لبنان
21 أيلول 2016, 09:31

خاصّ- الصّلاة من أجل السّلام.. من أسيزي إلى حريصا

تمارا شقير
تحت أقدام سيدة لبنان وفي مزار يفوح منه عطر الخشوع ويعبق فيه عبير القدّاسة اجتمع ممثلو الطوائف اللبنانيّة الـ18 مؤكدين أنّ التعايش الإسلاميّ- المسيحيّ ما زال حيًّا.

تهافت هؤلاء جميعهم إلى مزار سيدة لبنان- حريصا بالتزامن مع الإحتفال باليوم العالمي للصلاة من أجل السّلام في منطقة أسيزي الإيطاليّة الذي دعا إليه البابا فرنسيس تحت عنوان:
"متعطشون إلى السلام: أديان وثقافات في حوار". وأقيم لقاء الصّلاة بدعوة من لجنة عدالة وسلام المنبثقة عن مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليكيّة في لبنان بحضور بطريرك انطاكيا وسائر المشرق الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي.

استُهلّ اللّقاء بنشيد "طوبى للساعين إلى السّلام" تُرجم بلافتات حملها أطفال كُتب عليها شعار "طوبى لفاعلي السّلام" بلغات عديدة.

ومن ثمّ كانت الكلمة للبطريرك الرّاعي أكدّ فيها: "أننا أتينا من أجل إحلال السّلام في وطننا لبنان وفي منطقة الشرق الأوسط وفي العالم" مشيرًا إلى أنّ السّلام هبة من الله لكلّ كائن بشريّ ويشمل كلّ ما يحتاج إليه الإنسان من خير لكي يعيش في سعادة وكرامة.

من جهة أخرى، استشهد البطريرك الرّاعي برسالة القدّيس البابا يوحنا الثالث والعشرين قائلاً إنّ "السّلام يُبنى كلّ يوم على أربعة أسس: الحقيقة والعدالة والمحبّة والحريّة، فعلى هذه الأربعة ترتكز وتُنظّم العلاقات بين البشر". ولفت الرّاعي إلى أنّ "المصالحة هي من أهمّ مظاهر السّلام فهي التزام تدريجيّ تبدأ شخصيًّا مع الله والذات لتصير مصالحة اجتماعية تُصلح العلاقات مع الأخصام ".

وختم الرّاعي رافعًا الدُعاء إلى الله قائلاً: "إليك يا ربّ نُصلّي من أجل السّلام في لبنان ومن أجل المصالحة بين الأفرقاء وحلّ النزاع السياسيّ بشأن انتخاب رئيس للجمهوريّة ومن أجل ايقاف الحروب بين دولة ودولة، ومذهب ومذهب".

وبعدها ألقى قاضي الشرع السُنّي الشيخ د. محمد النقري كلمة أكدّ فيها أنّ "هذا اللّقاء الذي أسسه البابا يوحنا بولس الثاني والذي يسير على خطاه البابا فرنسيس هو نسمة خير يفوح عطرها على المؤمنين بالله جميعًا وبُستانًا تنبت من على أرضه الطيبة رايات الأمل والرّجاء".

بدوره مفتي الجعفري الشيخ أحمد عبد الأمير قبلان رفع الصّلوات طالبًا بشفاعة العذراء مريم وبركة الرّسول محمد أن يعمّ السّلام على لبنان وسوريا وكلّ بلاد الشرق الأوسط والعالم.

من ثم كانت وقفة موسيقيّة تخلّلها ترانيم كورس ثانوية البرج الدوليّة- المريجة، رفع بعدها المطران الياس الكفوري- متروبوليت صور وصيدا وتوابعهما للروم الأرثودوكس ممثلاً بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق  يوحنا العاشر دُعاءً سأل فيه الرّب أن يمنح السّلام للعالم وشعوب الأرض المظلومة والمضطهدة، فهم بحاجة إلى السّلام الإلهي ليمحو الإضطراب والقلق من أنفسهم.

بدوره المطران بسترس كيرللس- متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك ممثلاً البطريرك غريغزريوس الثالث لحام قال إنّ "الرّب يسوع المسيح طلب منّا أن نصنع السّلام لنستحق أن نُدعى أبناء الله".

وبعد أنشودة "للشرق وللبنان منصلّي للسلام"، سأل عضو المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، الرّب أن يلهمنا لإدراك معنى العيش الآمن في رحاب وطننا وأن يجعلنا وسائل لصنع السّلام.

أما عضو المجلس الإسلامي العلوي الشيخ أحمد الضايع فطلب من الله أن "يغسل قلوبنا بماء رحمته ويهبنا قوّة الإيمان وارادة الصدق والأمان والإحسان لنكون مفاتيح خير ومغاليق شرّ".

والنائب البطريركي المطران مخائيل شمعون ممثلاً البطريرك افرام الثاني للسريان الإرثوذكس رفع صلواته إلى الرّب سائلاً إيّاه أن ينر عقولنا ويرشد قلوبنا لكي نحبّ الجميع محبّة خالصة.

وبعدها وقف الجميع دقيقة صمت من أجل ضحايا الحروب، ليُرنّم مرّة جديدة كورس ثانوية البرج الدوليّة- المريجة.

بدوره المعاون البطريركي المطران باسيليوس جرجس ممثل البطريرك اغناطيوس يوسف الثالث يونان للسريان الكاثوليك أكدّ أنّ "في باب رحمة الله وحده نطمئن، وأمام وجهه نأمن، كي نوقع سوية وثيقة العهد المتجدد ونبني مستقبلاً معًا".

وقال الارشمنديت هوسيك مارديرسيان ممثل قداسة الكاثوليك آرام الأول لبيت كيليكيا للأرمن الأرثوذكس إنّ "اليوم خلال لقاءنا على نيّة السّلام نركع بكلّ خشوع وايمان واضعين قلوبنا وأرواحنا أمام ربّنا وإلهنا يسوع المسيح".

كما رفع ممثل البطريرك كريركور بدروس العشرون – كاثوليك بطريرك الأرمن الكاثوليك المونسنيور جورج يغيايان الصّلوات من أجل السّلام في العالم ومن أجل رؤساء الدول الذين بسبب مصالحهم الشّخصيّة ومصالح بلادهم يخططون للحروب والنزاعات.

وكانت بعدها أنشودة للشيخ خالد يموت ليرفع بعدها وكيل رئيس الطائفة الأشورية في لبنان الخوراسقف يترون كوليانا دعاءه طالبًا من الرّب أن يزرع فينا المحبّة والسّلام والوفاق وأن يمنحنا السّلام كلّ الأيّام.

من جهته، راعي الكنيسة الإنجيليّة المشيخيّة في الرّابية القسّ جورج مراد سأل الرّب أن "يباركنا حتى نحصد ثمر البرّ الذي زُرع في السّلام، فنحن بحاجة إلى معونته المباركة لنكُدّ ونعمل ونجتهد لنحفظ وحدانيّة الرّوح برباط السّلام".

أما الرئيس الإقليمي للرهبانيّة الكرمليّة في لبنان الأب مخول فرحا فشكر الرّب على عمل روحه القدّوس في حين النائب الأسقفي العام لأبرشيّة بيروت الكلدانيّة المونسنيور رفائيل طرابلسي أكدّ أننا متعطشون إلى السّلام الحقيقي جميعًا.

وقدّمت من ثم جوقة لبنان الأرثوذكسيّة باقة من الترانيم الدّينيّة ليلقي بعدها رئيس الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة في لبنان كلمة لفت فيها إلى أنّ الحكمة "كائنة منذ القدم لكنّها تجدد الجميع في كلّ زمان".

وراعي الأقباط الكاثوليك الأب أنطونيوس مقار ابراهيم قال "إنّنا اليوم مجتمعون معًا لنصلّي إلى إله السّلام كي يحلّ سلامه في العالم لا سيّما في البلدان المتعطشة إلى السّلام والتي تُعاني من الحروب والتهجير والدّمار".

وقبل انتهاء اللّقاء ألقى راعي أبرشيّة صور المارونيّة ورئيس اللّجنة الأسقفيّة عدالة وسلام المطران شكرالله نبيل الحاج كلمة شكر فيها ممثلي الطوائف جميعهم على حضورهم مشيرًا إلى "أننا اجتمعنا بشراكة وطنيّة حقيقيّة لأننا متعطشون إلى السّلام".

وفي نهاية اللقاء، أعلن المونسنيور ايفان سنتوس ممثل السفير البابوي غابريال كاتشيا فحوى رسالة البابا في ذكرى الإحتفال في أسيزي قبل أن يوّقع كافة ممثلو الطوائف على اتفافيّة سلام.