خاصّ- الأب ميشال عبّود الكرمليّ: في عيد دخول يسوع إلى الهيكل.. طاعة ونور
اليوم، تُبارك الشّموع في كنائسنا وتؤخذ بركة إلى بيوتنا وتُضاء فيها، في دلالة إلى يسوع "نور العالم".
يعود هذا التّقليد في جذوره إلى لقاء سمعان الشّيخ بيسوع المسيح في ذاك اليوم. فبعد أن أوحى الرّوح القدس لسمعان أنّه لن يموت قبل معاينة المسيح، قصد الهيكل بانتظار اللّقاء المبارك. ولمّا دخل الوالدان إلى الهيكل، حمل سمعان يسوع على ذراعيه، بحضور حنّة النّبيّة وبارك الله وقال نشيده الشّهير: "والآن تطلق، يا سيّد، عبدك بسلام وفقًا لقولك. فقد رأت عيناي خلاصك الّذي أعددته في سبيل الشّعوب كلّها نورًا يتجلّى للوثنيّين ومجدًا لشعبك إسرائيل" (لو 2/ 29- 32). سمعان بمقولته يؤكّد أنّ "يسوع هو النّور الّذي ضحّى بذاته كي نعيش نحن وننال الخلاص، وهو ما نراه في الشّمعة من خلال نورها وذوبانها".
اليوم وبحسب الطّقوس مختلفة، تُبارَك الشّموع ويطلب الكاهن أن ينير الله بنور بركاته السّماويّة الشّموع "ليكون مستنيرًا بقُبُولنا إيّاه، حتّى إذا ما قرَّبناهُ إليك نُصبح مضطرمين بنار محبّتك العذبة" بحسب طقس الكنيسة المارونيّة.
وعادة ما تكون هذه الشّموع عسليّة اللّون دلالة على أنّ العسل من الطّبيعة وليست فيه أيّ مواد اصطناعيّة لأنّ النّحل لا يأكل إلّا من الطّبيعة. وبعد البركة، يأخذ المؤمنون الشّمع إلى بيوتهم فيحملون نور المسيح إليها، ويضيئونها بخاصّة في الأزمات والمرض طالبين أن يُذيب الله ضيقتهم فينقشع نوره الإلهيّ الّذي لا ينطفئ.
اليوم، هو أيضًا عيد المكرّسين يقول الأب عبّود، "لأنّ الإنسان تكرّس كلّيًّا للرّبّ على مثال يسوع الّذي قُدّم كلّيًّا للرّبّ، فالمكرّس هو ذلك الشّخص الّذي عرف أن يقدّم نفسه قربانًا على مذبح الرّبّ على مثال يسوع". وحلّ هذا العيد عيدًا سنويًّا يتزامن مع عيد دخول يسوع إلى الهيكل، بعد أن أعلنه البابا يوحنّا بولس الثّاني سنة 1997، يومًا عالميًّا للحياة المكرّسة.
وللمناسبة يتوجّه الرّاهب الكرمليّ إلى المكرّسين بدعوة إلى عدم النّسيان أنّهم "وقف الله"، "والوقف يجب ألّا يُستعمل إلّا في أمور تخصّ الله وحده، ونحن يجب أن نكون مكرّسين كلّيًّا لله في أقوالنا وأفعالنا وشهادة حياتنا وأحلامنا ومستقبلنا... فنرجو كلّ ما يرجوه الله ويكون لنا فكر المسيح".
اليوم، في عيد دخول يسوع إلى الهيكل، وعلى عتبة زمن الصّوم، دعوة عن لسان كاهننا إلى العودة إلى الذّات، وإلى اكتشاف الله الّذي يسكن فينا فنسعى إلى الابتعاد عن كلّ ما يبعدنا عن الله.
اليوم، في هذا العيد المبارك، نردّد مع كنيسة الرّوم الأرثوذكس طروباريّة العيد ونختم قائلين: "إفرحي يا والدة الإله العذراء الممتلئة نعمةً، لأنّه منك أشرقَ شمسُ العدل المسيح إلهنا، منيرًا الّذين في الظّلام. سُرَّ وابتهج أنت أيّها الشّيخ الصّدِّيق، حاملاً على ذراعيكَ المعتق نفوسنا، والمانح لنا القيامة".