خيرالله: لإعداد كهنة يتجاوبون مع حاجات الشّباب خصوصًا ومتطلّبات المؤمنين عمومًا
"إخوتي الكهنة والشّمامسة والرّهبان الأحبّاء،
بعد كلّ ما طرأ علينا في لبنان جرّاء الأزمات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والمعيشيّة والصّحّيّة والمآسي المتأتّية من فاجعة انفجار بيروت ومن عواقب جائحة كورونا، باتت الظّلمة تخيّم على مجتمعنا والعاصفة تهبّ على سفينتنا، والخوف يزداد في قلوبنا، واليأس يستقرّ في نفوسنا.
فإكتشفنا، من ناحية، أنّ العاصفة والخوف واليأس أسقطت القناع عن معطيات الأمان الّتي كنّا نتّكل عليها وعن أنانيّاتنا الّتي كانت تحمل كلّ شخص منّا على الاهتمام بنفسه، واكتشفنا، من ناحية أخرى، أنّ قِيَم التّضامن والتّعاون والتّعاضد لا تزال موجودة عند شعبنا، وبخاصّة عند شبيبتنا، وجعلتنا ننظر بأمل ورجاء وإيجابيّة إلى انتمائنا المشترك إلى سفينة الكنيسة والوطن وإلى مسؤوليّتنا في العمل معًا على خلاص الجميع. وتنبّهنا إلى أن يسوع المسيح القائم من الموت هو حاضر معنا، يرافقنا في سَفَرنا في هذا العالم، وهو نائم في مؤخّر السّفينة ويوبّخنا على "قلّة إيماننا" (متّى 8/26)، ويقول لنا: "ما لكم خائفين هذا الخوف؟ أإلى الآن لا إيمان لكم؟" (مرقس 4/40). ويسألنا بعد القيامة: "ما بالكم مضطربين خائفين، ولماذا تخالج هذه الشّكوك قلوبكم؟" (لوقا 24/38).
الرّوح القدس، الّذي حرّر الرّسل والتّلاميذ من الخوف وأطلقهم إلى العالم كلّه يعلنون قيامة الرّبّ يسوع ويحملون بشارة الخلاص، هو يطلقنا اليوم في عنصرة جديدة لنحمل شعلة الرّجاء في ظلمة مجتمعنا ونتجدّد في خدمتنا الكهنوتيّة وفي أدائنا الرّاعويّ.
لذا رأيت من واجبي أن أعمل على إعادة النّظر في أولويّاتنا الرّاعويّة، فنواجه معًا التّحدّيات الآتية علينا ونطلّ على شعبنا بصورة المسيح الخادم.
فأطلقت، في كلمتي إليكم في قدّاس خميس الأسرار، جدولة أولويّاتنا الرّاعويّة الّتي تنطلق من المواضيع الّتي عملنا عليها لمدّة ستّ سنوات في مجمعنا الأبرشيّ (2013- 2019) ومن الدّعوة إلى القداسة الموجّهة إلى كلّ واحد منّا في أبرشيّة البترون، أبرشيّة القدّيسين، وتتناسب مع وضعنا الكارثيّ اليوم والتّحدّيات الجديدة الّتي نواجهها في تأدية خدمتنا الكهنوتيّة ورسالتنا الإنسانيّة في راعويّة تركّز على القرب من النّاس وعلى خروج الكنيسة لملاقاتهم حيث يعانون ويتألّمون.
جاءت الأولويّات موزّعة على أربعة محاور، كما يلي:
- أوّلاً، خدمة المحبّة: التّعاضد والتّضامن لمدّ يد المساعدة لإخوتنا المحتاجين والّذين، مثل أكثريّة اللّبنانيّين، أصبحوا يعيشون تحت خطّ الفقر. عدد العائلات المحتاجة في الأبرشيّة وبحسب إحصاءات الكهنة كان في تشرين الثّاني 2020 تقارب 486 عائلة، وفي كانون الثّاني 2021 يقارب 674 عائلة، وأصبح في آخر آذار 2021 يفوق 1004 عائلة.
ونعمل في الأبرشيّة على مساعدة هذه العائلات عبر اللّجنة الأبرشيّة لخدمة المحبّة الّتي تضمّ مندوبين عن رابطة كاريتاس وجمعيّة مار منصور وغيرهما من الجمعيّات الّتي تعنى بالشّأن الاجتماعيّ.
وأسّسنا في نيسان 2020 الصّندوق الاجتماعيّ الأبرشيّ لدعم المساعدات الّتي تؤمّنها الأبرشيّة ولجنة خدمة المحبّة. ونشكر كلّ أصحاب الأيادي البيضاء من أبناء الأبرشيّة في لبنان وخارج لبنان ومن أصدقائنا في فرنسا وإيطاليا.
- ثانيًا، العائلة: إنّنا نقدّر ما تقوم به لجنة العائلة في الأبرشيّة من جهود جبّارة منذ سنوات للوقوف إلى جانب العائلات، في تنظيم مركز الإعداد للزّواج وتجديده وتأوينه بما يناسب متطلّبات الوضع الرّاهن، وفي العمل على تنظيم لقاءات للعائلات والمتزوّجين، وفي إنشاء مركز للإصغاء والمصالحة، وفي التّنسيق مع لجنة المرافقة الرّوحيّة والرّعويّة والعائليّة والاجتماعيّة والنّفسيّة.
وهي تحتاج إلى دعمنا ومؤازرتنا لكي تواجه التّحدّيات الّتي تكبر يومًا بعد يوم وتتجلّى في الخلافات الزّوجيّة، وفي تشرذم العائلة جرّاء الصّعوبات المادّيّة والنّفسيّة، وفي التّعامل مع الحالات الخاصّة للأولاد، وغيرها.
- ثالثًا، الشّبيبة والطّلّاب الإكليريكيّون: إنّهم مستقبل الوطن ومستقبل الكنيسة ورجاؤهما ويستحقّون منّا كلّ اهتمام.
نشكر الله على شبيبتنا في الأبرشيّة الّذين لا يزالون ملتزمين في الأخويّات والجمعيّات والحركات الكنسيّة وفي الرّعايا ويخدمون كنيستهم ومجتمعهم بمحبّة واندفاع مرتكزين على إيمانهم بالله ورجائهم بالحياة الجديدة.
ونذكر إخوتهم وأخواتهم الشّباب والصّبايا غير الملتزمين والبعيدين عن الكنيسة.
وهؤلاء وأولئك، جميعهم، يعانون من المآسي المتراكمة في لبنان كالبطالة وانسداد الأفق أمام انتظاراتهم فيحلمون بالهجرة إلى بلدٍ يفتّشون فيه عن عيش حرٍّ كريم.
وجميعهم يتعطّشون إلى تنشئة يتعمّقون من خلالها بإيمانهم وبانتمائهم الكنسيّ والوطنيّ، ويطالبوننا بمرشدين يرافقونهم.
من هنا لا بدّ من إعداد كهنة يتفهّمون ويتجاوبون مع حاجات الشّباب خصوصًا ومتطلّبات المؤمنين عمومًا، ويدعوهم الله من بين هؤلاء الشّباب في مجتمع اليوم.
ونفتقد اليوم إلى دعوات كهنوتيّة ورهبانيّة. والمدعوّون أصبحوا قليلين. عندنا هذه السّنة طالب إكليريكيّ واحد في الإكليريكيّة البطريركيّة في غزير. أإلي هذا الحدّ أصبحت أبرشيّة البترون فقيرة بالدّعوات الكهنوتيّة؟ نحن نتحمّل المسؤوليّة معًا، وعلى كل كاهنٍ منّا أن يهيّء الشّباب من خلال شهادة حياةٍ كهنوتيّة بسيطة وفقيرة ومصلّية ومندفعة للخدمة، فيدعوهم الله إلى خدمة شعبه.
- رابعًا، الكرازة والتّعليم والتّنشئة: شعبنا وشبابنا يتعطّشون إلى كرازة مسيحيّة تنطلق من كلمة الله في الكتاب المقدّس أوّلاً، ومن تعاليم الكنيسة ثانيًا، ومن تراث كنيستنا الأنطاكيّة السّريانيّة المارونيّة ثالثًا.
مسؤوليّتنا نحن الكهنة أن نعلّم شعبنا في عظاتنا الّتي علينا أن نحضّرها جيّدًا ونعود فيها إلى كلمة الله وتعليم ربّنا يسوع المسيح، ونبتعد فيها عن السّياسة ومسايرة المرجعيّات العائليّة والحزبيّة.
وكذلك في سهراتنا الإنجيليّة ولقاءاتنا الرّوحيّة.
إنّنا نحتاج كذلك إلى إعادة إحياء معهد التّنشئة في الأبرشيّة، ولا ينقصنا، والحمدلله، الكهنة القادرون على التّعليم في الاختصاصات المتعدّدة. يكفي أن نتّخذ القرار بذلك وتبدأ الدّروس في تشرين الأوّل المقبل.
من واجبنا الكهنوتيّ إذًا أن نتعاون معًا على وضع خطّة تنفيذيّة لهذه الأولويّات، ثمّ نلتزم معًا تطبيقها في عملنا الرّاعويّ. ونحن الكهنة أوّل المعنيّين بالالتزام بتطبيق هذه الخطّة لنتوزّع المهمّات ونتعاون مع إخوتنا وأخواتنا الرّهبان والرّاهبات والعلمانيّين الملتزمين في الرّعايا وفي الحركات والجمعيّات والمنظّمات الكنسيّة والمجالس واللّجان الأبرشيّة.
وبما أنّ هذا الالتزام الكنسيّ بالتّجدّد ينطلق منّا نحن الكهنة، فإنّي أدعوكم بمحبّة المسيح إلى وضع هذه الأولويّات في آليّات قابلة للتّنفيذ، كلٌ من موقعه وبحسب المواهب المعطاة له من الرّبّ يسوع، وإلى استنباط مبادرات خلّاقة تتجاوب مع تطلّعات أبنائنا وإخوتنا في الأبرشيّة وحاجاتهم. فنكون بذلك نطبّق ما قرّرناه في مجمعنا الأبرشيّ "لنتجدّد ونتقدّس بالمسيح على خطى آبائنا القدّيسين" (شعار المجمع الأبرشيّ).
إنّي أدعوكم الآن إلى أن نتوزّع في أربع حلقات نفكّر فيها معًا ونتبادل الآراء في سبيل الوصول إلى وضع خطّة العمل مع آليّات قابلة للتّنفيذ.
- الحلقة الأولى: خدمة المحبّة
1- ما هو نوع التّقديمات الّتي توزّعها الرّعايا على العائلات المحتاجة؟ وما هو قدرها؟
2- ماذا تقترحون لتفيعل التّنسيق بين لجنة خدمة المحبّة وكهنة الرّعايا؟
3- من يريد أن يلتزم في لجنة خدمة المحبّة؟
- الحلقة الثّانية: العائلة
1- هل عندكم أفكار تقترحونها على لجنة العائلة لتفعيل خدمتها في الأبرشيّة؟
2- ما هي التّحدّيات الجديدة الّتي تواجهها عائلاتنا؟
3- من يريد أن يلتزم في لجنة العائلة؟
- الحلقة الثّالثة: الشّبيبة والطّلّاب الإكليريكيّون
1- ماذا تقترحون لتفعيل عمل لجنة الشّبيبة في الأبرشيّة الّتي تجمع مندوبين عن كلّ الحركات والمنظّمات الكنسيّة؟
2- ما هي الوسائل الّتي تساعد الكهنة على الالتزام بتحضير دعوات كهنوتيّة ورهبانيّة في رعاياهم؟
3- من يريد الالتزام في لجنة الشّبيبة وفي لجنة الدّعوات؟
- الحلقة الرّابعة: الكرازة والتّعليم والتّنشئة
1- ماذا تقترحون لتفعيل التّنشئة الدّينيّة والتّنشئة المستمرّة في الأبرشيّة للكهنة وللإكليريكيّين والعلمانيّين؟
2- ماذا تقترحون لإعادة إحياء معهد التّنشئة الدّينيّة في الأبرشيّة؟
وهل عندكم أسماء تقترحونها لإدارة هذا المعهد؟".