دينيّة
18 نيسان 2022, 07:00

خاصّ- الخوري الحاج: يا ربّ، لتكن قيامتكَ قيامتنا!

نورسات
"المسيح قام، حقًّا قام!" والنّور تجلّى، وطأنا به ومعه الموت، وإلى حياة جديدة عبرنا! إنّه إثنين الحواريّين، إنّه إثنين القيامة. وللغوص في المعنى اللّيتورجيّ لهذا اليوم المبارك وللتّعمّق في أبعاده، خصّ خادم رعيّة سهيلة الخوري ميشال الحاج موقعنا بتأمّل فكتب شارحًا:

"أتوجّه إليكم اليوم في أجواء هذا الفرح العظيم، فرح صادر عن سرّ مهيب، يشكّل قلب وجوهر إيماننا ورجائنا المسيحيّ، "فلو أنّ المسيح لم يقم، لكان إيماننا باطلاً" (1قورنتوس 14:15).

أيّها الأحبّاء! إحتفلنا البارحة بذكرى قيامة المسيح من بين الأموات. واليوم هو إثنين الفصح وبداية أسبوع الحواريّين. تعود هذه التّسمية نسبة للملائكة المتحلّين باللّباس الأبيض والذي يتكلّم عنهم الإنجيل بأنّهم الذين بشّروا بقيامة الرّبّ يسوع من بين الأموات. كما وأيضًا تُطلق هذه التّسمية على المعمّدين الجدد الذين تعمّدوا ليلة الحواريّين، إثنين القيامة وسبت النّور."

عيد القيامة يا أحبّائي أو عيد الفصح هو انتقال من ظلام القبر إلى ضياء الملكوت. هو العبور من منطق العبوديّة والخوف إلى منطق المحبّة والنّعمة. فقيامة المسيح هو سلام للنّفوس الخائفة. وهذا العبور تمّ بثمن باهظ جدًّا وهو دم سيّدنا يسوع المسيح ليخـلّصنا من براثن الخطيئة والشّرّ، ليقيمنا لحياة جديدة تحكمها المحبّة وثمار الرّوح.

نعم إخوتي، يسوع إله المحبّة علّمنا بموته على الصّليب أنّه لا بدّ للنّاس من أن يتخلّوا عن أنانيّتهم، ويصلبوا أهواءهم وشهواتهم، ليصلوا إلى القيامة ويعيشوا مع بعض بسلام. لأنّ الرّبّ بموته افتدى الجميع وبقيامته فتح لنا أبواب الملكوت، وجعلنا أبناء للقيامة والنّور إن مشينا طريقه باختيارنا. فنحن أبناء الله.

قام المسيح ليقول لكلّ منّا: من بعد الصّليب قيامة ومن بعد الشّدّة بصيص نور، نحن نفخر بصليبه لأنّ منه بشائر القيامة. نعم أحبّائي، قيامة المسيح من الموت هي ضمانة قيامة القلوب من موت الخطيئة والشّرّ. المسيح حيّ حاضر في الكنيسة، وفاعلٌ في العالم حتّى نهاية الأزمنة "وهاءنذا معكم طوال الأيّام إلى نهاية العالم" (متّى 28: 20). حاضر وفاعل بكلامه الحيّ، وبجسده ودمه في سرّ القربان، وبنعمة الأسرار، وبروحه الحيّ القدّوس الذي يحقّق في المؤمنين ثمار الفداء والخلاص. ولكن ما يحزننا أن عيد القيامة يحلّ وفي القلب غصّة، غصّة لأنّ السّلام ما زال بعيدًا عن القلوب وعن بقاع الأرض، وما زلنا نعاني الأحقاد والانقسامات، ونشهد الحروب والقتل والتّهجير والجوع والعنف وانتهاك الحرّيّات والكرامات. ما زال الإنسان متعطّشًا إلى الدّم، لاهثًا وراء المال والسّلطة، دائسًا على جسد أخيه وعلى كرامته. ما زالت المصالح تتلاعب بالبشر، والحقد يسيّرهم، والكبرياء يقودهم."

وإختتم الخوري الحاج تأمّله مصلّيًا مناجيًا: "في هذا اليوم المبارك نسأل ربّنا النّاهض من القبر أن يقيم الجميع من أخطائهم ومن السّقطات، من الأنانيّة ومن الجشع، من الحقد ومن الظّلم ومن العداوة، إلى المحبّة والحياة، إلى النّور والانفتاح والعطاء. كما نسأله أن يحفظ وطننا وأبناءه، ويبسط سلامه في قلوبنا وفي وطننا وفي العالم أجمع. يا ربّ، لتكن قيامتكَ قيامتنا! ليكنْ فصحكَ نورًا يشرق مشعًّا على هذه الأرض المنهكة بالانقسامات وبالعنف وبالأحقاد. ليفض روحك كنار متأجّجة تغمر قلوبنا، ويفتح عيون الإيمان فينا، ويجعل منّا شهودًا لقيامتك المجيدة. حفظكم الرّبّ الإله النّاهض من القبر وأعاد عليكم هذا العيد المبارك بالصّحّة والخير والسّلام المسيح قام، حقًّا قام!."