دينيّة
27 شباط 2022, 08:00

خاصّ–الأب كرم: يسوع يحوّل الفراغ إلى ملء ويحوّل الأزمات إلى بركات

نورسات
"في بدء زمن الصّوم نقرأ نصّ عرس قانا في إنجيل القدّيس يوحنّا (2 :1-11)، لنكتشف أنّ مسيرة الصّوم نبدأها بفرح العرس، عرس البشر، ونختتمها بصلب يسوع في افتدائه للبشر بدم الحمل الذّبيح، أيّ عرس السّماء. وذلك في تقدمة دمه، الخمرة الجيّدة، الكرمة التي عصرت على قمّة الصّليب، والتّي تنعش الفرح المسيحانيّ." بهذه الكلمات الرّوحيّة العميقة استهلّ كاهن رعيّة بشلّلي في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم حديثه لموقعنا لنخطو معًا خطواتنا الأولى في مسيرة الصّوم الكبير نحو درب القيامة.

 

وأكمل متأمّلًا ساردًا خمس مشاهد:

"1- المشهد الأوّل: يسوع وأمّه "ولمّا فرغت الخمر، قالت أمّ يسوع له: "ليس لهم خمرٌ".قال لها يسوع: "ما لي ولك يا امرأة؟ لم تأت ساعتي بعد" (يوحنّا 2: 3- 4)، نقص الخمرة هو نقطة الانطلاق في هذا النّصّ. مريم في انتباهها وحضورها الواعي، اكتشفت نفاذ الخمرة وأخذت المبادرة في مداخلتها، فقد كانت مهّمة رئيس المتّكإ أن ينتبه لهذه التّفاصيل ويزوّد المائدة بالخمر. حصل حوار بين مريم ويسوع، وإن تأمّلنا بجواب يسوع "ما لي ولك يا إمرأة"، نكتشف حنان يسوع وعاطفته، إذ هو يريد أن يبعد مريم من علاقتها الجسديّة كأمّ له إلى حالة جديدة، أيّ كتلميذة له. كما قال يسوع "إنّ ساعتي لم تأت بعد" فذلك يدلّ على أنّ اجتراح هذه الآية الأولى سيكون استباقًا وترّقّبًا وإعلانًا لساعة الفداء التّي ستحصل بذبيحة الصّليب، فلا أحد يمكنه أن يحدّد هذه السّاعة، فقط الآب ويسوع في طاعته له حتّى موته على الصّليب.

2- المشهد الثّاني: في كلمة مريم للتّلاميذ (يوحنّا2 :5-6) " إفعلوا ما يقوله لكم"، نتأكّد بأنّ مريم قد تخطّت العتبة في علاقتها مع ابنها كما أراد، عبرت من علاقتها الجسديّة إلى أوّل رسول من رسل الرّبّ.

3- المشهد الثّالث: يسوع والخدّام "قال لهم يسوع: "املأوا الأجران ماءً". فملأوها إلى فوق. ثمّ قال لهم: "استقوا الآن وقدّموا إلى رئيس المتّكإ. فقدّموا." (يوحنّا 2: 7-8)، إنّها العلامة أو الآية الّتي تحتّل المكان الأساسيّ في النّصّ. نرى مأموريّة يسوع والتّنفيذ... ""إملأوا الأجاجين ماءً... ثمّ قدّموا إلى رئيس المتّكإ". فقدّموا." إنّه وقت تتميم معجزات الله. يسوع يحوّل الفراغ إلى ملء ويحوّل الأزمات إلى بركات.

4-المشهد الرّابع: رئيس المتكإ والخدّام "ثمّ قال لهم: "إستقوا الآن وقدّموا إلى رئيس المتّكإ". فقدّموا. فلمّا ذاق رئيس المتّكإ الماء المتحوّل خمرًا، ولم يكن يعلم من أين هي، لكنّ الخدّام الّذين كانوا قد استقوا الماء علموا، دعا رئيس المتّكإ العريس" (يوحنّا 2 :8 -9)، إنّه وقت العجب والاستفسار. رئيس المتّكإ لا يدري أيّ شيء ممّا قد جعل هذه اللّحظة، الخدّام يمثّلون المؤمنين الذين يطيعون الكلمة.

5-المشهد الخامس: رئيس المتّكإ والعريس "فلمّا ذاق رئيس المتّكإ الماء المتحوّل خمرًا، ولم يكن يعلم من أين هي، لكنّ الخدّام الّذين كانوا قد استقوا الماء علموا، دعا رئيس المتّكإ العريس وقال له: "كلّ إنسانٍ إنّما يضع الخمرة الجيّدة أوّلًا، ومتى سكروا فحينئذٍ الدّون. أمّا أنت فقد أبقيت الخمر الجيّدة إلى الآن!". (يوحنّا 2 : 9-10)، تعجّب واستفسار وجهل رئيس المتكإ بأنّ أحدًا قد استبدل مكانه كرئيس المتّكإ، إنّه يجهل أيضًا أنّ العريس الحقيقيّ هو يسوع، فهو يقدّم الخمرة الجديدة ويملأ فراغات قلوبنا بخمرة الرّوح القدس."

وإستخلص مشدّدًا: "قيمة هذه الآية هي إعلان مجد يسوع وإيمان التّلاميذ. يسوع يظهر كيوسف الجديد الذي رفع الشّعب من الضّيق إذّ أمّن له الغذاء. يسوع في أزمنة مسيحانيّة جديدة يجترح المعجزات لكي يروي العطش ويمنح الشّبع ويملأ فراغات حياتنا بحبّه."

وإختتم الخوري كرم متسائلًا: "هل اختبرت لمسة كلمة الرّبّ في حياتك كما لمس الأجاجين فأعطت الخصوبة والبركة؟ هل تؤمن أنّك في وقت الضّيق والأزمات، مريم تراقب وتتشفّع وصلاتها تحرّك قلب الرّبّ؟"