دينيّة
14 تموز 2019, 07:00

خاصّ- ذئاب أم خراف؟

غلوريا بو خليل
"إن لم تكن ذئبًا أكلتك الذّئاب.. منطق يتحكّم بخيارات العديدين، معتبرين بأنّه ليس مجرّد خيار، إنّما ضرورة للبقاء. وكأنّنا في الواقع وسط غابة حيث كلّ كائنٍ يعيش حالة قلقٍ مستمر، تشعره بأنّه معرّض لخطر الافتراس من قبل الآخرين في أيّ وقت، وبالتّالي يفضّل افتراس الآخرين بدلًا من أن يدعهم يفترسونه. إنّها حالة مذرية ولكنّها حقيقيّة.. هي صورة واقعيّة للعالم الذي نعيش فيه." إنطلاقًا من هذا المثل الشّائع نقل كاهن رعيّة مار جرجس ومار ساسين - بيت مري الخوري بيار الشّمالي الواقع الإليم الذي وصلت إليه الإنسانيّة في حديث خاصّ لموقع "نورنيوز" الإخباريّ ليسلّط الضّوء على منطق المسيح المتّسم بالحكمة في إنجيل اليوم للقدّيس متّى (10/ 16 - 25) المعنون "التّلاميذ يُضطهدون".


وأردف الخوري الشّمالي قائلًا: "يدعونا المسيح كما بالأمس، اليوم أيضًا، إلى أن نكون خرافًا مرسلين وسط الذّئاب. هو لا يدعونا لكي نلبس ثوب الحملان، بل لنكون حملانًا حقيقيّة، بشكل دائم ومستمر، في قلب هذا العالم المفترس. حملان لديها ما يكفي من الوداعة والحكمة معًا، فدعوة المسيح ليست للاستسلام، إنّما هي دعوة إلى الحياة الحقيقيّة." 


وشدّد الخوري الشّمالي على: "أنّ الحياة الحقيقيّة ليست في التّملّك، ولا في السّيطرة على الآخرين، ولا في العنف واغتصاب حقوق المحتاجين. الحياة الحقيقيّة لا يمكن أن تكون مبنيّة على الظّلم والحقد والخوف، فهذه كلّها لا يمكن أن تكون وسائل تبرّرها أيّ غاية كانت. الحياة الحقيقيّة نبلغها بالحكمة والوداعة.. هاتان الصّفتان من شأنهما أن تحقّقان فينا معنى هذه الحياة، ألّا وهو الحبّ الذي لا يتوقّف عن إعطاء ذاته وحياته، وبذل وقته وإمكانيّته في سبيل الآخرين."


وختم الخوري الشّمالي واضعًا إيّانا أمام أنفسنا متسائلًا: "أوليست هذه كلمات يسوع لنا عندما كلّمنا عن المحبّة قائلاً أنّه لا يوجد حبّ أكثر من أن يبذل الإنسان نفسه في  سبيل من يحبّهم؟ لقد بذل حياته بحكمة كاملة ووداعة لا حدّ لها على صليبٍ حوّله إلى صليب مجد. وها هو  يستمر لآخر الأيّام يعطينا جسده طعامًا، مقرّبًا ذاته عنّا. ونحن في كلّ مرّةٍ نتغذّى منّه، نسيطر أكثر فأكثر على الذّئاب التي فينا لنتحوّل بدورنا، بقدرته وعلى مثاله، إلى حملان في قلب العالم."