسيح القائم من الموت، صليب القيامة والرّجاء !
إنّي أشكركم، باسم الكنيسة والأبرشيّة، على جهودكم وتضحياتكم وقربكم من إخوتنا المرضى والمسنّين. لقد أظهرتم أنّكم قادرون على أن تنشروا حولكم وحولهم النّور والدّفء والحنان... والرّجاء. أنتم في الحقيقة سامريّون صالحون! أنتم حجّاج الرّجاء في سنة الرّجاء !
نصلّي معًا، في هذه الذّبيحة الإلهيّة من أجلكم ومن أجل جميع العاملين في القطاع الصّحّيّ ومن أجل المرضى والمتألّمين، ونكسر الخبز علامة وحدتنا ومحبّتنا وتضامننا ونتناوله عربون محبّة الله لنا وحضور المسيح في وسطنا. فنعيش قربنا من بعضنا البعض وننعم بدفء محبّة الله بشفاعة العذراء مريم رفيقة المتألّمين وشفاء المرضى. آمين."