خاصّ- يا صبرك يا أيّوب!
أمّا أصل هذا اليوم فيعود إلى زمن غابر في تاريخ الكنيسة حين اعتاد سبعة كهنة على زيارة المرضى في منازلهم ومسحهم بالزّيت المقدّس تلبية لوصيّة القدّيس يعقوب في رسالته عن "مسحة المرضى" (يع 5: 13-18). ومع مرور الأيّام، سلك هذا التّقليد منحى جديدًا إذ أضحى المؤمنون يقصدون الكنيسة للمشاركة في الرّتبة وللتّبارك من الزّيت. ولكن ما هي رموز الزّيت وما أبعاد هذه الاحتفاليّة؟
إجابة عن هذا السّؤال، يشرح الأب ميشال عبّود الكرمليّ في حديث خاصّ لموقعنا أنّ "الزّيت يرمز في هذه الرّتبة إلى ثلاثة أمور: الأوّل هو الشّفاء دلالة على الزّيت الّذي صبّه المسيح على الجرح في مثال السّامريّ الصّالح؛ والثّاني هو النّور رمزًا إلى المصابيح والقناديل الّتي تُضاء من خلال الزّيت؛ أمّا الثّالث فهو القوّة لأنّه بالزّيت المبارك نُمنح الأسرار المقدّسة".
وعن القنديل، أوضح الأب عبّود أنّه مؤلّف من عجينة جافّة قليلة التّماسك تخترقها سبع فتائل تطوف على كمّيّة من الزّيت. هذا ولفت إلى أنّ "العجينة في القنديل تُشير إلى جسد أيّوب المريض، والزّيت إلى بحر مراحم الله، والفتائل إلى عطايا الرّوح القدس السّبعة: الحكمة والفهم والمشورة والقوّة والعلم والتّقوى والخوف".
اليوم، وفيما يتلو الكاهن على مسامعنا نحن المؤمنين نصوصًا من سفر أيّوب، نتذكّر معًا هذه الصّورة المصغّرة عن يسوع المسيح المتألّم، ونستقي من هذه الشّخصيّة أمثولة في الثّبات بالإيمان والتّغلّب على الشّيطان والحصول على الخلاص.
أمّا ما لا يعلمه الكثيرون أنّه وفي هذا الأربعاء، تتذكّر الكنيسة أيضًا خيانة يهوذا الإسخريوطيّ وتسليمه ليسوع، فيطلق عليه كذلك اسم "أربعاء يهوذا الخائن".
اليوم، فيما نبحر في أسبوع الآلام نحو القيامة، نتأمّل في أيّوب الرّازح تحت صليب الآلام والصّابر عليها، ونصلّي لتقدّس مسحة الزّيت أجسادنا وأفواهنا وعقولنا وأفعالنا، وليضيء نور الفادي مسيرتنا الخلاصيّة.