دينيّة
30 تشرين الأول 2016, 14:00

خاص - كاهن معاصر.. مشروع طوباويّ!

ابتسامته ملائكيّة، وجهه مشرقٌ صافٍ، دمعته سخيّة بمثابة أجوبة سماويّة، إنّه الرّاهب النّاسك الرّسول، حبيس حراش، ناسك دير مار أليشاع وكريّم التّين، هو حبيس الفراش بالجسد مدّة 20 سنة، تحمّل خلالها آلامه بصبر وفرح وصلاة، إنّه جبرايل ابن تنورين، إنّه الأب أنطونيوس طربيه ابن الرّهبنة المارونيّة المريميّة.

 

للتعرّف أكثر على هذا الرّاهب الّذي اشتهر بمحبّة الرّبّ وإكرام السّيّدة العذراء، قصد موقع نورنيوز الإخباري الأب فيليب الحاج الّذي عايشه وكتب سيرة حياته فأخبرنا الكثير عن شهرته الّتي سبقته مخبرة عن تقواه وثباته بمحبّة الرّبّ.

ولد هذا الكاهن الطّيّب والمحبّ عام 1911 في تنّورين من والدين فاضلين فقدهما باكرًا جدًا، وبعد وفاتهما تشرذمت العائلة وتفرّقت بسبب وفاة بعضهم وزواج وسفر بعضهم الآخر، فبقي جبرائيل مع شقيقته بطرسيّة برعاية عمّه، وعند بلوغه سنّ السّابعة عشر دخل دير سيّدة اللّويزة عام 1928 ولبس الإسكيم الرّهبانيّ عام 1930 لتبدأ رحلته مع الرّبّ برفقة مريم العذراء رفيقة دربه الّتي وإكرامًا لها كان يصوم كلّ يوم سبت طيلة حياته.

أدمن على الصّوم والصّلاة والسّجود للقربان لدرجة الانخطاف لوقت طويل، كما وعلى التّأمّل وإكرام أم الله. أحبّ التّعليم والإرشاد فأرشد راهبات دير حراش وعُرف بـ"حبيس حراش".

أمضى الأب أنطونيوس طربيه 32 سنة ناسكًا في دير مار أليشاع في وادي قاديشا حيث رمّم الدّير وكبّره، فقصده المؤمنون من كلّ حدبٍ وصوب، وعندما تدهورت صحّته نُقل إلى دار يسوع الملك في زوق مصبح للمعالجة. وبسبب الحرب عام 1990، نُقل إلى دير مار سركيس وباخوس في عشقوت وبعد انتهائها أُعيد إلى دار يسوع الملك. كان يقصده الكثير من النّاس طالبين بركته وصلاته وإرشاده فكانت وصيّته الدّائمة الشّهيرة "محبّة الله ومحبّة العذراء".

عانى من داء المفاصل المزمن ما شوّه أصابعه وصحبه آلام حادّة بالإضافة إلى الفطر المعويّ والعقور الكبيرة في جسمه فظلّ مدة 20 عامًا طريح الفراش وعديم الحركة، ويعاني صعوبة في النّطق، إلا أنّه لم يتذمّر يومًا مردّدًا على الدّوام "إرحمني يا ألله كعظيم رحمتك". توفّي في 20 حزيران 1998 ودفن في مغارة بالقرب من دير مار أليشاع القديم حيث تنسّك لمدّة 32 عامًا.

كما أخبرنا الأب مارون مدوّر الّذي عايشه أيضًا أنّ "أبونا أنطون" اختاره من بين جميع الكهنة ليعترف عنده، ولم يمضِ على كهنوته الـ5 أشهر، ولقبّه بـ"حجر الرُّحى" فتأثّر به كثيرًا وطبع حياته بالمسؤوليّة والأمانة.

بسبب الأعاجيب الّتي حصلت على يده في حياته وبعد موته وبفضل شهرة قداسته، رفعت الرّهبنة المارونيّة المريميّة في عهد الأباتي سمعان أبو عبدو دعوى تطويب كاهنها إلى المجلس البطريركيّ الّذي كان برئاسة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير فقُبلت الدّعوى وأرسلت إلى الفاتيكان.

ونحن اليوم، نلتمس بشفاعة مريم العذراء أن تكرّم- على مذابح الرّب- ذكرى الأب أنطونيوس طربيه هذا الكاهن اللّغز.