دينيّة
04 أيلول 2022, 07:00

خاصّ- الخوري مفوّض: بين مرتا ومريم، يسوع إله وإنسان حاضر

نورسات
"حين نتأمّل بنصّ مريم ومرتا واستضافتهما ليسوع، نشعر للوهلة الأولى بأنّنا في خضمّ منافسة بين امرأتين على كسب اهتمام رجلٍ دخل بيتهما. ولكنَّ الحقيقة تكمن ليس في الاهتمام الخارجيّ للضّيف، بل بما هو جوهريّ ونابع من القلب." بهذه المقدّمة استهلّ معاون كاهن رعيّة السّيّدة الحدث في أبرشيّة بيروت المارونيّة الخوري جورج مفوّض تأمّله لموقعنا عن نصّ إنجيل القدّيس لوقا (10/ 38 – 42) الذي يتحدّث عن مرتا ومريم في الأحد الرّابع عشر بعد عيد الصّليب.

وتابع: "إنّ أوّل ما اهتمّت به مريم هو كلام الرّبّ الخارج من فمه، وهو يعلن بشرى الخلاص وينشر الملكوت. مريم أدركت أنّ ما ستعطيه للضّيف سيكون أقلّ شأنًا وقيمةً ممّا هو سيقدّمه لها: كنز الحياة الأبديّة وينبوع الخلاص، حيث لا يعتريه سوس ولا فساد.

أمّا مرتا إمرأة الضّيافة، فظنّت أنّ إظهار الحبّ هو بالاهتمام ظاهريًّا بمن نحبّ. وهذا واقعٌ بحت على الصّعيد الإنسانيّ، ولكن على الصّعيد الإلهيّ ومع يسوع فهذا المفهوم يسقط. مرتا لن تستطيع بكلماتها – فقُل لها أن تساعدني! – أن تجذب "الكلمة" وأن توقفه عن تتميم مهامه التّبشيريّة. بل هي التي سكتت لتسمع ما يقوله لها ينبوع الحياة وهي المائتة المتحرّكة. صحيحٌ هي على قيد الحياة في الجسد ولكنّها مائتة روحيًّا. صوت المسيح ينادي اسمها، يوقظ فيها حسّ الحياة ومعنى أن يكون الإنسان حيًّا من خلال الإيمان الذي يأتي بالسّماع على حسب قول القدّيس بولس الرّسول، والاعتراف بيسوع ليس فقط صديقًا للعائلة إنّما: الإله والمخلّص.

مرتا استيقظت متأخّرة وأدركت أنّ أختها سبقتها بأشواط في تأمّل الكلمة الحيّة واستنتاج أن النّصيب الأفضل هو البقاء إلى جانب "الأفضل"، إلى جانب الحبّ الأسمى الذي أفاضَ نفسه بالكامل على خشبة الصّليب. بين مرتا ومريم، يسوع إلهٌ وإنسان حاضرٌ ليُعيد بصيرة مرتا إلى وهجها الأوّل والارتقاء من هموم الحياة اليوميّة للجلوس كأختها عند أقدام "الكلمة"."

وإختتم الخوري مفوّض تأمّله دامجًا بالتّوازي الاهتمامين لخير الإنسان فقال: "ونحن على مشارف عيد الصّليب، نتأمّل بصليب الرّبّ الممدود من الأرض إلى السّماء ويلوح أفقيًّا من اليمين إلى اليسار، كالأختين مريم ومرتا لأنّ كلتيهما مجتمعتان تمثّلان الإنسان، الإنسان الذي ينمو في قلب الله بالصّلاة والعمل. ونحن كالنّسر لا نستطيع أن نحلّق عاليًا نحو الله الخالق، إلّا إذا اتّحدنا به في الصّلاة وانجذبنا نحو إخوة يسوع الفقراء بأعمال الرّحمة والمحبّة. مع مريم نركع، نصلّي ونتأمّل، ومع مرتا نعمل كي ينهض الإنسان من عبوديّة الظّلم والأنانيّة نحو الخلاص والانفتاح على حبّ الله والآخر."