خاصّ- الخوري كرم: من معه الله معه كلّ شيء
وتابع: "نقدّم هذه السّنة الجديدة إلى الرّبّ يسوع الذي، وبأخذه إسمًا، أخذ أسماء العالم بأسره على عاتقه.
واليوم، تضع الكنيسة نصّ لوقا الإنجيليّ (2: 21) الذي يتمحور حول هذا الإسم العظيم؛ "يسوع المسيح" وإنّها بمثابة دعوة لكلّ شخص منّا كي يجعل هذه السّنة خاضعة لهذا الإسم الإلهيّ الذي يحمل قوّة إلهيّة داعمة لرسالة قداستنا.
نستشفّ من خلال هذا النّصّ كم أنّ العائلة المقدّسة كانت طائعة للشّريعة. لقد كان للختان محتوى لاهوتيّ عميق ومعنى جوهريّ ولم يكن يتمّ لمجرّد التّطهير. وبهذا المعنى هو يختلف عن الختان عند الشّعوب الأخرى كالمصريّين وغيرهم. يقول القدّيس أبيفانيوس القبرصيّ إنّ الشّعوب الأخرى عرفت الختان، كالوثنيّين وكهنة المصريّين وشعوب أخرى، لكنّ أغلبهم لم يختتنوا لناموس الله بل لعادات "غير عاقلة".
يُختن كلّ طفل ذَكَرٍ في اليوم الثّامن لمولده، ويُسمّى باسمه في ذلك اليوم أيضًا (الأحبار 12: 3 .(وكان الختان علامة الدّخول في عهد مقدّس مع الله وبداية دخول في عضويّة الجماعة المقدّسة (التّكوين 17: 9-14). لذلك تَقدَّم يسوع ليتمِّم الشّريعة. والمسيح أتى خاضعًا للشّريعة، إذ هو وحده لم يخالفْها "فلَمَّا تَمَّ الزَّمان، أَرسَلَ اللهُ ابنَه مَولودًا لامرَأَةٍ، مَولودًا في حُكْمِ الشَّريعةْ لِيَفتَدِيَ الَّذينَ هم في حُكْمِ الشَّريعة، فنَحْظى بِالتَّبَنِّي" (غلاطية 4:4-5). ويُعلّق القدّيس أمبروسيوس "خُتن الطّفل الذي تكلَّم عنه أشعيا: "لأنّه قد وُلدَ لَنا وَلَدٌ وأُعطِيَ لَنا آبنٌ" (أشعيا 9: 5)، وقد صار تحت النّاموس ليُعتق الذين تحت النّاموس (1 قورنتس 9: 5)".
فأيضًا نحن بدورنا اليوم علينا أن نحيا تحت نظر الرّبّ لكي نواصل مسيرتنا بفرحٍ ورجاء رغم كلّ الصّعوبات الآنيّة التي تجتاحنا في عالمنا المرير والمظلم.
نضع أمامكم بعض المراجع البيبليّة التي تؤكد وتثبت لنا مدى فعاليّة هذا الإسم الذي به نحيا ونتحرّك ونوجد ونخلّص.
متّى 1/21 "وستلد ابنًا فسمّه يسوع، لأنّه هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم": اذا الإسم هو مبدأ حياة وخلاص حسب قول الملاك إلى أمّنا مريم "لأنّه يخلّص شعبه".
إنّ اسمه في العبرية יֵשׁוּעַ (معناه الله يخلّص) يشير إلى دوره وعمله الشّموليّ وليس الفئويّ. إنّه الـ"كلّ"، جاء من أجل الـ"كلّ". في البداية ظهر يسوع وكأنّه لم يُرسل سوى إلى الخراف الضّالّة من بيت إسرائيل (مرقس7: 25) ويطلب من رسله أن يسيروا على خطاه (متّى 10: 6). ولكن بعد ذلك، وبشكل تدريجيّ، يعبر خلاصه كلّ الحدود، وبعد قيامته يُرسل تلاميذه إلى جميع الشّعوب (متّى 28: 19: 20)؛ وفي نهاية سفر أعمال الرّسل، كانت كلمات بولس ليهود روما بمثابة صدى لكلمات سمعان الشّيخ تلك: "فاعلَموا إِذًا أَنَّ خَلاصَ اللهِ هذا أَرسِلَ إِلى الوَثَنِيِّين وَهُم سيَستَمِعونَ إِلَيه."(أعمال الرّسل 28: 28).
يكشف لنا الكتاب المقدّس أنّ هذا الإسم هو المبدأ والنّهاية الألف والياء وهو بذاته وعد تلاميذه في متّى ٢٨ "وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ."
وإختتم الخوري كرم بعبرة للعيش متأمّلًا: "نحن نسمّى مسيحيّين، هذا اسم شريف اسم مبارك، اسم يعطينا أيضًا النّعمة لكي نكون في عداد شعب الله، فهل نستحقّ هذا الإسم المبارك؟ أتانا الخلاص فلم لا نسرع كالرّعيان إلى المزود الإلهيّ ونعاين من أتى من السّماوات، ونشاهد الخالق الذي أصبح إنسانًا لأجلنا؟
أتانا الخلاص فلنتبع نجمه مثل المجوس ولا نخاف عتمة اللّيل لأنّ النّور معنا ويسير دومًا أمامنا. في الماضي غمامة من نور ونار سارت مع الشّعب العبرانيّ لتنير طريقهم وتفصل بينهم وبين جيش فرعون، والنّجم سار مع المجوس وروى عطشهم بإرشادهم إلى البيت حيث الطّفل وأمّه وفصل بينهم وبين هيرودس وشرّه. فتعالوا نحظو حظوهم وندخل بيتنا الأبويّ، ولا نخشى لا هيرودس هذا الزّمان ولا مشقّة السّفر، لأنّ الله معنا، "وبه أيضًا ختنّا ختانًا غير مصنوع بيد، ختنّا بخلع جسم خطايانا بختان المسيح، مدفونين معه في المعموديّة التي فيها قمنا أيضًا معه" (كول 11:2 – 12).
إخوتي، الله معنا في هذه الأزمات ومن معه الله هو في نشوة الفرح والبهجة، وبه نحن نستطيع أن نتخطّى كلّ الأزمات، فمن معه الله من عليه، فمن معه الله معه كلّ شيء. لذلك أنا المسيحيّ المعمّد عليّ أن استعمل هذا الإسم في كلّ محنة كي يتمّم أعمال الشّفاء وخدمة المحبّة، لأنّنا عندما نذكر اسمه نختبر حضوره في وسطنا. في هذا الزّمن المجيد علينا أن نحيا باستمرار بحسب هذا الإسم "عمانوئيل" أيّ الله معنا. فالمؤمن المسيحيّ هو الذي يعيش بمعيّة هذا الإسم ويؤمن أنّ الله حاضر دائمًا معنا وليس فقط حضور أو ظهور تاريخيّ من الماضي لا بل هو الآن حاضر معنا وفي وسطنا. آمين".