حفل تكريميّ ونصب تذكاريّ للشّاعر الراحل جوزف حرب في بلدته المعمريّة وكتاب يوثّق مسيرته
إفتتح الاحتفال بإزاحة الستارة عن التمثال الذي تمّ إنجازه بمبادرة من السيدين كابي وكميل كرم ونفّذه النحّات بيار كرم، ثم انتقل الجميع إلى قاعة مسرح ثانوية راهبات الوردية في البلدة، حيث أقيم الإحتفال التكريمي للشاعر الراحل بحضور النواب علي عسيران، ميشال موسى، أسامة سعد وغادة أيوب، أمين سر محافظة لبنان الجنوبي نقولا بوضاهر وشخصيات وفاعليات وعائلة الراحل.
إستهل الاحتفال بالنشيد الوطني، ثم جرى عرض شريط وثائقي مصور عن الشاعر حرب. وبعد كلمة ترحيب من عرّيفة الحفل الإعلامية جويل مارون، تحدثت رئيسة المدرسة الأخت جنفياف طيار، فاعتبرت أن "العناية الإلهية ، شاءت أن يكون تكريم الشاعر جوزف حرب في هذا الصرح التربوي في بلدة المعمرية حيث نهل أحفاده العلم واختزنوا من معينه الثقافة، وها هو اليوم يستضيف إحياء ذكرى الشاعر الراحل جوزف حرب وتكريم من جسد مثال الإنسان المحب المتعلق بقضايا الإنسانية والوطن وبجمال الفن والإبداع. نعم فهذا ليس حدثًا عاديًا بل هو استثنائي بكل المعايير . نعم استثنائي في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والكتابة الرقمية، اذ نجتمع لنحتفل بتوقيع كتاب ورقي"، مهنئةً الأب الدكتور ميخائيل قنبر على اصدار كتاب تكريمي للشاعر الراحل.
كرم
وكانت كلمة لرئيس "نادي الفرقد الثقافي الرياضي- المعمرية" المهندس كميل كرم قال فيها: "سنوات عشر مضت على غياب أكثر شعراء لبنان رقة وشفافية. ابداع نرفع له راية الفخر مع شاعر أغنى المكتبات بأعماله الفكرية والنثرية ودواوينه وقصائده التي غناها ولحنها له الكبار في عالم الغناء المحلي والعربي". وأعرب عن "الشكر والتقدير لعمله الدؤوب الذي جبل ترابًا بعطائه اللامحدود لصمود النادي وتضحياته من اجل استمراريته"، وختم: "ستبقى مثالًا لنا وقدوة في المثابرة للإستمرار في توسيع النادي وتطويره".
العمار
وألقى المطران العمار كلمة استعاد فيها مراحل معرفته بالراحل، وقال: "وبعد قراءتي لكتاب "جوزف حرب، سمفونية فصول، عرفت أكثر كم كان حوزف حرب شاعرًا ملهمًا وأديبًا فذًا وفيلسوفًا فريدًا. وها هو أخي ورفيقي وصديقي الخوري ميشال يضع هذا الكتاب بروح شاعرية ولغة أنيقة وسمفونية رمزية تحاكي أدب وشعر "جاره العزيز"، وذلك ليرد جميلًا صغيرًا لذلك العبقري الشامخ القامة، صاحب القلب المفتوح على اللامحدود. فالخوري ميشال هو من مقلع جوزف حرب لأنهما تنشقا نفس الهواء وشربا من ذات المياه وكحلا عينيهما بذات الطبيعة وحاول كل منهما باختصاصه أن يعبر عن تعلقه بالإنسان والطبيعة هامسًا حبه مع زقزقات الطيور ومستنشقا الجمال من عبير الرياحين . لقد ابدعت أيها العزيز الخوري ميشال وسوف تكون مرجعا لكل من أراد أن يدرس أدب جوزف حرب الشاعر والإنسان والفيلسوف حياك الله . وختم العمار بتوجيه التحية لجميع المشاركين في هذا التكريم وكل من ساهم بنجاحه وإنجاز الكتاب وتقديم التمثال النصفي للشاعر المكرم".
عازار
وكانت كلمة للأب الأستاذ بطرس عازار نقل فيها إلى منظمي الحفل والحضور "تحيات الرهبانية الأنطونية واسرة دير مار انطونيوس- المعهد الأنطوني لتكريمهم خريج المعهد الشاعر جوزف حرب الذي كانت أولى ابداعاته الشعرية في أوائل الستينيات وحيث انهى دروسه الثانوية متنشئأ على حب الوطن لبنان والإنسان، واستكمل هذا الحب لاحقًا بالنضال أيضًا من أجل قضايا العالم العربي العادلة والشهادة للحق الذي يحرر، وما زالت قصائده وكلماته وترانيمه تحملنا إلى عالم الجمال والإبداع وتشدنا إلى المراقي"، منوهًا بكتاب الأب ميشال قنبر " جوزف حرب سمفونية فصول" وآملًا أن "يريح هذا الكتاب فكرنا في زمن الاشاعات والثرثرات والتشويش وان يؤنس حياتنا في زمن القلق والفوضى المتنوعة الوجوه التي تضرب قيمنا وان يعزز انتماءنا إلى وطن هو رسالة في زمن المؤامرات عليه وعلى تاريخه وجغرافيته وخصوصيته بأن يكون وطن العيش معًا ووطن الحرية".
نزّال
وألقى الأمين العام لإتحاد الكتّاب اللبنانيين الدكتور أحمد نزال كلمة اعتبر فيها أن جوزف حرب هو "أيقونة الشعر الملتزم"، وقال: "هذا الشعر، الذي ورثْنا صياغاته، وجدّدنا في مضامينه وأشكاله، فحملناه من لبنان إلى العالم، إشراقات تضيء سماء الكلمة الراقية. هذا الشعر، الذي ما زال له في وطننا، مبدعون يكرمون فيه وفي البلاد العربية، نحتفل اليوم بكبير منهم، الشاعر الأستاذ جوزيف حرب.. نعم، ما زالت الثقافة، في فنونها المتنوّعة، وجهًا إنسانيًا، ووطنيًا منيرًا، لن تغلبه الماديّات على اختلافها أو حداثتها، فنحن في هذه البقعة من العالم، ما زلنا ننعم، والحمد لله ، بقلب شاعر، وعقل منفتح على العلم معًا، وما زلنا نحفظ للّغة العربية الجميلة، مكانها ومكانتها".
عباس
وتحدّث رئيس الحركة الثقافية في لبنان الشاعر الأستاذ باسم عباس فاعتبر أن "جوزف حرب صاحب القامة الوطنية أبى أن يمضي قبل أن يبلسم الجراح المزمنة، وقبل أن تنزل الشمس لتستحم في الخردلي والوزاني والدردارة، وقبل أن تغني الطيور في فضاء الجنوب أجمل أغنيات الحرية". وقال: "نراك في عيون الأقلام وفي أرواح الدفاتر والكتب علامة استفهام عن مصير هذا الوطن، وعلامة تعجّب من واقع هذه الأمة وفاصلة بين جملتين حائرتين، ونرفض نرفض أن نراك نقطة في آخر السطر، لكأن الأزهار والسواقي والعصافير لم تكن لتكفي لصناعة الربيع، فراح جوزف حرب يضيف اليها أزاهير روحه، وباقات فرحه، ومشاتل حنانه ليكتمل ربيعان: ربيع الطبيعة وربيع العمر الإبداعي الجميل".
يونس
وكانت تحيّة خاصّة من الشاعر الأستاذ حبيب يونس للراحل جوزف حرب مخاطبًا إيّاه: "ها أنت تعودُ اليوم، بنفسجةً مكرَّمةً في المعمريَّة، وسطَ لُمَّةٍ من أهلٍ وقادرين ومحبين، تضوع عطرًا وشعرًا ورقَّة، خفيفَ الحضور، كثيفَه.. برحيلِك، جَعَلْتَني أدركُ ما معنى عنوانِ ديوانك "كلُّك عندي إِلَّا أنت". ما غاب حبرُك، ولا التماعُ عينيك، ولا نداوةُ صوتك، ولا روحُك الأنيق، ولا سنبلةُ قامتِك... ولا عبارةُ وَداعٍ تختِم بها كلَّ لقاء بمن تحبُّ.. غاب جسدُك، فحسب، فبقيتَ كلَّك عندي إلَّا أنت.. كم كنتَ جميلًا يا جوزف، وسط غابةِ البشاعةِ والحسد الَّتي تُسمَّى "مجتمعًا ثقافيًّا"، هال أقلامًا فيها أن تكونَ الأعلى والأشملَ والأكثفَ والأرقَّ والأحلى والأرقى والأنبلَ، فأطلَقَتِ العِنان لفحمٍ حاقدٍ عليك لم يستطع أن يتناولَ منك حتَّى غُبارًا متساقطًا عن غصنِ شجرتِك العالية، أو من أوراقِك القديمة. أو َتسألُ بعدُ عن وجعِ الوطن، يا جوزف، ولماذا تطفو على صفحةِ مائِه كلُّ هذه الطَّحالب؟ هي هذه "الأقلام" عِلَّتُه ووجهُه المقيت، ولا خلاصَ له إلَّا بأنْ تخجلَ من نفسِها وتنسحبَ إلى الحقيقة، وتحبَّ... فحسب. وختم يونس كلمته بقصيدة بعنوان " نبيّ من بني الشعر " أهداها للشاعر الراحل.
غنيمة
وتحدّث الشاعر الأستاذ جورج غنيمة عن جوزف حرب "مفكرًا ومثقفًا وشاعرًا تتخذ قسمات صورته سمات الرؤيوي الإنقلابي اطارا لها ومرايا معاكسًا ومتعاكسًا فيها مع نظام النمطية الجامدة المتضمنة لغة وبنية واساليب كلام". ورأى أن جوزف حرب "اختار جلجلة الصعود إلى مدارات لغة شاهقة ذات ارتقاء بلاهويتها الشعرية، وتخومها الأرض بنارها ورمادها ووردها، السماء بمدعها ومراياها اللازوردية، البحر بأناشيده ومنشوراته المتوعدة بصوت زبده، الغمام بأجراسه البيضاء ونواقيسه الخضراء"، وختم: "جوزف حرب انت احدى علامات الأزمنة الفارقة في هذا العصر" .
ناصر الدين
وألقى الأديب الدكتور سلطان ناصر الدين كلمة أعلن فيها عن أربع مبادرات بإسم" دار البنان" التي أنتجت كتاب "جوزف حرب سمفونية فصول" بحلة تليق بجوزف حرب وبكاتب السيرة الأب ميشال قنمبر:
المبادرة الأولى: نظرًا للأفكار النفيسة في كلمات جوزف حرب التي ألقاها في مناسبات كثيرة ، تطلق "دار البنان" مبادرة جمع الكلمات في كتاب.
المبادرة الثانية : أطلق "نادي الفرقد – المعمرية " مبادرة إنشاء مكتبة باسم جوزف حرب في المعمرية. و"دار البنان" تبادر بتقديم ألف كتاب لتكون نواة مكتبة جوزف حرب.
المبادرة الثالثة : تقديرًا للشاعر جوزف حرب "صاحب الحسين(ع)" ، تطلق الدار مبادرة طباعة "بكائية رأس الحسين" طباعة أنيقة. هذه البكائية هي الكلمة التي ألقاها جوزف حرب في الكلية العاملية في بيروت في العاشر من محرم من عام 1420 هـ.
المبادرة الرابعة: تطلق دار البنان جائزة سنوية تحمل اسم " جائزة جوزف حرب للإبداع " تمنح لشاعر أو لكاتب أو لباحث أو لملحن قصيدة من قصائد جوزف حرب.
وختم ناصر الدين: "جوزف حرب، زرعه طيب، والزرع الطيب يزكو وينمو".
قنبر
وكانت كلمة للأب الدكتور ميخائيل قنبر حول كتابه "جوزف حرب سمفونية فصول" استهلها بشكر كل من أسهم في انجاز هذا الكتاب، وقال: "مع توزيع دواوين الأستاذ جوزف بين مكتبتي والمكتب، وتشنيف سمعي بكلمات الأغاني وصورها البلاغية وقوافيها وعبرها، بدأت تترسم أمام ناظري صورة سيرة الراحل النهائية. فكما قلت في المقدمة: "لن يكون كتاب "جوزف حرب سمفونية فصول" كباقي كتب السير، لأن عمر حوزف لم يكن كباقي الأعمار، فهو ليس خاضعًا لمعايير السنة الشمسية بل لتلك الكونية". وبالتالي يبقى عمر جوزف حرب "سنة" ضوئية كانت أم كونية، ولأنه "سنة" فهو يتألف من أربعة فصول استعملتها لتدبيج مؤلفي، تمامًا كالسمفونية التي تتألف عادة من اربع حركات نغمية".
عائلة الشاعر الراحل
كلمة عائلة الشاعر الراحل جوزف حرب القتها ابنة شقيقه سوميا جاك حرب فقالت: "نحن في حضرة شاعر يقيم الآن بيننا ولو بسحر أدبه، غزا العقول بأدبه، وبكت المطابع لغيابه. سحرته الكلمة فاصبح ساحرها وانقلب السحر على الساحر .. فصاغ بها إسوارة العروس وتاجًا للجنوب، واكليل غار لبيروت. نجتمع اليوم في ذكرى الذي جعل من الغروب شموسًا ومن عندلة البلابل صلوات وطقوسًا ، لا أجمل منها ولا أبهى وأنتم بكل هذا أعلم مني وادرى . عمي أنت قلت : يا رب نج قصائدي بعد الغياب من التراب .وانا أقول لك : من له هذا الجمهور من الأحباب لن يموت شعره .. لأن قصائدك يا عماه تبر خالد لا يدركه الفساد . أخيرا لا بد من أنحني لأشكركم جميعا لأنكم أحييتم ذكرى من أحببتم . فالشكر لمن دعا ودعم ولكل من حضر وحضر ، حتى لكل من اعتذر . ودمتم جراس الكلمة والنغم".
وتخلّل الإحتفال مقطوعات غنائية فيروزيّة من شعر المكرّم حرب غنّتها السيّدة ناتالي أبو طايع.
وفي الختام وقّع الأب الدكتور ميشال قنبر للحضور كتابه "جوزف حرب سمفونيّة فصول" والصادر عن "دار البنان".