دينيّة
03 كانون الأول 2022, 08:00

خاصّ- "القدّيسة بربارة: السّجينة الحرّة" بقلم الأب جورج ناصيف

نورسات
لمناسبة عيد القدّيسة بربارة خصّ الرّاهب المارونيّ المريميّ الأب جورج ناصيف موقعنا بتأمّلٍ تحت عنوان "القدّيسة بربارة: السّجينة الحرّة"، فكتب:

"إنّ سيرة حياة القدّيسة بربارة، معروفة من القاصي والدّاني. وقد اعتبرتها الكنيسة من أبرز شهدائها الأوائل، لما تركته من بصمات في قلوب وعقول المسيحيّين منذ العصور الأولى حتّى يومنا هذا.

لذا لن تكون أسطري هذه، سردًا لسيرة حياتها، بل سأتوقّف عند أهم محطّة من مسيرتها؛ لنقرأ معًا ما تتركه اليوم في حياتنا الرّوحيّة من مثالٍ في الحرّيّة والتّحرّر، ولو ضمن أقفاصٍ سجننا فيها وثنيّو أيّامنا ودجّالوها.

إنّ البرج- السّجن الذي وضعها فيه أبوها نتيجة قساوته وخوفه عليها، لم تُبقه بربارة سجنًا، بل حوّلته إلى فرصة للتّأمّل والإبحار في محيط هذا الكون الواسع. ضيّق عليها مكان السّكن، لكنّه لم يتمكّن من حبس أفكارها ووثبات قلبها خارج هذا الحصن. في وحدتها لم تنغلق على نفسها داخل قصرها المزيّف، بل فتحت نوافذه وجعلته كنيسة دخل إليها الرّوح القدس، وقد آمنت بما سمعته من معلّمها المسيحيّ بأنّ "الرّوح يهبّ حيث يشاء" (يوحنّا 3/8).

لقد تحوّل سجنها في البرج إلى ما يشبه علّيّة صهيون، فحلّ عليها الرّوح، كما حلّ على الرّسل في العنصرة. خرجت وواجهت أباها والمضّطهدين بجرأة الرّسل وثباتهم. لم تخف التّهديد والوعيد، بل وقفت في وجه السّيف بحرارة الإيمان وثبات الرّجاء.

إليك يا بربارة، يا قدّيستنا الشّهيدة، نصلّي ونطلب، عندما نسجن في سجون وثنيّة عالمنا، امنحينا بصلاتك قوّة الرّوح. في المصاعب التي تحوّل حياتنا إلى أبراج وحدة وعزلة، اجعلينا نتعلّم منك كيف نفتح قلوبنا للرّوح وعيوننا لعمل الرّبّ، فلا نبقى سجناء العالم مطمورين داخل أنفسنا، بل نصبح على مثالك شهود الرّوح القدس الذي يحرّر، فنحلّق عاليًا كالنّسور من أبراجها نحو ملكوت السّماء. آمين."