دينيّة
21 تشرين الأول 2018, 07:00

خاصّ- تجارة الوزنات بوّابة الملكوت

غلوريا بو خليل
إختارت الكنيسة في الأحد السّادس بعد عيد الصّليب مثل الوزنات من إنجيل متّى (25: 14- 30) الّذي يحثّنا على استثمار وزناتنا ومواهبنا بحكمة واجتهاد لعمل الرّحمة والخير بمحبّة في سبيل الآخر، ليثمر الإيمان فينا وتثمر المواهب التي أعطيت لنا والّتي سيحاسبنا عليها الرّبّ. وللتّعمّق أكثر في هذا النّصّ الإنجيليّ، كان لموقع "نورنيوز" الإخباريّ حديث مع كاهن رعيّة مار جرجس ومار ساسين - بيت مري الخوري بيار شمالي الّذي شرحه لنا قائلًا:

 

"قرأت عبارةً جميلةً لأحد القدّيسين يقول فيها: "على عكس الغنى الماديّ الذي ينقص حين نوزّعه ونتقاسمه، الغنى السّماويّ والنّعمة الإلهيّة تزداد عندما ننشرها". عبارة ذكّرتني بمثل الوزنات التي يوزّعها السّيّد على خدّامه، فنرى من راح يتاجر ويستثمر بما أعطي، ومن راح يدفن العطيّة نتيجة الخوف. من المؤكّد أنّ من أراد أن يعمل ويشهد للنّعمة التي أعطيت له مجانًا سيكون عرضةً للأخطاء والانتقادات، وهذا أمر لا بدّ منه، ولكنّها الطّريقة الوحيدة لندع نعمة الله تتفاعل فينا.

وهنا نتذكّر دعوة البابا فرنسيس للكنيسة جمعاء ولكلّ واحدٍ منّا للذّهاب إلى الأطراف، والمغامرة في حمل الرّسالة التي أوكلت إلينا حتّى ولو تعرّضنا للفشل؛ فالمحاولة هي شيء جديد، لربّما تزعجنا وتقلق راحتنا، ولكنّها ضروريّة حتّى تبلغ محبّة الله عبرنا كلّ إنسان.

وما نقوله هنا لا يتوقّف على المستوى الرّوحيّ فقط، بل يطال كلّ المستويات الاجتماعيّة والإنسانيّة الأخرى. فما الأفضل مثلاً أمام واقع النّاس المؤلم والقهر السّاكن في مجتمعاتنا، أن نكتف الأيدي وندع النّاس تتخبّط بأحزانها، أم أن نحاول أن نفعل ما قد يغيّر هذا الواقع حتّى ولو لم تكن دائمًا مبادراتنا على حجم الحاجة المطلوبة، أو حتّى ولو باءت بالفشل؟

عندما لا يستثمر الإنسان العطايا التي وهبت له مجانًا ويدفنها في عمق ذاته، تتحوّل هذه القدرة الّتي أعطيت له إلى مرضٍ خبيث يتآكله من الدّاخل، ويضيع معه كلّ معنى لحياته.

إنّ مثل الوزنات يذكّرنا أنّ خلاص الإنسان هو نتيجة النّعمة التي نتقبّلها من الله، ولكن المستثمرة والمضاعفة من قبل كلّ واحد منّا."