الفاتيكان
25 كانون الثاني 2023, 14:20

خمسة عناصر جوهريّة للإعلان عن يسوع، ما هي؟

تيلي لوميار/ نورسات
بعد أن تناول الأسبوع الماضي قلب يسوع الرّعويّ المنفتح على الآخرين، تأمّل البابا فرنسيس اليوم خلال المقابلة العامّة، بيسوع كمعلّم للإعلان وبالعناصر الجوهريّة الأساسيّة لهذا الإعلان: الفرح والتّحرير والنّور والشّفاء والدّهشة.

وشرح البابا في هذا السّياق عن هذه العناصر الخمسة، ولفت بحسب "فاتيكان نيوز" إلى أنّ العنصر الأوّل هو "الفرح"، إذ "لا يمكن الحديث عن يسوع بدون فرح لأنّ الإيمان هو قصّة حبّ رائعة يجب تقاسمها"، و"الشّهادة ليسوع وعمل شيء من أجل الآخرين باسمه هو يعني القول إنّنا تلقّينا عطيّة عظيمة الجمال لا تكفي أيّة كلمة للتّعبير عنها". وذكّر البابا بأنّ "الإنجيل يعني البشرى السّارّة، هو إعلان، بشرى فرح"، لافتًا إلى أنّ "مسيحيًّا حزينًا يمكنه أن يتكلّم عن أشياء جميلة إلّا أنّ هذا يصبح غير مُجدٍ إن لم يكن الإعلان ينقل الفرح".

العنصر الثّاني هو "التّحرير"، "فيسوع يقول إنّه أُرسل ليعلن للمأسورين تخلية سبيلهم. وإنّ مَن يعلن الله لا يمكنه أن يقوم بضمّ بغيض أو يضغط على الآخرين بل عليه أن يخفّف عنهم، لا يفرض أحمالاً بل يعتق منها، عليه أن يحمل السّلام لا الشّعور بالذّنب". ثمّ أشار إلى أنّ "اتِّباع يسوع يعني تضحيات، وإن كان كلّ شيء جميل يتطلّب هذا فما بالنا بالحقيقة الحاسمة للحياة. إلّا أنّ مَن يشهد ليسوع يُبرز جمال الهدف أكثر من مشقّة المسيرة، وعلى كلّ إعلان بالتّالي أن ينقل التّحرير، فاليوم هناك فرح لأنّ يسوع جاء ليحرّرنا".

أمّا العنصر الثّالث فهو النّور، "فيسوع يقول إنّه أتى ليحمل للعميان عودة البصر"، و"لا يوجد في الكتاب المقدّس قبل المسيح أيّ حديث عن شفاء أعمى، فقد كان هذا علامة موعودة مع مجيء المسيح". وأوضح البابا أنّنا "لا نتحدّث هنا عن البصر بمعناه المادّيّ فقط، بل عن نور يجعل الشّخص يرى الحياة بشكل جديد". وأضاف: "هكذا قد بدأت حياتنا المسيحيّة بالمعموديّة، والّتي كانت تسمّى في البداية التّنوير. وأيّ نور يهبنا يسوع؟ إنّه نور البنوّة، فيسوع هو ابن الله الحبيب والحيّ دائمًا، ومعه نصبح نحن أيضًا أبناء الله المحبوبين دائمًا رغم أخطائنا وعيوبنا. وهكذا فالحياة ليست تقدّمًا غير مبصر نحو اللّاشيء وليست قضيّة حظّ أو شيئًا يعتمد على الصّدفة أو النّجوم ولا حتّى على الصّحّة والمال، بل على محبّة الآب الّذي يعتني بنا، بأبنائه المحبوبين. وكم هو جميل أن نتقاسم مع الآخرين هذا النّور".

والعنصر الرّابع هو "الشّفاء"، فـ"يسوع جاء ليفَرِّج عن المظلومين. وإنّ المظلوم هو مَن يشعر بشيء يسحقه، المرض، التّعب، أحمال القلب، الشّعور بالذّنب، الأخطاء، الرّذائل، الخطايا. إنّ ما يسحقنا هو ذلك الشّرّ الّذي لا يمكن أن يشفيه أيّ دواء أو علاج بشريّ، الخطيئة. والبشرى السّارّة أنّ هذا الشّرّ القديم الّذي يبدو غير قابل للهزيمة لم تعد له مع يسوع الكلمة الأخيرة، فيسوع يشفينا من الخطيئة دائمًا ومجّانًا، ويدعو جميع المرهقين والمثقلين كي يأتوا إليه. الكلمة الأخيرة هي ليد يسوع الممدودة الّتي تسير بنا إلى الأمام. إنّ مرافقة شخص إلى لقاء يسوع يعني حمله إلى طبيب القلب الّذي يُنهض الحياة مجدّدًا، أن نخبر الجميع بأنّ يسوع يعرفهم ويحبّهم. إنّ مَن يحمل أثقالاً يحتاج إلى المغفرة، ومن يؤمن بيسوع لديه هذه العطيّة ليمنحها للآخرين، قوّة مغفرة الله الّتي تحرّر النّفس من كلّ دَين. إنّ الله ينتظرنا دائمًا ليغفر لنا".

أمّا العنصر الخامس والأخير فهو "النّعمة"، وقد عاد البابا هنا إلى كلمات يسوع في المجمع حين تحدّث عن إعلانه سنة رضا عند الرّبّ. وتابع الأب الأقدس أنّ "هذا ليس يوبيلاً مبرمجًا، فيسوع هو يوبيل كلّ يوم، ومعه تأتي النّعمة الّتي تجعل الحياة الجديدة وتدهشنا. إعلان يسوع بالتّالي يجب أن يحمل دائمًا الاندهاش أمام النّعمة، فليس نحن من نصنع أمورًا عظيمة بل نعمة الرّبّ هي الّتي تفعل، من خلالنا نحن أيضًا، أشياء غير متوقّعة." وتحدّث البابا عن مفاجآت الله وقال: "إنّ الإنجيل يرافقه حسّ بالمدهش والجديد له اسم محدَّد: يسوع".

وفي ختام تعليمه الأسبوعيّ، لفت الأنظار إلى أنّ البشرى السّارّة حسب الإنجيل موجّهة إلى الفقراء، ودعا بالتّالي إلى تذكّرهم الفقراء، مشيرًا إلى إنّه "على كلّ منّا كي نستقبل الرّبّ أن يجعل نفسه فقيرًا في الدّاخل، أيّ أن يهزم أيّ ادّعاء بالاكتفاء الذّاتيّ كي ندرك كوننا في عوز إلى النّعمة، أنّنا في حاجة دائمًا إلى الله".