لبنان
22 أيلول 2019, 09:30

خيرالله: الشّركة الّتي تولد بين الزّوجين في سرّ الزّواج هي على صورة الشّركة بين الآب والإبن والرّوح القدس

لمناسبة اليوبيلين الفضّيّ والذّهبيّ للمتزوّجين في أبرشيّة البترون المارونيّة، أقامت لجنة العيلة قدّاسًا إحتفاليًّا ترأّسه راعي الأبرشيّة المطران منير خيرالله في الكرسيّ الأسقفيّ في دير مار يوحنّا مارون في كفرحيّ، شاركه في الخدمة نائبه العامّ المونسنيور بيار طانيوس، مرشد لجنة العيلة الأب بطرس فرح، والأب نبيه خوري، بحضور اليوبيليّين المكرّمين.

 

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى خيرالله عظة تحت عنوان "الزّواج هو أيقونة محبّة الله لنا"، جاء فيها، بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام":
 "بدعوة من لجنة العيلة في أبرشيّة البترون ومرشدها الخوري بطرس فرح، نحتفل اليوم، وكعادتنا كلّ سنة، بتكريم الأزواج الّذين مرّ على عهد الحبّ الّذي أعلنوه أمام الله وأمام الكنيسة في سرّ الزّواج المقدّس 25 أو 50 سنة، تحت شعار الزّواج هو أيقونة محبّة الله لنا.
لإحتفالنا هذه السّنة أهميّة مميّزة ومهابة خاصّة بعد إعلان البطريرك الياس الحويّك، إبن الأبرشيّة، مكرّمًا على طريق القداسة، وبعد افتتاح سنة المكرّم البطريرك الياس الحويّك، وهي سنة تحضيريّة لإحياء المئويّة الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير، كما قال غبطة أبينا البطريرك مار بشاره بطرس الرّاعي".
وتابع خيرالله متوجّهًا إلى المكرّمين: "أنتم هنا اليوم، أيّها الأزواج مع أولادكم وأحفادكم، آتون من رعايا الأبرشيّة، لتجدّدوا العهد الّذي قطعتموه يومًا في ما بينكم أمام مذبح الرّبّ لعيش الحبّ في سرّ الزّواج المقدّس، وأعلنتموه أمام الله والكنيسة والأهل وجماعة المؤمنين، وتواعدتم على عيشه مدى العمر في التّضحية والوفاء وحفظ الوصايا والمشاركة في حمل أعباء الحياة ونعمة العطاء وتربية الأولاد الّذين هم بركة من الله. نلتقي معكم في إفخارستيّا الشّكر لنقدّم التّسبيح والمجد والإكرام إلى الله المحبّة، الآب والإبن والرّوح القدس، على كلّ ما عشتموه وتعيشونه معًا، وعلى كلّ ما قدّمتموه من جهود وتضحيات لتكوين عائلات مسيحيّة تحيا بروح الإنجيل وهدي الرّوح القدس وسهر أمّنا العذراء مريم.
نجدّد معكم في هذا اليوم المبارك إيماننا والتزامنا بسرّ الزّواج المقدّس الّذي أراده الله منذ البدء، ومن فيض حبّه اللّامحدود، عطاء وتضحية وحبًّا حتّى بذل الذّات. ولأنّ الله محبّة خلق الإنسان على صورته كمثاله، على صورة الله خلقه، ذكرًا وأنثى خلقهم وباركهم وقال لهم: إنموا وأكثروا واملأوا الأرض. خلقهم ليعيشوا هذا الحبّ حتّى النّهاية. لا يقول الكتاب المقدّس إنّ الرّجل هو على صورة الله كمثاله؛ ولا يقول إنّ المرأة هي على صورة الله كمثاله؛ لكنّ الإثنين معًا هما على صورة الله كمثاله.
صورة الله هي إذًا في الزّوجين اللّذين يتعاهدان على الحبّ ويتقدّمان في عيش هذا الحبّ.
يقول قداسة البابا فرنسيس في إرشاده الرّسوليّ فرح الحبّ: يعتبر الزّواج علامة ثمينة لحضور الله، لأنّه عندما يحتفل رجل وامرأة بسرّ الزّواج تنعكس صورة الله فيهما وتطبع فيهما ملامحه وطبيعة حبّه الّذي لا يزول. فالزّواج هو أيقونة محبّة الله لنا.
والشّركة الّتي تولد بين الزّوجين في سرّ الزّواج هي على صورة الشّركة بين الآب والإبن والرّوح القدس، شركة محبّة حتّى بذل الذّات، شبيهة بعلاقة المسيح بالكنيسة جسده السّرّيّ، وشبيهة بمحبّة الله الآب الّذي بذل إبنه الوحيد فداء عن البشر. لذا يطلب من الزّوجين أن يستشهدا أحدهما حبًّا بالآخر. وذلك يعني أن يتخلّى كلّ منهما عن الأنا الخاصّة فيه في سبيل نشوء الأنا الواحدة الّتي تجمعهما في حياة مشتركة وتجعلهما ينفتحان على عطايا الرّبّ وينجبان أولادًا ويؤسّسان معهم عائلة مسيحيّة تدخل في سرّ الحبّ الإلهيّ.
مشروع الله الأصليّ هو لعيش الحبّ الكامل بين الرّجل والمرأة اللّذين يتحدّان في الله ويتكرّسان في الحبّ وفي خصب العطاء الّذي من خلاله يشتركان مع الله في عمل الخلق عبر إيلاد البنين وتربيتهم على القيم المسيحيّة والإنسانيّة. العائلة هي تحفة المجمع يقول قداسة البابا فرنسيس. والزّواج الّذي يباركه الله يرقى في الحبّ إلى سرّ الله، ويحافظ على الرّباط بين الرّجل والمرأة الّذي يولد من حبّ الله لهما، فيثبتان في المسيح ويصبحان مع أولادهما بالمعموديّة أعضاء في الكنيسة، جسد المسيح السّرّيّ الواحد. والبطريرك الحويّك كان وضع العائلة في أولويّات خدمته البطريركيّة، مشدّدًا على دورها الأساس في بناء المجتمع البشريّ. ويقول في إحدى رسائله: العائلة هي أساس العمران. وكما تكون العائلة يكون المجتمع البشريّ المؤلّف منها. ومن المقرّر بالتختبار أنّ سلامتها ونجاحها إنّما يقومان بحفظها النّظام الّذي سنّه الله الخالق منذ البدء، وكمّله يسوع المسيح بعمله وتعليمه".

وفي ختام كلمته، قال: "أيّها الأزواج، أنتم مدعوّون إلى تأدية شهادة الحبّ وتحمّل المسّؤوليّات الجسام في مواجهة التّحدّيات الّتي تهدّد وحدة العائلة وثباتها والقيم الّتي تربّي عليها وفي تربية أجيال المستقبل. أنتم مدعوّون إلى الشّهادة بأنّكم عائلات تصلّي. والعائلة الّتي تصلّي تعيش حضور الله فيها وتبقى ثابتة في إيمانها ووحدتها وتماسكها. تشاركوا في الصّلاة مع أولادكم، وتغذّوا من كلمة الله في الكتاب المقدّس ومن المناولة في الإفخارستيّا واطلبوا شفاعة العذراء مريم. فتنمو عائلاتكم في الحبّ وتتحوّل يومًا بعد يوم إلى هيكل لسكنى الرّوح القدس وتكون جماعات مقدّسة وكنائس بيتيّة. أيّتها العائلات المسيحيّة أنت مدعوّة إلى القداسة. والدّعوة إلى القداسة تنمو في العائلة الّتي تشهد في عيشها للفضائل الإلهيّة والقيم الإنجيليّة. ومعك تعمل الكنيسة على أن تصان العائلة في كلّ مقوّماتها وتحصَّن في أخلاقيّتها، فتكون النّواة الأساسيّة لإعادة بناء المجتمع والوطن الرّسالة لبنان على قيم الحرّيّة والكرامة والمحبّة والعيش الواحد في احترام التّعدّديّة. إنّها رسالة لبنان الكبير الّذي أراده البطريرك الياس الحويّك بإسم جميع اللّبنانيّين، مسيحيّين ومسلمين. وهي الرّسالة الّتي تحملها كنيستنا اليوم ويحملها شعبنا، لنبقى كبارًا في لبنان الكبير ونموذجًا لكلّ شعوب العالم".
وبعد القدّاس الإلهيّ تلقّى المكرّمون أيقونة العائلة.